فاتح عبد السلام
مداخل المدن العراقية متعبة، ليست فيها جمالية او عناية بدرجات متدنية، وغالبا ما تكون مساحات تزدحم بها محال تبديل زيوت السيارات والاطارات ومتروكات السكراب، ومع ذلك لا تكون على تماس مع الحاجات الخدمية للمسافرين عبرها، غير انّ المطارات هي المكان الذي يبقى فيه المسافرون لضرورات السفر والانتظار عدة ساعات، وإذا واجهوا ظروفا استثنائية فسيكون عليهم أن يفترشوا المقاعد ويناموا حتى مواعيد طائراتهم المتغيرة في اليوم التالي. وجميع مطارات العالم مصممة لكي تلبي هذه الظروف الاستثنائية من حيث وفرة المقاعد وسعتها مع خدمات الانترنت المجانية وتوفير الحمامات، ودورات المياه، والمطاعم، والصيدليات. هذه الصورة لا يجدها المسافرون عبر مطار بغداد الدولي، أحد أقدم المطارات العربية والذي كان في يوم افتتاحه في بداية الثمانينات من القرن الماضي من أجمل المطارات في الشرق الأوسط وأكبرها. لكن بعد خمسين سنة من انشائه لابدّ ان نفكر كيف يكون للبلد مطار دولي جديد وكبير يقوم في مكان هذا المطار أو في منطقة مجاورة ومناسبة، فالعراق هو من أفضل العُقد السهلة والاقتصادية في المواصلات الجوية، غير انّ دولاً في الجوار اخذت هذا الدور منه منذ عقود، وتراجعنا من دون ان نقف جديا عند هذا المورد المالي والنفعي العظيم، كما تفيد منه دول العالم.
ما يصلني من فيديوهات وشكاوى للمسافرين من مطار بغداد يكشف عن تراجع كبير في الخدمات ومعاناة غير مبررة تواجه المسافرين لاسيما من كبار السن وفي مواسم الحج والعمرة.
معظم المسؤولين العراقيين يحملون جنسيات أخرى والقسم الاخر مثلهم أيضا، كثيرو السفر ومطلعون على أوضاع المطارات في العالم وجمالياتها والراحة النفسية التي يجدها المسافر فيها من خلال خدمات سهلة وتعاون الأجهزة الإدارية هناك، وهذا بحد ذاته نوع من أنواع الخبرات التي من الممكن نقلها بسهولة لتحسين عمل المؤسسات والمنشآت والوزارات ذات الصلة المباشرة بخدمات الناس.
لكن يبدو انه بعد عشرين سنة، لم تعد هناك آمال معقودة على أحد لكي يسهر الليالي عاملاً على أن يكون للبلد واجهات خدمية ذات مواصفات عالمية، يراها الأجانب الوافدون والمغادرون وتعكس صورة البلد أمامهم، فضلاً عن حاجاتنا نحن العراقيين الى الخدمات الراقية قبل سوانا.
يبدو اننا وصلنا من دون رجعة الى مرحلة.. لا حياة لمَن تنادي.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية