محكمة العدل الدولية والإبادة الجماعية.. الجلسة الأولى والنتائج المحتملة

عبد الخالق الشاهر

خارج الموضوع :

كم انتظرت 11/1 موعد انعقاد المحكمة وكم فرحت عند قيام جنوب افريقيا بإقامة هذه الدعوى التأريخية في ظرف حرج وحزنت في الوقت نفسه لأني توقعت ذلك من قطر عربي متضرر اخلاقيا او ماديا كما هو الحال مع مصر وسوريا والعراق او بلد اسلامي رغم ايماني بإدنى مفاهيم الانسانية .

اما الذي احزنني خلال الجلسة فهو اني كنت في كل فرصة اختطف قناة عراقية خلال الجلسة فلم اجد الا دقيقتين لإذاعة الخبر على الشرقية ، ولم تنبس البي بي سي ولا فرانس نيوز بالعربية ببنت شفة .. انتقلت الى رسالة وصلتني من صديق يستفسر فيها عن اي فضائية يمكن له الاطلاع على بث مباشر للجلسة ؟ اجبته ان الوحيدة هي الجزيرة التي لم تنقل لنا منذ 100 يوم خبرا او صورة عن غير فلسطين ، وسألته اتتذكر كيف كنتم تتصورون الجزيرة وإن الصهاينة يسيطرون عليها وغير ذلك من التهم الباطلة ؟ فبوركت هي وكادرها وقبلهم شهدائها البررة من المراسلين الابطال وعوائلهم بالكامل  حيث جعلتني احضر الجلسة الرائعة التأريخية بالكامل رغم انها حرمتني من طعام الغذاء .

تحديد مفاهيم

عدم اهتمام الكثيرين اما نتيجة تصورهم بأن جنوب افريقيا لا ثقل لها في هذا المجال واذكر لهم انها بلد نيلسون مانديلا ومعركته السلمية ضد الفصل العنصري والتي خرج منها شعبه بإروع انتصار سلمي لم يسبقه فيه الا المهاتما غاندي ، وقد يسأل سائل لماذا لم تقم فلسطين بإقامتها والجواب هو ان فلسطين عضو ( مراقب) في الامم المتحدة والمقاومة الفلسطينية منظمة وليست دولة .

ا.محكمة العدل الدولية

تشكلت عام 1945بموجب ميثاق الامم المتحدة من 15 قاضيا ويمكن للمحكمة اضافة قاضي من كل من الطرفين المتقاضين ولا يجوز وجود قاضيين من دولة واحدة فيها وقد كان رئيسها السابق السيد عبدالقوي من الصومال .. قرارها ملزم لأطراف النزاع ويحق للدول الخمس الدائمة العضوية نقض قرار المحكمة ويشير ميثاق الامم المتحدة ان كل الدول الاعضاء فيها هم اعضاء تلقائيين في النظام الاساسي للنحكمة .

تعقد جلساتها بالاجماع وتتخذ قراراتها بأغلبية الاصوات وقد تعقد جلساتها حسب نظام الغرف (3-5) قضاة وهذا ما لم تقم به المحكمة اليوم ولن تقوم به غدا موعد الاستماع الى فريق المحامين لسلطة الاحتلال  .

الذي يهمنا من اختصاصات المحكمة هو انها تنضر في القضايا المتعلقة بميثاق الامم المتحدة والاتفاقيات والمعاهدات النافذة واتفاقية منع جريمة الابادة من ضمنها .

2. اتفاقية منع الابادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها .

اصدرتها الامم المتحدة عام 1948 وباتت نافذة عام 1951 وحددت افعال الابادة الجماعية بخمسة صور وكالآتي.. مع العرض ان « اسرائيل « موقعة على الاتفاقية .

( أ ) قتل أعضاء من الجماعة (الاثنية او الدينية او...)

(ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.

( ج) إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.

( د) فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.

(هـ) نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.

هذه الاتفاقية تعاقب الشريك والمحرض على الجريمة ان كان رئيسا دستوريا او مواطنا عاديا وتعد التعرض للمدنيين اثناء النزاعات خطا احمر ولا تزول الجريمة بالتقادم ويكون تسليم المجرمين الزاميا  .

تقييم عمل فريق جنوب افريقيا .

عمل رائع للغاية يدل على حرفية عالية ممزوجة بالانسانية بأعلى صورها .. لم يتركوا شاردة او واردة واستندوا في عرض الوثائق المصورة والفيديوية من مصادر « اسرائيلية» واستندوا الى كافة التصريحات الصادرة من المسؤولين انفسهم والتي تدل على النية (سبق الاصرار والترصد) في ارتكاب الجريمة واستخدموها بدقة متناهية ومنها على سبيل المثال لا الحصر انهم حددوا ان هناك عشرة اطفال فلسطينيين يفقدون احد اطرافهم كمعدل يومي .. او انهم ذكروا تمسك المسؤولين  بمصادر دينية (التورات) ليثبتوا ان دينهم طلب منهم ابادة « اولاد كنعان « ... انهم طلبة مانديلا .

النتائج المتوقعة

سيقوم فريق «اسرائيل» بمحاولة اخفاء جرائمها غدا والتي هي تتجاوز الابادة الجماعية بملايين الاميال فالركن المادي للابادة في احد صور الابادة الجماعية قتل واحد او اكثر من الجماعة بنية الابادة او تجويع واحد او اكثر او تهجير واحد او اكثر وكلها متوفرة مضروبة في عشرات الالاف فهناك على الاقل 100000 شهيد من شعبنا الفلسطيني مع الموجودين تحت الانقاض بين مفقود وشهيد وجريح فضلا عن ان عدد المهجرين وصل الى مليون وتسعمائة الف. فلسطيني قسم منهم هجر اكثر من مرة خلال العدوان الاخير ، وفاتني ان اذكر ان منع الجماعة من الانجاب كجريمة ابادة اشار اليها فريق المحامين من خلال اعتبار ضرب مستشفيات الولادة ومنعها من العمل وتهجير الحوامل وقتلهم  المستمر وغير ذلك .. وسيتحدث الفريق حتما عما قامت به المقاومة من اختطاف وايقاع خسائر بالمدنيين وهي قليلة جدا ولا يمكن اثبات نية الابادة فضلا عن انها ستقول عن التصريحات بأنها ليست صادرة عن صناع قرار استراتيجي

ستكون النتيجة بأذن الله لصالح فلسطين 99% ان شاء الله

اخيرا قد يسأل سائل لم لا يذهبون الى المحكمة الجنائية الدولية والجواب هو ان تلك المحكمة تحكم على الافراد قليلي القدرة على التعويض اما حكم العدل الدولية القاضي بادانة « اسرائيل « فهو يلزمها بتعويض كل الدمار الذي الحقته بغزة

الدروس المستنبطة

احد تهم الابادة كانت ان هناك تصريح بأن الفلسطينيين ينبغي معاملتهم كالحمير وعليه ينبغي لنا ان نبتعد عن (الموت لاسرائيل ) فقد سبق لها ان جاهدت ليصدق العالم وصدق فعلا تصريح ( سنرميهم في البحر) الذي اضر بالقضية الفلسطينية بينما كان التصريح ( بالبحر جائوا وبالبحر سيعودون) فضلا عن درس أخر لكل الطغاة الدوليين والمحليين ان يعلموا ان تفعيل النشاط القانوني الدولي هو افضل من التصريحات والشعارات وليروا كيف ان الغشاوة التي وضعها الاعلام الصهيوني العالمي هي زائلة بأذن الله . نعم كم فاتنا كدول مظلومة على الدوام من اللجوء للمحاكم الدولية بدلا من النواح والسب والقذف .