الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مختصون: الإبتزاز الإلكتروني جريمة تكمن خطورتها بسهولتها

بواسطة azzaman

ظاهرة تشكل مصدر قلق مجتمعي لإتاحة وسائلها لجميع الفئات العمرية

مختصون: الإبتزاز الإلكتروني جريمة تكمن خطورتها بسهولتها

 

كربلاء - اسيل عبد الجبار الربيعي

 لم يكن ليعلم مخترعو وسائل شبكات التواصل الاجتماعي انه في يوم من الايام سوف تستعمل هذه الوسائل في الاجرام والابتزاز لبعض مستخدميها, حيث كان الغرض من هذه الاختراعات في مجالات عسكرية وبحثية لكن مع الوقت اعتمد عليها في جميع المجالات الحياتية، ولعل من اكثر اسباب ظهور هذا النوع من الجرائم هو التزايد الكبير في عدد المستخدمين لهذه الوسائل.خاصة في مجتمعنا العراقي حيث بدأت ظاهرة الجرائم الالكترونيّة تنتشر، لاسيما الجرائم التي تستهدف النّساء، ومنها جرائم الخيانة الزّوجيّة أو ابتزاز الفتيات والقذف والتّشهير وهتك العرض بحقهن عن طريق مواقع التّواصل الاجتماعي ,ما تسبب بمشكلات كبيرة عصفت بتماسك الأسر ، وواقعًا إن انتشار تلك الجرائم يعود إلى ضعف تطبيق القانون في العراق حاليا، إضافة إلى تراجع المنظومة الأخلاقيّة والقيميّة في المجتمع، وغياب الوازع الدّينيّ، وتفشي الفقر والبطالة التي يعيشها الشباب، كما أن الجرائم الالكترونيّة بمختلف أنواعها مثل القذف والسّب والتّحرش الجنسيّ والتّهديد بالسّلاح والإرهاب وزادت خلال مدة التّباعد الاجتماعيّ منذ تفشي جائحة كورونا وباتت تشكل 35 بالمئة  مقارنة بالجرائم الجزائيّة الأخرى.

ومنذ أن دخلت وسائل التواصل الاجتماعي إلى العراق بعد 2003 انتشرت جرائم الابتزاز الإلكتروني بشكل واسع وتطوّرت مع مرور الوقت وخرجت منها عصابات منظمة، خاصة مع ضعف تطبيق القانون في العراق والتعامل غير الحازم مع هذه القضايا وإيجاد تشريعات قانونية مجدية وحديثة مع التطور التكنولوجي الحاصل، وفي بعض الأحيان، تصل الأمور لما هو أكثر من ذلك، وتزداد وتتنوع الجريمة في هذه الوسائل  وإن المحاكم العراقية تنظر بكثير من قضايا الجريمة المنظَّمة التي تحترف الابتزاز الإلكتروني، والذي ويعدُّ من الظواهر المستحدثة بفعل التّطور الحاصل والتّقدم الكبير في تكنولوجيا المعلومات فالعصر الذي نعيش فيه يسمى بعصر التّقنيّة، الذي جعل من العالم قرية صغيرة، وأصبحت التّعاملات إلكترونيًا وبسهولة باستخدام الهاتف المحمول وغيره إلا أنّ المخاطر الكامنة وراء تغلغل هذه التّقنيّة والأفراط، والجهل في استخدامها والتّعامل معها له ما يبرره، وتكمن الخطورة في سهولة استخدام هذه التّقنيّة مع شدة أثرها وضررها على أفراد المجتمع لاسيما القاصر أيّ الفتاة غير البالغة سن الرّشد وغير مكتملة الأهليّة، ولكون الابتزاز الالكترونيّ تهديدًا أو ترهيبًا يقع على شخص ضعيف متمثل بالفتاة القاصر للحصول على مكاسب معينة. وقد يسوء الأمر بالنسبة للنساء اللاتي لا تستطيع اللجوء الى الاجهزة الامنية في حالة تعرضها للابتزاز وذلك خوفا من الاهل والخوف من الـــــــعادات والتقاليد التي كانت ولا زالت تؤثر على المجتمع وعلى طبيعة علاقــــــاته المختلفة الامر الذي يدفع البعض منهن الى الانتحار او تعرضهن للقتل من قبل ذويهم.

بنية المجتمع

فلا تزال نسب جرائم الابتزاز الالكتروني تتزايد وتنمو في العراق لتشكل تهديدا آخر يستهدف بنية المجتمع بجميع مكوناته واخذت تنهال البلاغات والشكاوي لمديرية جهاز الامن الوطني و قسم مكافحة الاجرام والشرطة المجتمعية في وزارة الداخلية من المواطنين المستخدمين للمواقع الالكترونية المختلفة أبرزها موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) (تليغرام) (واتساب) (انستغرام) تفيد تعرضهم لوقائع النصب والسرقة والابتزاز من قبل مجهولين .

رجل الدين الخطيب احمد عباس الخفاجي تحدث الينا  عن رأي الدين عن هذه الظاهرة فقال : (إن الابتزاز وسيلة محرمة لتحقيق أمر محرم اجتمعت فيه حرمة الوسيلة وحرمة الغاية) ، قال تعالى (ووالذين يؤذون المؤمنين والمؤمنت بغير ما اكتسبو فقد احتملوا بهتنا واثما مبينا) وان الرسول (صلى الله عليه وآلة وسلم) نهى بنفسه بشكل صريح ومباشر عن ترويع المؤمن وتهديده أو تخويفه بأي شكل من الأشكال، حيث جاء عنه أنه قال (لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً) ، فإن التخويف والتهديد يؤثر على حياة الفرد بشكل كبير سواء من الناحية النفسية أو من الناحية الاجتماعية، وأن المُبتز يستــــغل ذلك الأمر للتأثير على تصرفات الضحية وإرادته).وبين الخفاجي (هناك بعض العلماء يشيرون إلى أن الابتزاز من أشد أنواع الــــظلم وإن الظــــــلم حرمه الله على العباد وحرمه على ذاته العليا، فإن تهديد الشــــــخص بأن يقوم بفعل لا يريد فعله وابتزازه من أنواع الظلم البين وإن الظلم ظلمات في يوم القيامة، وعلى من يقوم بهذا الجُرم أن يستعد لعقاب الله سبحانه وتعالى.

و يرى مدير الشرطة المجتمعية في كربلاء علاء عزيز الغزالي (ان جرائم الابتزاز الالكتروني أصبحت مصدر قلق لجميع افراد المجتمع وخاصة النساء والفتيات حيث ذهب ضحيتها الكثير وصلت حد القتل والانتحار والاعتداء الجنسي . كما ان لهذه الجريمة تأثيرا على قضايا العرض والشرف فالمجتمع العراقي يعتبر من المجتمعات التي تمثل هذه الجريمة عاراً ).

وبين الغزالي ان (الابتزاز الالكتروني هو عملية تهديد بنشر صور او فديو او معلومات شخصية وحساسة بهدف الاضرار به ، إذا لم تستجيب لرغباته المادية او الجنسية ، ويعتبر أيضا محاولة اكراه وسلب إرادة وحريه لإيقاع الأذى الجسدي او المعنوي على ضحاياه ، فيستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، لتحقيق غاياته الاخلاقية .

فتكمن خطورة هذه الجريمة في سهولتها واتاحت وسائلها لجميع الفئات العمرية وكذلك سهولة محو ادلة الاثبات وتعد الاسرة من أقوى عوامل التأثير الاجتماعي في صياغة شخصية الإنسان، فأن من اهم دوافع الابتزاز الدافع المادي والدافع الجسدي والدافع النفسي).

وتحدث القانوني حميد الهلالي  قائلا: (لم يتطرق قانون العقوبات لعراقي رقم  111لسنة  1969لنص جريمة الابتزاز الالكتروني كونها غير شائعة حينذاك في العراق ولم يجري اي تعديل او اضافة للقانون بخصوص هذه الجريمة وهناك قانون يناقش الان في مجلس النواب يختص بالجريمة الالكترونية قرأ قراءة اولى وهناك خلافات مستمرة بشأنه كون البعض يريد ان يقيد الحرية من خلاله.. عموما فجريمة الابتزاز الالكتروني يكيفها القضاء العراقي وفق المواد 430/ 2 و432 وذلك باعتبارها تهديد خال من اسم مرسله او بخطاب وبطرق غير مشروعه)

ومن جهته يقول الخبير القانوني ناصر غازي الدعمي (ان قانون العقوبات يحتاج لتعديل للحد من جرائم الابتزاز الإلكتروني كون ان هذه الجرائم حديثة العهد إضافة الا انه يجب الاهتمام بالبلاغات والعمل على رفع مستوى التقنية التكنولوجية للمنظومة بتدريب الضباط واستيراد أجهزة متطورة لتعقب المتهمين بتقنية الـ 5G من أجل مواكبة العصر والتكنولوجيا الحديثة).

وقال الصحفي والباحث طه خضير الربيعي والذي له بحث مطول عن هذه الظاهرة وانتشارها في كربلاء نشر مؤخرا ( إن (الابتزاز الإلكتروني قضية بدأت تتفاقم في العراق، وبين ضحاياه أفراد أسر وأطفال ومراهقون. وأصبح بالتالي نوعاً من الجرائم المنظمة التي دفعت العديد من الأشخاص الى الانتحار أو محاولة الانتحار بسبب تهديد المبتزين بنشر صور لهم، بعضها في أوضاع غير مناسبة أو في أماكن لا يرغب الضحايا في أن يراهم آخرون فيها لأسباب شخصية أو حتى أمنية. كما هدد مبتزون الضحايا بنشر معلومات ووثائق تؤدي الى الإساءة لسمعة هؤلاء الضحايا، أو تؤثر على مسار حياتهم وعملهم، في حال عدم دفع مبالغ مالية لا يستطع هؤلاء الضحايا توفيرها).

ظاهرة ابتزاز

وعلل المشرف التربوي علي الغرابي أسباب تنامي ظاهرة الابتزاز الإلكتروني قائلا إن (اهم الأسباب تعود الى ضعف الواعز الأخلاقي، ودخول وسائل الاتصــــال الحديثة بصورة كبيرة في حياة الأسر خصوصاً الفضائيات وشبكة الإنترنت، مع ضعف التثقيف بطرق استخدامها).

مشيراً إلى أن (اغلب المبتزين يـــــعانون من الفقر أو الجهل أو الاضطرابات النفسية). وصنف الغرابي أنواع الابتزاز كالتالي(الابتزاز العاطفي,و الابتزاز المادي, والابتزاز الإلكتروني).

واخيرا تظل قضية الابتزاز الالكتروني متشـــــعبة بالفعل، وأسبابها ودوافعها تحتاج إلى تحليل دقيق من جميع النواحي بما فيها الشرعية والثقافية والقــــــــانونية وحتى النفسية والبيئية، فبيئة العمل هي غير بيئة العائلة، وبيئة الدراسة تختلف عن بيئة العبادة، والابتزاز يمكن أن يقع في المدرسة كما يمكن أن يقع في المسجد، او الشركة او المنزل.

 


مشاهدات 311
أضيف 2023/06/03 - 4:08 PM
آخر تحديث 2023/09/25 - 6:07 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 180 الشهر 9367 الكلي 8903694
الوقت الآن
الإثنين 2023/9/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير