العراق توحيدٌ أم تقسيمٌ
عبدالجبار الجبوري
يتصاعد الحديث في الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، عن زيارة مرتقبة لمبعوث الرئيس ترمب مارك سافانا الى العراق،لتشكيل حكومة عراقية مستقلة،ونزع سلاح الفصائل الولائية،وحلّ الحشد الشعبي،وانهاء العلاقة مع إيران،أليس هذا مايدور في الشارع والتواصل الإجتماعي والفضائيات،فهل هذه هي حقيقة تواجد مبعوث ترمب في بغداد، أم هناك مهمات اخرى،كلفّه بها ترمب ، للتعامل مع حكومة عراقية جديدة ، بعد إنتخابات لاقت رضى ادارة ترمب ووصفها سافانا بالجيدة،سمعنا عن قرار وشروط أمريكا، وإصرارها على تنفيذ هذه الشروط، كي يعود العراق (قوياً بقراره، وموحداً بشعبه،وبلا نفوذ إيراني،ولا ميليشيات وسلاح خارج القانون)،ولكن في المقابل لابد لإدارة الرئيس ترمب، أن تحصل على مكافأة تطبيق هذه الشروط ،ومنها، السيطرة على نفط العراق، إخراجاً وتصديراً لزمن غير منظور، والتطبيع مع الكيان الصهيوني القضية الابراهيمية،التحكم بالقرار السياسي العراقي،إذن امريكا ليست منقذ العراقيين من الضلال، بقدر ما تبحث عن هدفين رئيسيين، هما (الاقتصاد والنفط ،والقرارالسياسي)،لهذا أطلقت تهيدات مباشرة،أبلغتها للإطار التنسيقي،ورئيس الوزراء السوداني،أن لا إعتراف بحكومة عراقية ،فيها مَن ينتمي ويقود فصيل مسلح تابع لإيران،ولافيها رؤساء وزراء ووكلاء ومدراء عامين سابقين ورؤساء أحزاب،ولاؤهم لإيران، ولديهم ميليشيات،وبغيرها،ستفرض أمريكا حصاراً خانقاً على العراق،(أقتصادي ونفطي ودولاري) وعدم اعتراف بها،وعليها الاختيار بين أن يعود العراق واحداً موحداً بشعبه، قوياً مستقلاً بقراره،لانفوذ لإيران عليه،ولا فصائل مسلحة، ولائية خارجة عن القانون،تتسلّط على شعبه وقراره السياسي،وبين أن تتركه إدارة ترمب ،للتقسيم والتفكك والإحتراب الطائفي والأقلمة ،على أسس طائفية وقومية وعرقية إثنية، خياران أحلاهما أمرَ من الآخر،ولكن السؤال الأهم، كيف إستقبلت بغداد وتستقبل مثل هكذا تهديدات،وقبل الإجابة ،هناك تسريبات لنوري المالكي تقول (أنه أبلغ ادارة ترمب انه اذاما أعيد تنصيبه رئيسا للوزراء، سينهي السلاح المنفلت ،وينزع سلاح الفصائل)، وإجتماع بالقنصل الامريكي به، لتبليغه شروط ترمب ،ومهمة مبعوثه مارك سافانا لبغداد قريباً،ولكن المبعوث الامريكي توني براك ،كان أوضح وأجرأ في تصريحه وبالمباشر،أمام السوداني وفي مؤتمر الدوحة، قائلاً(فشلنا في العراق سابقا،وتركناه لايران، والآن لن نتركه، وإن العراق الآن يعيش حالة فوضى،وإن الوضع هناك معقد،وصعب للغاية)، هذا هو المشهد الامريكي والرؤية الامريكية للعراق،(لن نترك العراق )، إذن أمريكا جادة في إعادة العراق الى وضعه الدولي الحقيقي،ليس بطريق الحرب على الفصائل وغيرها، وإنما تنفذ نظرية الرئيس ترمب(السلام بالقوة)، أو الحرب الناعمة، وهي طريقة ونظرية أثبتت نجاحها في اكثر من مكان، كاليمن وسوريا ولبنان واوكرانيا وفنزويلا،أما إيران فلم يعد لها نفوذ كالسابق في العراق، فهي تتهيأ لصد ومواجهة محتملة مع أمريكا الكيان الصهيوني، الذي يتربصان بها، بعد التأكد الامريكي ،بأن إيران عاودت العمل بمفاعلاتها النووية العسكرية ،ومعامل الصواريخ الباليستية المتطورة ،والطائرات المسيرة، وهذا مايقلقها، والمواجهة أصبحت شبه حتمية ألآن، بعد الإنتهاء من إزالة خطر حزب الله على اسرائيل ،لهذا نرى أن معالجة وضع العراق ، وخضوع الإطار التنسيقي لشروط ترمب وإدارته، شرّ لابد منه،وليس أمام الإطار التنسيقي وحكومته سوى الموافقة، على إجراء اصلاحات حقيقية ، وإيجاد منافذ ،للإفلات من التهديدات الامريكية ،وهذه المسؤولية تقع على عاتق الإطار حصراً،وليس المكونات والاحزاب المشاركة في العملية السياسية،فهو مَن يتحمّل ما سيحصل للعراق، اذا رفضت شروط ترمب ،بعد زيارة مبعوثه سافانا، مع وفد كبير من وزارة الخارجية الأمريكية،والحلّ ليس العناد، والمكابرة، والخضوع لضغوط إيران ومرشدها،والذي تبرأت من الفصائل،على لسان ظريف وزير الخارجية السابق،حين قال مؤتمر الدوحة أن( لم يطلق وكلاؤنا طلقة واحدة من أجل مصالح ايران،بل من أجل مصالحهم)،وهذا إعتراف خطير وصريح، بأن لإيران وكلاء لها، تموّلهم وتسلّحهم لأهدافها وأجندتها الدينية والسياسية في العالم، ولكنهم (خذلوها)،وإنما وضع مصلحة ومصير العراق أولاً، في اي مفاوضات مقبلة مع أمريكا أو إيران،، ومصلحة العراق هي، عدم الخضوع لأي طرف، والتمسك بالقرار العراقي المستقل، والخروج من عباءة أيران وعدم الخضوع لتهديدات أمريكا، وذلك بالعودة الى قوة الشعب ،ووحدته وقراره المستقل، وطي صفة الماضي بكل كوارثها ومآسيها،تماماً كما حصل بإقليم كردستان العراق،فالجميع مهدد الآن بالتقسيم والتفكك والاحتراب الطائفي،وهذا يجعل العراق يتّجه الى مجهول ونفق عميق لاقرار له ، مهمة سافانا (ربما ) ،نجد فيها بعض الحلول السياسية وليس كلها)، ولكنها تحتاج الى مفاوض حكيم وقراره شجاع وعقلاني، لأن في النهاية لاخاسر سوى العراق وشعبه ومستقبله،وعلى الإطار التنسيقي وحده،تقع مسؤولية ماسيحصل بعد مهمة سافانا وشروط ترمب،فإمّا الحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً،وإمّا تقسيم وتفكيك العراق أرضاً وشعباً......!!!
كاتب ومحلل سياسي