( لاي- فاي ) الزمان (47)
پنتاغون وكپتاغون وهكساغون وبقيّة الأخبار
عبد الرضا سلمان حساني
في مساحات الذاكرة وثناياها وتوجهاتها وجهاتها الأربع، عناوين ومضامين متشابكة ومنفردة كثيرة يتطلّب تحليلها مدخلات واضحة ومباشرة لكي تُعنى العقول في تبيينها وتوطينها. وقد رأيتُ في نمذجة عنوان هذا المقال بعض المعاملات المتشكلة بأحايينها الزمنية، وكأنني أقول، بأنني أكتب في زمن تغلب فيه الإفتراضية على الواقعية لكثرة الفضائيين،
وفي إطار سلطة الغروب قبل الشروق والزفير قبل الشهيق وديمقراطية بالألوان ، ومفاجآت متكررة يتحوّل فيها شخص من
( مديونير ) الى
( مليونير ). وكذلك تأشير
وسائط الإعلام لحالات فيالهشاشة السيكولوجيّة لدى بعض الشرائح المجتمعيّة وبيئة مناخيّة عالمية ومحلية قاسية ومهيمنة تتمثّل بهزّات أرضيّة وأعاصير وفواجع
و إرتفاع درجة حرارة وضراوة مرارتها وفيها معنيّون يميلون لولاء دون وفاء. لقد أردتُ أن أختصر أحداثاً واسعة في الزمان والمكان والنتائج بتسميتها المعروفة في السابق كالپنتاغون ( في غزو العراق) وفي اللاحق كالكپتاغون والهكساغون
( أو الكريستال كما أسمّيه وأخذته من إسم لنمط وجه بلّورة باللغة الإنگليزية- كريستال- ومنها ماله ستة أوجه- هكساغون).
الپنتاغون (Pentagon)
وهو الإسم المعروف لوزارة الدفاع الأمريكيّة؛ وهنا هو تعبير عن الجيش وتشكيلاته وتدخلاته العسكرية وما أكثرها.
سُمّيت بهذا الإسم لأنها
بناية مصممة ومبنيّة بخمسة أضلاع. ومن المعلومات المنشورة عنها، أنها شُيّدت على مساحة مقدارها 0.613 كيلومتر مربع، وفيها 23 ألف موظفاً بميزانية
100 مليون دولار سنوياً للعناية بالأسنان فقط قبل إدخال نوع من العلكةالخالية من السكر لمقاومة العطش وتعقيم الأسنان واللثّة. يعلك الجنود لمدة عشرين دقيقة بعد كل وجبة ثلاث مرات يومياً ليزيد من اللعاب ويعادل حموضتها ويقضي على آلام الأسنان.
يشرف العاملون والمختصون على تطوير وتحديث القدرات القتالية في الهجوم والدفاع. وتفاصيل حروب ومواجهات الجيش الأمريكي كثيرة وموثقة، وكان غزو وإحتلال العراق في العام 2003 حدثاً عدوانيّاً مقيتاً.
على مدى أكثر من مائتي عام، إرتبط إسم الجيش الأمريكي مع العديد من العمليات العسكريّة والحروب، وأبرزها بشكل رئيسي وبارز هي ماسمّيت في صفحات الپنتاغون والتوثيق بالحرب الباردة.
غزو العراق
( وما تسببت من آثار على شعوب) وحرب المكسيك والحرب الإسپانية الأمريكية والحرب العالمية 1 والحرب العالمية 2 والحرب الكوريّة وحرب ڤيتنام وحرب الخليج والعدوان السافر الظالم على العراق وحرب أفغانستان وفي پنما وليبيا ومناطق أخرى من العالم وكان آخرها جريمة غزو العراق وتدمير البنى المدنية فيه وتفكيك مؤسساته بأساليب وأدوات تبعيّة منظّمة.
لقد بدأت عشرات من القنوات الإعلاميّة بالبث الفضائي بعد الإحتلال، وهو ماقاله الرئيس بوش في الأيّام الأولى لغزو العام 2003، وإعتبرها معياراً لنشر (الديمقراطية). وتحدث أيضاً عن صدور المئات من الصحف المحليّة في العراق، كلّها وغيرها من ملامح الفوضى(الخلاّقة) كانت وما تزال في بعض الجوانب مثل (فاصل ونواصل).
وفي زمن الإحتلال وإرتباك وإشتباك متغيرات الإدارة التنفيذيّة، يشهد المجتمع وأوساط البيئة تعطّل البنية التشغيلية الأساسية والمصانع وزحف الجفاف ومؤثرات قاسية لتغير المناخ، دون محاصصة، وجيوب أفراد تمتلأ بالمال وتغصّ بثمارها وإستثمارها، كما تورد وسائط الإعلام وأطراف الحديث وبعض المتحدثين. وبمرور السنين، بعد العام 2003، بدأ الحديث عن أنّ الغزو الظالم جاء بدوافع مضللة فحواها مثلّث من التضليل والكذب والخداع لتبرير غزو العراق.وهذا يجعلنا، وكأننا، نغوص في التفكير لوهلة ونتذكّر أسرار إستوائيّة في مثلث پرمودا أو مايُطلق عليه أحياناً بعرش الشيطان.
وفي خضم تحليل متغيرات وتداعيات عالمية، أصبحت
مواقف بعض الدول تُحدد بإرخاء حبال ممسوكة بيد إدارات دول كبرى بدلاً من حبال المحبّة والوِد التي يجب أن تمتد بين شعوب القارّات السبع في العالم. وفي صور عالية الدقة لما حدث ويحدث، يتبادر الى الذهن بأن نقول بأنّ هناك حاجة حقيقيّة لإكتشاف قارة جديدة ثامنة لإيواء اللاجئين والنازحين وضحايا الكوارث الطبيعيّة والمناخ والإقصاء الممنهج في المجتمعات وربما جوانب من التكنولوجيا وسياسات الفوضى الخلاّقة.
وليس بالضرورة أن يكون هناك إرتباط بين مفردات مثلث العنوان أعلاه، ولكن المتغيّرات عديدة، ومن الصعب التنبؤ، كصعوبة أو إستحالة التنبؤ بلحظة حدوث الهزّات الأرضيّة.
كپتاغون ..هكساغون
ونرى عناويناً بارزة حول مفاجأة حركة وتحريك هذه المواد وعناصرها الفعّالة وإنتشارها بعد إدراج واضح عن معامل ومصانع لها ترد هنا وهناك في الوسائط الإعلاميّة. لقد أوردت مفردة هكساغون هنا لأعبّر عن ( الكرستال) وإجتهدتُ بلفظ الكلمة، لأنّ هذه الكلمة ( كريستال) بالإنجليزيّة تعني بلّورة وإنّها سداسيّة
(هكسا) قي بعض أشكالها الهندسيّةليس الأّ.
وفي تفاصيل الأخبار، يعرف القارىء توجهات وإتجاهات إنتشار الكريستال وأوساطه وإيرادلته ومصادر بيعه وغيرها من المعلومات في نشرات وإشارات الأخبار.
وما من حديث يأتي عن هذه المصادر المدمّرة وغيرها إلاّ وإن كانت أدوات لغويّة في مقدمتها. فتأتي كلمة (لو ) في اللغة
العربية، وتمتلك خمسة أوجه؛ واحد منها للتمنّي،
و(كَم) الإستفهاميّة و(كَم) الخبريّة وغيرها. ووسط هذه الحروف، برزت العديد من العناوين والمضامين والظواهر. وهنا نحن بصدد
( فينيثايلين) وهو الإسم العلمي للكپتاغون.
وبين عناوين مضطربة ومتشابكة، يبدأ هذا المركّب بالإنشار في أوطان وأنحاء كانت نظيفة ونقيّة منه ومحرّمة عليه قبل إختفاء عوامل السيطرة بالقانون وتوهين الإيثار، العوامل التي كانت سائدة ومصانة بهويّتها المعرّفة والمعروفة بشهادات دول العالم. وما قيل في آخر الأخبار، وجود 14 طناً من هذه المواد بما يعادل 84 مليون كپسولةيتم التعامل بها تصنيعاً وخزناً ونقلاً، وننتظر مايرد تباعاً من أخبار الحدود.
مسار الأيّام
(بين قصور وخيام)
كثير منّا قرأ رواية
( الأيّام) التي كتبها
الأديب طه حسين، ونتذكّر بعضاً من محتواها في حوار ذي علاقة.أكثر من 500 صفحة في رواية الأيّام، تحكي سيرة الأديب الكبير طه حسين، وفيها عشقه وحبّه لفتاة فرنسيّة تزوّجها. وكلّنا يعرف أنّه كان أعمى، فعشق بأذنه مثلما فعل شاعر العصر الجاهلي بشّار إبن بُرد الذي كان أعمى أيضاً حين قال:
(ياقوم أذني لبعض الحيّ عاشقة
والأذن تعشق قبل العين أحيانا).
باب النميمة
وبعد هذا التقديم، أصبحتْ أيّام الأسبوع بعد الإحتلال في العام 2003 أيامى وذات ألوان كالأحمر والأسود مثلما أووردتها وسائط الإعلام في حينه بسبب الأحداث التي تخللتها. ومن باب (النميمة) النقديّة الناعمة والتماس المحاكي حول الأيّام، صرنا نتذكّر ماقيل عنها في الألحان. فمثلاً، ماكتبه علي الباز وغنّته فائزة أحمد بلحن محمد سلطان، عن حبيب الأربعاء، لكي لانعرف من اليوم سوى إسمه( كلّما أدريه أنّ اليوم كان الأربعاء- كما تقول كلمات الأغنية). وما دمنا في فن الأيّام ، فلا ننسى
( لعبة الأيّام) لوردة وبين ضحك الأيّام وغدرها عندما تعني الحبيب، وكذلك في يوم من الأيام وعدتَ يايوم مولدي وغيرها . وبالمقابل، وحين أصبحتْ العطالة متداخلة مع العطلة بسبب توقف المصانع والمعامل وإرتباك الغلّة الزراعيّة وحصاد المواسم، أضحت وسائط الإعلام تأتينا ببرامج تحمل إسم الأيّام وفيها هذه الأيّام وتلك الأيّام وحوارات متنوّعة المضامين أمام الكاميرا وخلفالمايكروفون وتغيّر المناخ وطباع البشر. ولكي نحاكي بعض الأحداث، أقتبس أسماء وردت في المسرحيّة الكويتيّة
( باي باي عرب)، حين تحوّلت بعض الإيرادات الى (دولار عبدالغني) و (ليرة عبدالغني) و (يَن عبدالغني) وما وردت من نصوص تعكس جانباً من الواقع. وفي نفس إطار المتغيرات الماليّة وأسواق النقد، نذكّر و نتذكّر موازنة ثلاثيّة ترليونيّة أُقرّت هذا العام 2023 وبعض الطعون المطروحة بشأن مضامين فقراتها كما قيل في مواقع الأخبار والأحبار ومنصّات تواصل في كلّ الأنحاء.
ولاننسى رواية( يوميّات نائب في الأرياف) للكاتب الكبير توفيق الحكيم الذي يروي في جانب منها عن الفساد في القضاء والإدارة في عقد الثلاثينات من القرن الماضي وفيها كُتبت الرواية.
ولو أردنا سرد ماحلّ بالبيئة والقطاعات الخدميّة ومفردات العيش وسبل التعامل وصور
جفاف ودرجات حرارة خمسينيّة في مدن الجنوب واإستمرار التحدث عن محاربة المفسدين والفساد
و..و..، لتطلّب الأمر فصولاً للكتابة وشراييناً وأوردة عامرة ونبضاً إضافيّاً للإنفعال.
فأعود الى ماأوردته في أعلاه من نمذجة لأضيف رسوماً توضيحية بكلمات ، ومنها:
- نترحّم على ضحايا الزلازل والأعاصير ونتذكّر قصيدة الشاعر أحمد شوقي، درسناها قبل عقود، ومطلعها:
( تلك الطبيعة قف بنا ياساري حتى أُريك بديع صنع الباري الأرض حولك والسماء إهتزّتا لروائع الآيات والآثار ).
ونقول، إذا كان من الصعب التنبوء بحدوث زلازل باطن الأرض، فإنّ زلازل محو الفساد وتعرية المفسدين لها ملامح وستخبر عنها الأيام. وعلى المعنيين التحدث عن الأسباب التي تودي بالكوارث وليس النتائج.
_ في العراق رجال أصلاء، إذا إهتزّت بهم قيم المبادىء ، تبقى قيم الرجولة شاخصة وفاعلة فيهم ومنهم وعليهم في البناء والعزيمة. إنّ من معايير جودة إقتصاد البلدان وإدارته هو رغيف الخبز الذي يشهد تزايداً في السعر ونقصاناً في الوزن،
وهو مايجبرنا على أن نتذكّر مفتشيّ التموين للمخابز أيام زمان.
-صبر وإحتساب تماضر
(الخنساء) العصر التي دعت من الله أن يجمعها مع أولادها الأربعة الذين أُستشهدوا بمعركة القادسية، في مستقر رحمته. وكلّنا نتذكّر قصيدتها في رثاء أخيها صخر الذي تتذكره في كل طلوع وغروب شمس.
- بعض محاربي الفساد، مثلما يدّعون، لم يجدوا فاسدين لكي يحاربوهم فوجدوا آثاراً في جيوبهم ليقفوا جانباً ويظنّوا هكذا هو الخيار في المسار.
- وما حدث ويحدث في مخيّمات أخوتنا الفلسطينيين في جنين وعين الحلوة وجانبيّ الفرات؛ الشرقي والغربي ووسطه يحتضن ملامح الجفاف الزاحفة وما ستأتي به الأيام القادمة ومعاناة تضاؤل التنمية المستدامة.
هذه العناوين وغيرها كجفاف النيل الأزرق، تبقى شأناً حيويّاً في يوميّات العروبة والإنسانيّة.
- إفتعال الأزمات والزلاّت وفرض الشروط في خطابات مواجهة ومنها يأتي من أطراف كانت صامتة، لكي ينطبق عليها المثل العراقي( الطابوق نام والشگنّگ قام)؛ والشگنّگ هو كسور صغيرة من الطابوق المتروك الذي لاتفيد في البناء ولا في الترميم.
- خطوط التماس والوسواس في أفريقيا بدأت تتعرّج وتتموّج، والأحداث
بدأت تتسارع وتسجّل أرقاماً وتداعيات تصنعها الكوارث الطبيعية وصراعات المصالح والسياسة. وننتظر، ربما ، تمدّد الأحداث على طول السواحل المائية وصولاً الى بعض دول آسيا التي شهدت هزّلت أرضية مدمّرة قبل شهور ليست ببعيدة.
لقد أطاحت الأعاصير في ليبيا بكبار المناصب لأسباب معلنة. والمسؤولون، في بقاع أخرى، عن الجفاف وضياع الحقوق وتغيّر البيئة الخضراء وكذلك من جعلوا الخيام والقصور هنا وهناك، فلهم جولة وسطور في محتوى بقيّة الأخبار.
سطور الختام
بمدينتنا أبواب مقفلة وظلام ليل وجسور
وحبيبة أزمان واحدة تنتظر خلف السور
ومفاتيح ضاعت في نهر
لاماء فيه ولانور
ودروب متلهّفة تنتظر فارسها
يحمل بكفّيه فيض الماء وكلمات مرور
====
( پروفسور فيزياء الپلازما- عضو معهد الفيزياء في المملكة المتحدة)