محمد بحر العلوم شاهد على التاريخ
قراءة توثيقية في دور المرجعية وتحوّلات العراق
النجف - سعدون الجابري
صدر في مدينة النجف حديثاً٬ كتاب (شاهد على التاريخ)٬ بجزأين٬ ليشكّل عملاً توثيقاً فكرياً ومعرفياً لمسيرة حافلة امتدت لعقود، جمع فيها الدكتور محمد بحر العلوم٬ مجموعة من الكلمات والمقالات والبحوث والمقدمات التي كُتبت في مناسبات علمية وثقافية وتكريمية مختلفة، وسلطت الضوء على شخصيات دينية وعلمية وسياسية واجتماعية بارزة في تاريخ العراق الحديث. وتم اختيار عنوان الكتاب للتعبير عن شهادة حيّة على حقبة زمنية مهمة، عاش فيها المؤلف فكراً وموقفاً، اذ تمثل هذه الكتابات خلاصة تجربة تمتد لنحو سبعين عاماً من التفاعل مع قضايا المرجعية الدينية، والنجف٬ فضلاً عن الحراك السياسي والثقافي والاجتماعي في العراق. ويوثق الكتاب (الدور الديني والعلمي والسياسي والاجتماعي للمرجعية الدينية في النجف).
قضايا وطنية
مشيراً الى (محطات مفصلية من تاريخها، ابتداءً من مرجعية الإمام السيد محسن الحكيم، مروراً بالإمام محمد باقر الصدر، والإمام أبي القاسم الخوئي، وصولاً إلى المرجعيات اللاحقة، مع إبراز إسهامات العلماء والمصلحين في الحفاظ على مكانة المؤسسة الدينية واستقلالها وأصالتها)٬ كما يتوقف الكتاب عند (مواقف المرجعية من القضايا الوطنية الكبرى، ومواجهتها للأنظمة الاستبدادية، ودورها في انتفاضة شعبان عام 1991، ثم مرحلة ما بعد عام 2003، حين برزت النجف كمركز مؤثر في توجيه المسار الوطني، والدعوة إلى بناء الدولة الدستورية، ونبذ الطائفية، وترسيخ السلم المجتمعي، ومكافحة الفساد)٬ ويتميّز شاهد على التاريخ (بكونه لا يقدّم سرداً تاريخياً جامداً، بل شهادة تحليلية ناقدة، تجمع بين التوثيق والرؤية الفكرية، لتكون مادته مرجعاً مهماً للباحثين والمهتمين بتاريخ المرجعية الدينية٬ وتطور الحياة السياسية والثقافية في العراق)٬
مناسبات دينية
يذكر ان (بحر العلوم كان قد اصدر في وقت سابق٬ الجزء الأول من أوراق السيد محمد بحر العلوم بطبعتها النهائية التي غطت الأعوام 1945 – 1980 ٬ وتتضمن المقالات والاعمدة والخواطر التي نشرها الراحل في الصحف والمجلات العراقية والعربية٬ والكلمات التي القاها في المناسبات الدينية والثقافية بمنتديات النجف وبقية المدن٬ والبحوث التي كتبها في مجالات التاريخ والثقافة والفقه والأصول والتفسير٬ والاشعار التي نظمها سواء في العمودي او الحر٬ وكذلك النشاطات السياسية والثقافية التي قام بها في العهدين الملكي والجمهوري٬ إذ تولى الابن تحليل اول نص منشور لوالده متوفر في الأرشيف نشر عام 1945 لمحاضرة القيت في جمعية التحرير الثقافي ضمن ندواتها الأسبوعية بعنوان (بماذا تحيا الامة ؟ وبماذا تموت ؟).