المستشار
خليل ابراهيم العبيدي
لم يألف الهرم الإداري لجمهورية العراق قبل العام 2003 عنوانا وظيفيا تحت مسمى المستشار ، وان وجد إنما كان بأضيق الحدود وفي حالات نادرة جدا ، فقد كانت دوائر الدولة وشركات القطاع العام تتوخى الدقة في تنفيذ الموازنات من حيث الدرجة الوظيفية والتخصيصات المالية وسد الشواغر بما يضمن تحقيق أهداف كل دائرة أو شركة اعتمادا على التدرج الوظيفي ، ولم تكن هناك بطالة مقنعة بما هي عليه دوائرنا اليوم ، وكان الوزير مثلا يعتمد على وكلائه ، والمدير العام محاطا بالمعاونين ورؤساء الأقسام ، وهم بمثابة مستشاريه كل حسب اختصاصه ، ولم يكن اي منهم يصل إلى منصبه إلا بعد أن تتوفر فيه كل مواصفات وشروط ذلك المنصب، وان يكون قد خبر تفاصيل عمله وعمل دائرته بالكامل ، وبعد مضي المدة القانونية في شغل كل درجة من الدرجات الوظيفية ، وكانت كل الإدارات سواءا في القطاعات التوثيقية أو الأمنية او الخدمية أو الإنتاجية تؤدي واجباتها دون مستشار أو ضجة أو حتى اعلان أو اشعار ، أما اليوم فإن بدعة المستشار ، ما هي إلا وسيلة للإثراء على حساب الصالح العام ، وأنها لم تعد إلا وسيلة لكسب المال الحرام ، او التأييد للأحزاب أو أنها صارت امتدادا لإعادة توظيف الوزير الفاشل أو النائب الخائب أو ممن كاان بلا مؤهل عاطل . او من كان من الاهل والاقارب .
أن تجاوز اعداد المستشارين حدودا لم يقرها حتى القانون إنما هو عمل صار عبئا كبيرا على الدولة وعلى ميزانياتها ، وكان واحدا من أساليب الفساد ونتائجها ، وكان ايضا وسيلة لإبعاد الكفاءات وعطاءاتها ، ووسيلة لابعاد العاطلين المستحقين للعمل في الدولة ودوائرها ، واخيرا لم يعد المستشار صاحب رأي استشاري فحسب ، بل صار لبعضهم سلطة البت أو ربما سلطة إصدار القرار ، وما حدث من لدن ،، مستشارا ،، في سرقة القرن إلا دليلا لتجاوز المستشار أصل وظيفته ، وقد قام البعض بتعيين مستشارا رضيعا في عمر الزمن ، او تعيين قانونيا متخرجا للتو بمهمام مستشار اقتصادي ، وعلى نفس المنوال كل يوم مستشار همام ،،، والحليم تكفيه إشارة الابهام .