فاتح عبد السلام
الضربات الجديدة في اليمن، دليل على انّ ليس للدول الكبرى لغة تفاهم مع حكام اليمن او راعيتهم الأولى ايران. والدول القاصفة تمتلك تكنولوجيا عسكرية قوية تستطيع ان تحقق إصابات دقيقة للأهداف التي اختارتها، لكن في واقع اليمن وظروفه لا تعني اية ضربات من هذا النوع ان الهجمات التي يشنها الحوثيون سوف تتوقف، وستبقى الضربات المتبادلة لفترة يحددها امد الحرب في غزة من جهة ونفاد الإمكانات العسكرية في اليمن بسبب التدمير او الشحة. لكن من حيث المبدأ فإن صفحة اليمن فتحت بهذه الضربات على نحو جديد ولم تطوَ كما يتخيل بعضهم. ذلك انّه توجد أساليب يمكن أن يلجأ اليها الحوثيون في اليمن تشبه حرب العصابات البحرية والقرصنة تعويضا عن تدمير امكاناتهم الصاروخية، وهذا احتمال ممكن بسبب قوة الآلة العسكرية الامريكية وقوة حلفائها على الحاق الأذى بالخصوم، مع مراعاة اعتبار خاص في اليمن متعلق بالجغرافيا الصعبة التي تتيح حماية معينة وبحدود تفوق عمّا لدى الدول الأخرى من عناصر حماية.
لا تبدو إسرائيل ومَن معها في وضع مريح في حرب غزة بالرغم من الدمار شبه الشامل الذي لحق بالبنية العامة الاجتماعية والإنسانية للاهالي هناك، لاسيما ان إسرائيل باتت سمعتها بيد محكمة العدل الدولية وخصمها دولة جنوب افريقيا التي لا يبدو لتل ابيب تأثير في سياساتها ومبادئها. و كذلك يتكرر منحى السيناريو اليمني في انّ الهجوم الإسرائيلي بهذا الثقل قد يدمر الهيكلية الظاهرة لفصائل المقاومة لكنه لا ينهي فكرة القتال من اجل الأرض والحقوق، حتى لو نزلت الإمكانات العسكرية الى مستويات غير منظورة في القطاع.
صورة توحي بالمأزق المتداخل والمتشظي، ومن الصعب لملمة أشلاء هذه الصورة وإعادة تركيبها بحسب تمنيات الطرف القوي لحساب مصالحه.
اعود للقول مجددا انّ العد التنازلي يجب ان يكون بداية الحل ومنع انتشار الحرب، اذ ان بيد ايران وحدها قرار عدم توسيع دائرة الحرب، وهي استجابة مصالحية للدعوة الدولية، كعادة إيران في دفع أذرعها لأداء مهمات خاصة، ثم تقطف نتائجها في التوقيتات المناسبة لها ،لاسيما في منعطفات التفاوض من أجل حل مشكلاتها الدولية العالقة، المتعثرة أو التي لم يحن وقتها حتى اليوم.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية