الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عزوف الشباب عن القراءة خارج منحنى الدرس الجامعي

بواسطة azzaman

عزوف الشباب عن القراءة خارج منحنى الدرس الجامعي

هدى فاضل حسين

يقولون بأن القراءة هي من المحركات الأساسية لنهضة الحضارة على الأرض ،في تنوعها  ،حيث إنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا ووثيقًا بنقل المعرفة والعلوم بين مختلف الأفراد ،كما أنها تساعد في تطورها ونهضتها وحيويتها. التقدم بطريقة كبيرة جداً لكني أتساءل أين نحن من ذلك ..؟

ولماذا لم يعد احداً يهتم للقراءة وأين نحن من مقولة المتنبي الشهيرة (وخير جليس في الزمان كتاب ) ،بمعنى أنك  لا تخشى غوائله ويؤدبك بآدابه، ويؤنسك عند الوحشة بحكمه.

ومن أعظم الأدلة على أهميتها أنها كانت أول أمر إلهي ينزل على نبينا الأعظم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم وقوله عزّ وجل في سورة

العلق  (أقرأ باسم ربك) لهذا تعتبر القراءة من أهم وسائل كسب المعرفة والمعلومات، فهي تمكن الطالب من الأتصال المباشر بالمعارف الإنسانية في حاضره وماضيه بالإضافة إلى أثرها البالغ في تكوين الشخصية الإنسانية بأبعادها المختلفة فلا أحد ينكّر أهميتها في المجتمعات المعاصرة لذلك هي تعتبر من أهم نوافذ المعرفة بكافة أشكالها ومجالاتها التي يطلّ منها الفرد على الفكر الإنساني،فهي تعبر عن ماضي ومستقبل وآفاق الوجود الإنساني وهي عنصراً مهماً في علوم التربية التي تأكد على أهمية غرس حب القراءة في نفس الإنسان أو الشخص وتربيته على حبها حتى تصبح عادة له يمارسها ويستمتع بها فهي في المقام الأول عملية عقلية إدراكية يتم فيها تحويل الصورة البصرية إلى أصوات وكلمات منطوقة،كذلك إدراك دلالة هذه الأصوات والكلمات ونحن عندما نتكلم عن أهمية القراءة لا نتكلم من فراغ بل الكل متفق على انها   من أهم وسائل كسب المعرفة.

الركيزة الأولى لعملية التثقيف واكتساب مهارات الوعي المعلوماتي والمعرفي.وسيلة التعلم الذاتي.

التكيف والاندماج مع تطورات العصر المعلوماتي.وسيلة أساسية في ملء الفراغ وإشباع الحاجات والميول والرغبات الثقافية.وسيلة لتوسيع المدارك في جميع المجالات؛ الآداب، العلوم، الفنون، التاريخ، السياسة.

قواميس لغوية

وسيلة لإثراء القواميس اللغوية للقراء، وتنمية أذواقهم، وتوسيع مدركاتهم.

تكسب القارئ القدرة على الفهم والتحليل والتركيب والتقويم.

نعم هي كذالك نقول لماذا هذا العزوف عن القراءة يا شبابنا في أشياء كثيرة في داخلنا لكننا عندما نفتح كتابا ونبدأ بقرائته هناك عالم آخر فيه كل شيء تمنح المرء القدرة على التنقل بين الماضي والحاضر وتجعله يتطلع نحو المستقبل وآماله ، كما تمكننا من العيش في مختلف العصور من خلال قراءتنا لقصة أو رواية ما وتمنحه من المعرفة حول أحوال الأمم السابقة ، كما تمنحه القدرة على التفريق بين طرق الخير وطرق الشر.

عند مروري في شارع المتنبي لاقتني بعض الكتب رأيت ثلاث شباب وهم يبحثون عن كتب ويتحدثون فيما بينهم استبشرت خيرا قلت في نفسي مازلنا بخير صار لي المجال لأتحدث معهم الأول قال أنا أبيع وأشتري في الكتب وليس لي علاقة معها أبدا مجرد سلعة تباع وتشترى كأنه يبيع الخضروات في السوق كالطماطم والبطاطس صعقت من كلامه وقلت له لماذا فأجابني لا اهوى القراءة لكنت قراءت واجباتي المدرسية التي ركنتها على الرف ضحك وذهب اما الثاني فجوابه كان كارثة بمعنى الكارثة حين قال لدينا مكان في الصالة وهو صغير ووضعت فيه ديكور كمعرض بسيط

ووجدتها فرصة أضع فيها كتب وقد اتيت حتى اشتري الكتب وأبحث عن الكتب التي تلائم الستائر والأثاث فرأيت إنه يشتري كتب لون غلافها بيج او ألوان ليلائم أثاث الصالة ويقول لي إنه لايحب القراءة ابداً بالرغم إنه اخبرني انه طالب جامعي!! وقال انه حتى كتب وملازم الجامعة لا يعرف عنها شيء ثم ذهبت وقلت في نفسي هذا ما وصلنا اليه حتى طلاب الجامعة لا يفقهون شيئاً في العلم اللهم إلا القليل منهم أصبحنا لا نمتلك ادنى ثقافة ومعرفة لماذا أصبح شبابنا يعانون من الخواء الروحي لماذا هذا الشره الكبير للماديات عندما كنّا صغارا في العطلة الصيفية كنا نشتري مجموعة من الروايات الأدبية العربية والأجنبية كنا نقرأها بنهم وكنا نلتقي مع بعضنا البعض ونشرح ونتداول القصص البوليسية لأجاثا كرستي وكل واحد يشرح رؤيته وطريقة تفكيره في حل الجريمة أو نقرأ الرواية ونبدأ في تبادل وجهات نظرنا لمّا قرأنا ويبدا كل شيء في الحكاوي وسرد الأحداث في وكيف كانت النهاية لهذه الرويات ونقول لماذا هذه النهاية لماذا الكاتب فعل هذا ولماذا لم يفعل ذاك وهكذا….

لهذا تعلمنا كل شيء من القراءة الخارجية أو المطالعة فهي فالقراءة تجعل الإنسان محصنا فكريا، عصيا على الانقياد أو التقليد الأعمى، وعن طريقها نستطيع الاطلاع على تجارب الآخرين واكتساب خبرات حياتية لم نعشها، واكتساب مهارات المقارنة والتحليل المنطقي للأحداث والاستفادة من دروس التاريخ، فالقراءة هي الجسر الذي يفصل بين الوعي والجهل، والسذاجة والفهم، والتحضر والعشوائية، بين النهوض .

وحول أسباب عزوف الشباب عن القراءة،قال: “هناك أسباب عدة لعزوف الأطفال والشباب عن القراءة، فمن جهة توجد اليوم الكثير من الهوايات المنافسة للقراءة والتي تستهلك الوقت، منها  الانترنيت ،وألعاب الفيديو والتطبيقات الإلكترونية الموجودة في السوشل ميديا

وتُعد هذه الاجهزة وسائل ترفيه وليست مصادر للمعرفة، حيث غدت في متناول الجميع، وأصبحت تستهلك الوقت وتبعد الأطفال والشباب ليس عن القراءة وحسب،وانما حتى عن مراجعة دروسهم وحل واجباتهم .

كما هو ملاحظ مضربون بشكل خطير عن القراءة، وهم بالتالي مُعرضون بدرجة كبيرة للانحراف، لأن الشخصية (خاوية العقل) عرضة للانحراف والضياع من أن عدم القراءة يؤدي إلى ضعف مستوى التحصيل والثراء الثقافي واللغوي، وضعف التعبير، وقد يوجِد جيلا عاجزا عن مسايرة ظروف الحياة ومتطلباتها..

وقد يفوتنا هنا دور الأسرة منها إهمال الأبوين والأسرة، وعدم وجود من يشجع الأطفال والشباب على القراءة ويساعدهم في توفير الوسائل والكتب المناسبة لأعمارهم.

مواصلة القراءة

فمن الضروري توفير كل الوسائل الممكنة التي تحفز الطفل على مواصلة القراءة وتغرس مفاهيم حب المطالعة في نفسه.وهنا الكلام الموجه الى طلاب الجامعات بأنهم السبب الرئيس في عدم القراءة والمطالعة، هو قلة مستوى الارتياد للمكتبات العامة والخاصة، لاسيما من طلاب الجامعات، يعود إلى افتقار المكتبات للكثير من الكتب والمعارف الحديثة،ما يجعلهم يضطرون للجوء إلى وسائل النت للحصول على المعلومة التي لم يجدوها في كتب المكتبات ساعد والى حد بعيد على إيجاد حالة الملل والعزوف عن دخول تلك المكتبات ولو حتى من باب إشباع الرغبة بالإطلاع.

هل اصبح النت هو المشكلة الأساسية

وتحول العالم إلى قرية واحدة بفضل التطور التكنولوجي المتمثل بعالم البرمجيات والانترنت، تطور إيجابي صاحبه جانب سلبي على مستخدمي شبكة الإنترنت.  معظم المتعاملين مع النت يستخدمون هذه التقنية لغاية التسلية والألعاب والتواصل الاجتماعي الذي يمكن الجميع من التواصل مع بعضهم البعض.  اصبح النت من المشكلات الاساسية التي جعلت الكثير من الشباب يعزفون عن القراءة واللجوء إليه في كل شاردة وواردة، ما يوفر عليهم عناء البحث والتفتيش في المراجع والكتب.

 للأطفال، إن قصور مناهج التعليم وضعفها واعتمادها على الحفظ، وعدم غرس حب القراءة في نفوس الطلاب منذ المرحلتين الابتدائية والإعدادية، يعد السبب الأول في انخفاض معدل القراءة بين أوساط الشباب وطلاب المدارس والجامعات، فضلاً عن انشغالهم  والجلوس لأوقات طويلة في مقاهي الإنترنت في مشاهدة أمور لا تعود عليهم بالنفع.

ومن خلال مطالعاتي فقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة ان هناك ترابطاً مرتفعا بين القدرة على القراءة أو المطالعة الخارجية والتقدم الدراسي لأن القارىء تكون لديه ميزة عقليّة إدراكية في المقام الأول تساعده كثيراً في مواده الدراسية من حيث التركيب والتحليل والاستيعاب والفهم وايضاً تعطيه القدرة الكافية على الفهم وعلى مرونة التفكير وتتشكل لدّيه آراء مختلفة في كل المجالات العلمية والاجتماعية والثقافية وديمقراطية الحوار وهذه جداً مهمة،وفي احدى الاستطلاعات الإحصائية تقول إن الفرد الإوربي يطالع سنوياً ما معدله (8) كتب في العام إي ما يوازي (12000دفيقة) بينما لا يطالع العربي خلال نفس الفترة إلا (22)سطراً أو صفحة من كتاب كأقصى تقدير إي ما يوازي (6 دقائق) أي ان المشكلة ليست محلية فقط وإنما عربياً ايضاً.

إذن أصبحت المكتبات العامة هي فقط ما يرتادها طلبة الدراسات العليا من الماجستير والدكتوراه فقط لأجل البحوث العلمية أو ما يتعلق منها بالكتب التي يحتاجونها في مجال اختصاصهم إي ان أغلبية طلبة الجامعات او حتى طلبة المدارس لا يرتادون المكتبات بكل أنواعها سواءً الحكومية أو الخاصة اللهم إلا لشراء لوازم القرطاسية ،أحدّ الآباء اخبرني ليس لدى أولاده إي رغبة للمطالعة ويقول اجد صعوبة كبيرة في التعامل مع مذاكرة وتركيز أبناءه في دروسهم

وقال لي بأن هذا الجيل ليس لديه هذه الهواية بسبب تغير الظروف المحيطة بنا والإنترنت وغيرها من الأمور الأخرى التي تشغلهم وقال نحن في زماننا نبحث عن الكتاب الجيد حتى لو كان في مكان بعيد اما اليوم فالمصادر متوفرة وبكثرة في أجهزة الموبايل لكن لا احد لديه الرغبة بالمطالعة بينما يقضي ساعات طويلة في لعبة (البوبجي) .

المسألة تحتاج إلى جهد أكبر لكي يكون لدينا استعداد واضح لو أردنا معالجة المسألة من الناحية النفسية فأغلب طلبتنا ليس لديهم الاستعداد القرائي الذي هو حالة من التهيؤ لعمل ما فهي تتضمن العمر العقلي والزمني وكذلك نمو الشخص الجسماني والعصبي والأداء النفسي والحركي إي انها مجموعة من العمليات والأنشطة التربوية والاستراتيجيات التعليمية المصممة والمرتبطة بالمنهج العلمي وهذا يبدأ من التعليم الأساسي والذي مع الأسف مغيّب بالنسبة إلى الأطفال والطلاب في كل مراحل التعليم إذن هناك عوامل داخلية وخارجية تؤثر في السلوك البشري مثل الذكاء و النضج والعوامل الأسرية سواءً كانت اقتصادية أو اجتماعية وثقافية.

وعندما نذكر العوامل الخارجية التي تؤثر على عدم الاستعداد للقراءة منها ماهي تتعلق قابلية المادة او الموضوعات المعدة للقراءة أو المحتوى الشكلي للكتاب او حتى الإخراج الخارجي للكتاب اذن علينا تنمية مهارات القراءة وتشجيع تلاميذنا منذ الصغر على القراءة من خلال الإهتمام أولاً بالمكتبات المدرسية وتزويدها بالكتب المقاربة للمنهج الدراسي وزيادة النشاطات الطلابية بها وايضاً من خلال هذه النشاطات استضافة الكتاب والمؤلفين للتعريف بهم والتكلم معهم والتعريف للقراءة وأهميتها لهم والإطلاع على كل ما هو جديد وحديث من المؤلفات العربية والعالمية التي تتناول كافّة الميادين العلمية والثقافية التي تخصهم والقيام الإعتناء بمكتبة المدرسة وتزويدها بالكتب المتنوعة الجذابة ذات الأغلفة المتميزة – مع الاهتمام بالمضمون – وخاصة في المرحلة الإبتدائية إذ يميل الطفل إلى الصور والمناظر الجميلة وأصطحابهم إلى المكتبات ومعارض الكتب والمجلات وتشجيعهم على ذلك،لتجعل من هذه الفئة العمرية أكثر ثقافة واطلاعاً لصقل شخصيتهم وبناء ذاتهم والأعتماد على أنفسهم في المستقبل، ولا ننسى دور المجتمع والأسرة في معالجة هذه الظاهرة وان تواجد عنصري المجتمع والأسرة ومحاولة تصحيح المسار مع توجيه وإرشادهم خاصة الشباب منهم وطلبة جامعاتنا الذين يمثلون النسبة الأكبر في مجتمعنا فعملية التوعية والتحسس بمشكلات المجتمع والإسهام في وضع الحلول الإيجابية والصادقة يساعدهم على تفهم اكبر لطبيعة مجتمعهم واحتياجاته،وعلى الأسرة المساهمة في هذا الدور الفعال لتنمية الميول القرائية ليكون هناك على الأقل مكتبة في كل بيت وليست كديكور فقط حتى لغرس ثقافة القراءة منذ فترة مبكرة من حياتهم فيجب ان يكون الكتاب جزءً اساسياً من الحياة العامة للأسرة،كأحتياجاتهم للغذاء والماء.

تفعيل دور المكتبات الجامعية من خلال التعاون بين أعضاء هيئة التدريس وطلابهم وتحفيزهم على الإطلاع على الكتب والمراجع العلمية التي من خلال تكليفهم بالبحوث والتقارير التي تجعلهم يترددون على المكتبة وقبل هذا يجب على المؤسسات التعليمية نفسها ان تتبنى هذا الجانب وتحفز الطلبة والأساتذة من خلال الحوافز المادية والمعنوية ووضع الخطط المناسبة لهكذا مشاريع .

لذا ما نأمله أن يحظى هذا الموضوع بأهتمام وتركيز في المؤسسات التعليمية والتربويّة وأقول بدءا من رياض الأطفال وكل مراحل التعليم الثانوي والجامعي لتصبح القراءة عادة تمارس طوال الوقت

 


مشاهدات 543
الكاتب هدى فاضل حسين
أضيف 2024/02/09 - 9:11 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 6:01 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 321 الشهر 11445 الكلي 9361982
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير