الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إرادة المجتمع بين مآل يتكلّم ووعي كاذب

بواسطة azzaman

إرادة المجتمع بين مآل يتكلّم ووعي كاذب

مزهر الخفاجي

 

إرادة المجتمع: هي الفرضية التي يقول فيها ( جان جاك روسو) :

- « إنّ على كل شخص في الدولة أن يُشارك في الإعراب عن الإرادة رأياً وسلوكاً. فلا ينبغي

للناس أن تهتم بمصالحها الخاصة فقط، حيث إنّ هذا من شأنه أن يؤكد إرادة الكل، وبدلاً

من ذلك فإنّه يتعين أن يصوتوا أو يعبروا أو أن يكتبوا أو يقبلوا أو يرفضوا تحقيقاً

لإرادة الجميع (General Will )» حيث ان الاعراب عن الارادة والراي الحقيقي النابع من ارادة جماهير الشعب ومصالحة .

وقد طرح( جان جاك روسو) الفرضية القائلة:

- « أنّ كل ذلك النشاط من شأنه أن يَحدُثَ في مجتمعات صغيرة... ثم تباعاً ينتشر في المدن  الكبرى».

وان ارادة الجميع هذه تستلزم كما يقول بعض المفكرين الى تجاوز مفهوم (الوعي الكاذب) او النفاق السياسي او تزوير الرأي .... والمقصود به- الوعي، تلك المشاعر المشتركة بين الجماعات، التي تؤدي الى القيام بفعل جمعي يتم التعبير عنه من أغلبية الطبقات لمصلحة أهداف غير مشتركة.

والمقصود بالوعي- القصد ( الوعي الكاذب) نجد في براهينه السياسية أمثلة عديدة، فكثير من رؤساء النقابات والجمعيات أو النقابات والهيئات المستقلة يتم فيها تعيين أسماء من الأحزاب المُتخادمة مع الدولة أو صاحبة القرار فيها، معبرين عن وعي كاذب بإرادة المجتمع وقوانينة ومصالح شرائحه في حرف ارادة المجتمع .

وبهذا الأمر يحصل توكيداً عن إرادة المجتمع وحريته في التعبير عن رؤاه ومصالحه واصبح واقعاً تحت سطوة ( وعيٍ كاذب) لا يعبر عن نبض الشارع، ولا عن تطلعاته.

حيث يتفق معظم الباحثين في الفكر الاجتماعي- السياسي على أنّ غياب الوعي الحقيقي للإرادة الوطنية الحرّة، إنما يكمن في ثالوث هو:

ارادة جماهير

- جاهزية الجمعيات النقابات المنظمات الاتحادات ووسائل الاعلام لممارسة حقها في تشكيل رأي عام يعبر عن ارادة الجماهير ويطرح مطالبها بلا تزلف .

- إنتقائية الفهم للديمقراطية في الفعاليات السياسية.

- استخدام المال السياسي في حَرفْ إرادة المجتمع.

أما في موضوعة جاهزية المجتمع لممارسة حقه في التعبير عن رأيه في حدثٍ ما، الذي هو الركن الأول فإنه يتسم بـــ:

أولا: غياب الوعي الديمقراطي وآليات ممارستها.

ثانياً: إنّ الديمقراطية قائمة على حضور الفعاليات السياسية (أحزاب- تيارات) القادرة على

ممارسة حقها في التعبير عن طريق التنافس، وبالتالي يكون صندوق الاقتراع في

الانتخابات هو الفيصل، وليس الطائفة أو الطبقة أو العشيرة أو المنطقة او التزوير او التزييف .... وغيرها.

أما الركن الثاني في الفهم المضلل للفعاليات السياسية، إنما يكمن في فهم الفعاليات السياسية للحرية، ومحاولة سرقة ارادة مجتمعاتنا الوطنية.

وذلك من خلال ترويجهم لمفهوم مخالف للمفهوم الحقيقي لفلسفة الحرية، حيث أنهم يروجون عن أنفسهم على انهم في خدمة إرادة الناس وان التعبير عنها يخلق مستقبل أفضل لهم، ومن ثمّ تتحقق العدالة النسبية المؤمل منها لهم أيضاً، ممّا أدى الى خلق وعي مجتمعي كاذب وواهم في الفكر الجمعي واساء للديمقراطية حينما تحول الجمهور الى ضحية لممثلاً سياسي براغماتي كاذب اثرا على حساب الشعب واساء لقيم الحرية والعدل ومارس شكلاً من اشكال التدليس السياسي .

كل هذا من أجل خدمة اوليغارتياتها الحزبية، وحَرفْ ارادة مجتمعاتها عن جادة الصواب، فبدل أن يكون وعي الجماعة السياسية منصباً في خدمة وعي ومصالح ارادة المجتمع، صار يصب في خدمة ( رموزها وعوائلها- أو زبانيتها فقط).

ركن ثالث

هذا الأمر... نتج عنه تمظهر كاذب لإرادة الناس.

والركن الثالث، الذي أصاب ارادة المجتمع في مقتل، إنما يكمن في استخدام المال السياسي ( الحكومي- أو المال الذي يأتي عن طريق الفساد بكل أشكاله) من أجل تطويع ارادة المجتمع.

وقد ذُكِرَ في الكثير من أدبيات الفكر السياسي على أنّ ( المال يتكلم). وهذا المال الحكومي أو الفاسد لم تتوقف مساحة تأثيره واستخدامه او حركته على وقته الآني من الناحية الاقتصادية او التجارية.

بل إنه أستخدم في وقت مُبكر لصناعة الوعي الزائف من خلال استخدام الأدوات البشعة والماكرة من أجل توفير حاجات ومصالح الناس، وذلك لمعرفتهم بغياب مساحة الوعي لديهم.

حيث تمّ العمل منذ وقت مبكر من أجل حَرفْ مفهوم الارادة الحرّة للمجتمع، وابعادها عنهم لكي لا يستخدمونه من اجل زيادة وعيهم وحقهم ودَورهم وزخمه الكبير في عملية التغيير، وقد تم ذلك من خلال شراء هذه الإرادة مع الأسف بثمنٍ بخس من أجل مصالحهم الخاصة.

وفي هذا المقام يبدو ان ( الأموال الفاسدة) قد خربّت قيم المجتمع. فقد كرست كل هذه الافعال من أجل اساءة فهم المجتمع لمفهوم الحرية وقوة ارادته، وكذلك تزوير مفهوم الوعي الحقيقي.

لكي لا يعبروا عن حقهم في التغيير، ومن اجل خلق وعي كاذب وسطحي أوهم المراقبين والمجتمع على حدٍ سواء، على أنّ ما يسوقونه من ما يظهر على السطح من حرية وديمقراطية ما هو إلا تعبير عن ارادة المجتمع الحقيقية.

وفي رأيي ان هذه الممارسة واقصد هنا ( استخدام المال) في حرف ارادة المجتمعات إنما هو مدعاة لظلم جديد... حيث استطيع أن أسميه ( دكتاتورية الديمقراطية).

وهو كذلك، حيث انه سيساهم بشكل أو بآخر في استمرار المجتمعات، ومنها المجتمع العراقي والعربي في أنها تقبع تحت نير طبقة تستخدم جوائح/جائحة اجتماعية عديدة ونقصد ( الطائفية أو الفساد أو الوعي الكاذب).

وذلك من اجل حرمانها من اعظم حقوقها، التي نصّت عليها كل الشرايع السماوية والوضعية وذكرتها في نواميسها بوضوح، ونقصد ( الحرية).

وهنا لا ندعي ان مجتمعاتنا واقصد ( العراق والدول العربية) هي موسومة بشكل اوتوماتيكي بغياب ارادة مجتمعاتها الحقيقية في فعالياتها السياسية والاجتماعية والثقافية.

ولكن من المعيب أن نجد دولاً مثل ماليزيا- سنغافورا- تركيا، التي لعبت فيها ارادة مجتمعاتها الدَور الكبير في تغيير مسار افرادها ومجتمعاتها ودولها، فيما نبقى نحن منغمسين او خاضعين لتمظهرات وعيٍ كاذب.. لمجتمع حي حالم بحرية تحافض على اوطانهم ووعي يساهم في نهوض مجتمعاتهم وان نتمسك بفرصة الحرية المتحققة من اجل انتاج مفهوم الوحدة الوطنية الجامعة والتي لن يتكلل نجاحها اي ( الحرية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ) الا بمشروع وطني جامع تتبنى فيه المشروع الجديد رؤى حقيقة ملتحمة بالارض ومدافعة عن قيم ونسيج مجتمعاتها .. شرط ان تحسن الجماعة الوطنية وهي تعيش مرحلة الفرصة واختيار ادواتها .


مشاهدات 184
الكاتب مزهر الخفاجي
أضيف 2023/09/26 - 5:31 PM
آخر تحديث 2023/11/28 - 7:19 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 214 الشهر 214 الكلي 8928053
الوقت الآن
الجمعة 2023/12/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير