الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مطار‭ ‬هيثرو‭.. ‬بالعراقي

بواسطة azzaman

مطار‭ ‬هيثرو‭.. ‬بالعراقي

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

 

كانت‭ ‬في‭ ‬الأجواء‭ ‬مائة‭ ‬وثمانون‭ ‬طائرة‭ ‬ركّاب‭ ‬مدنية،‭ ‬وجهتها‭ ‬الى‭ ‬مطار‭ ‬هيثرو‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬حين‭ ‬وردت‭ ‬إشارة‭ ‬طوارئ‭ ‬الى‭ ‬جميع‭ ‬الطائرات‭ ‬بأن‭ ‬المطار‭ ‬بات‭ ‬خارج‭ ‬الخدمة‭ ‬ومن‭ ‬المستحيل‭ ‬الهبوط‭ ‬فيه،‭ ‬بعد‭ ‬تعطل‭ ‬الكهرباء‭ ‬كلياً‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬منشآت‭ ‬المطار‭ ‬الكبير‭ ‬بسبب‭ ‬حريق‭ ‬مفاجئ‭ ‬في‭ ‬محطة‭ ‬كهرباء‭ ‬مكلفة‭ ‬تزويد‭ ‬المطار‭ ‬بالطاقة‭. ‬وبعد‭ ‬بضع‭ ‬ساعات‭ ‬عاد‭ ‬الوضع‭ ‬الي‭ ‬حالته‭ ‬الطبيعية‭.‬

هذا‭ ‬مثال‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬اليومي،‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تدرسه‭ ‬بلداننا‭ ‬التي‭ ‬تضرب‭ ‬في‭ ‬الغالب،‭ ‬أخماساً‭ ‬في‭ ‬أسداس‭ ‬عند‭ ‬حدوث‭ ‬ظروف‭ ‬طارئة‭.‬

في‭ ‬العراق،‭ ‬وعبر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬مرفق‭ ‬حكومي،‭ ‬أو‭ ‬خدمي،‭ ‬أو‭ ‬مدني،‭ ‬أو‭ ‬طبي،‭ ‬خاضعا‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬لظروف‭ ‬الطوارئ‭. ‬وهذا‭ ‬الحال‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬اختلاف‭ ‬ظروف‭ ‬السلم‭ ‬عن‭ ‬ظروف‭ ‬الحرب‭ ‬فيه،‭ ‬كان‭ ‬يستدعي‭ ‬إقامة‭ ‬تجارب‭ ‬وتمارين‭ ‬استعدادية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬التجريبي‭ ‬والتدريبي‭ ‬مع‭ ‬ظروف‭ ‬طوارئ‭ ‬صعبة‭ ‬تقتضي‭ ‬اخلاء‭ ‬مناطق‭ ‬سكنية‭ ‬او‭ ‬إغاثة‭ ‬كتل‭ ‬بشرية‭ ‬محاصرة‭ ‬بفعل‭ ‬هطول‭ ‬الامطار‭ ‬وانجراف‭ ‬السيول‭ ‬أو‭ ‬بفعل‭ ‬كارثة‭ ‬طبيعية‭ ‬مثل‭ ‬فيضان‭ ‬او‭ ‬انهيار‭ ‬سد‭ ‬كبير‭ ‬بما‭ ‬يهدد‭ ‬ملايين‭ ‬العراقيين‭.‬

لقد‭ ‬كشفت‭ ‬احداث‭ ‬سابقة‭ ‬في‭ ‬نشوب‭ ‬حرائق‭ ‬بأسواق‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬او‭ ‬المحافظات‭ ‬او‭ ‬حادث‭ ‬غرق‭ ‬العبّارة‭ ‬المروع‭ ‬في‭ ‬نهر‭ ‬دجلة‭ ‬بالموصل‭ ‬او‭ ‬سوى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭ ‬ان‭ ‬الاستعدادات‭ ‬الرسمية‭ ‬لمواجهتها‭ ‬ضعيفة‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬مخجل،‭ ‬بما‭ ‬يضعنا‭ ‬امام‭ ‬تساؤلات‭ ‬جدية‭ ‬عن‭ ‬ضياع‭ ‬موازنات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬توجيها‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬مهمات‭ ‬في‭ ‬سد‭ ‬هذه‭ ‬النواقص،‭ ‬وتساؤلات‭ ‬أكبر‭ ‬عن‭ ‬معنى‭ ‬التخطيط‭ ‬والمتابعة‭ ‬في‭ ‬هيكلية‭ ‬البناء‭ ‬الحكومي‭ ‬للدولة‭ ‬العراقية‭.‬

‭ ‬اذا‭ ‬يعتقدون‭ ‬انّ‭ ‬الصفحة‭ ‬نسيت‭ ‬وطويت،‭ ‬فإنّ‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الوهم،‭ ‬فقد‭ ‬وقعت‭ ‬كتل‭ ‬بشرية‭ ‬هائلة‭ ‬ومليونية‭ ‬العدد‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬عراقية‭ ‬ومنها‭ ‬الموصل‭ ‬تحت‭ ‬الحصار‭ ‬والقتال‭ ‬عند‭ ‬احتلالها‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2014‭ ‬،‭ ‬وحين‭ ‬جرت‭ ‬عملية‭ ‬استعادة‭ ‬تلك‭ ‬المدن‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2017‭ ‬ظهرت‭ ‬القوات‭ ‬العراقية‭ ‬والدولية‭ ‬العاملة‭ ‬معها‭ ‬تتصرف‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬مفهوم‭ ‬عمليات‭ ‬اخلاء‭ ‬السكان‭ ‬عبر‭ ‬عمليات‭ ‬خاصة‭ ‬ومقتدرة‭ ‬،‭ ‬قبل‭ ‬الشروع‭ ‬بعمليات‭ ‬عسكرية‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬دفن‭ ‬عوائل‭ ‬كاملة‭  ‬تحت‭ ‬انقاض‭ ‬بيوتها‭. ‬هذه‭ ‬حقيقة‭ ‬ليس‭ ‬القصد‭ ‬منها‭ ‬اتهام‭ ‬اية‭ ‬جهة‭ ‬بقدر‭ ‬القصد‭ ‬في‭ ‬اثارة‭ ‬الانتباه‭ ‬الى‭ ‬إمكانية‭ ‬ان‭ ‬تتكرر‭ ‬احداث‭ ‬مشابهة‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬وانّ‭ ‬العبرة‭ ‬ليست‭ ‬باستعادة‭ ‬مكان‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬بشر،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬بعضهم‭ ‬يتصرف‭. ‬

‭ ‬انّ‭ ‬تجارب‭ ‬البدائل‭ ‬السريعة‭ ‬الناجحة‭ ‬والمتحكمة،‭ ‬لمطار‭ ‬هيثرو‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬كانت‭ ‬حياة‭ ‬آلاف‭ ‬الركاب‭ ‬في‭ ‬الطائرات‭ ‬معلقة‭ ‬في‭ ‬السماء،‭ ‬تجعلنا‭ ‬ان‭ ‬نفكر‭ ‬عميقا‭ ‬بهذا‭ ‬الدرس‭ ‬،‭ ‬ونفيد‭ ‬منه‭ ‬،‭ ‬ونترجمه‭ ‬بواقعنا،‭ ‬نترجمه‭ ‬بالعراقي‭. ‬

 

fatihabdulsalam@hotmail.com

 


مشاهدات 66
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام
أضيف 2025/03/22 - 12:12 PM
آخر تحديث 2025/03/24 - 9:34 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 806 الشهر 14444 الكلي 10575393
الوقت الآن
الإثنين 2025/3/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير