الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قراءة في البحث الفائز الاول بجائزة الحكيم 2025

بواسطة azzaman

قراءة في البحث الفائز الاول بجائزة الحكيم 2025

أكاديمي يرسم خريطة طريق لسياسة التوازن اللامركزي

عادل سعد

 

تتباعد  المسافة اللوجستية بين التوازن المركزي واللامركزي في معدلات تطبيقية تبعا للمفهوم الذي تعتمده  الدولةُ الواحدةُ ، أو المجموعات الإقليمية في ظل  علاقات دوليه طابعها مصالحي يأخذ اصحابها الى ابعد ما يمكن من الافادة الاستراتيجية  اذا احسنت الاجتهاد في الفرز الموضوعي لصالح  التوازن اللامركزي ، ومع  تعدد المفاتيح التطبيقية في هذا الشأن يظل المشهد محفوفاً بالمزيد من المخاطر إذا لم يكن صاحب هذ التوازن على بينة من كل الاحتمالات السائدة والمستقبلية . ولي  هنا ،أن أُشير تاريخياً  إلى  محطتين اثنين في الدعوة لسياسة التوازن اللامركزي .

الاولى من خلال مفهوم الحياد الايجابي الذي  قاده  الزعماء الثلاث جمال عبد الناصر ونكروما ونهرو في عقد الخمسينات من القرن الماضي وتمخض عنه  مجموعة دول عدم الانحياز  

اعتماد التوازن

المحطة الثانية خلال  قمة الجنوب  بالعاصمة الكوبية هافانا  عام 2001  وقد طرح حينها   ان الدول التي تتطلع الى اعتماد سياسي التوازن اللامركزي بالنسخة اللازمة  عليها ان تتوخى الحذر الشديد  ، لأنها  كمن يسير بين اسلاك شائكة في ارض ملغومة ..

أنني إذ اتطرق  للموضوع ، فأن امامي وجهة نظر الباحث الأكاديمي المتمرس   الدكتور  علي فارس حميد حين أُتيح لي ذلك من خلال دعوة وجهت لي من الدكتورة كوثر الغرابي رئيسة  مركز انكي لحضور مؤتمر جائزة الحكيم  2025 وجاءت الدعوة بتوصية من  الدكتور حميد شهاب الذي تولى رئاسة لجنة تحكيم البحوث  السياسية حيث اقترح عليَّ الحضور نظرا لأهتمامي في هذا الموضوع الحيوي  الذي سبق لي ان خضت فيه .

لقد اجاب الدكتور  علي على سؤال (هل يمكن لدولة متوسطة مثل العراق ان تدير تناقضات البيئة السياسية الاقليمية والدولية دون  ان تكون جزءا من صراع المحاور.

يتوقف الباحث  عند  حقيقة  تاريخية ، كيف ساد منطق التوازن المركزي وفق  الاصطفاف خلف قوة كبرى  ، أو محور دولي مشيراً إلى إن هذا النوع من الاصطفاف ( خلق حالة من الجمود وفقدان القدرة على المناورة ، فعندها يصبح القرار الخارجي رديفاً لإرادة القوة التي تم الاصطفاف خلفها  )

يرى الباحث ان ذلك لايمكن له ان يخدم تطلعات الدول المتوسطة مؤكدا أن خلاصها الحقيقي في اعتماد توازن دولي لامركزي اذا ارادت ان تمتلك  سيادتها داعياً الى شق طريقٍ للتوازن اللامركزي يقوم على النأي عن سياسة المحاور المغلقة  وهنا يجيب الباحث  عن سؤال جوهري ، كيف يمكن للعراق ان يوظف التوازن اللامركزي في منهجه السياسي مشدداً على ضرورة الفعالية في هذا المنهج . ويقترح بناء تكامل مؤسسي حقيقي بين وزارة الخارجية من جهة ومستشارية الامن القومي من جهة اخرى مؤكداً ، أن هذه النوع من التكامل  يرفع منسوب الاحتكام إلى المنطق السياسي المتوازن ويمنع الى حد ما السقوط في سياسات رد الفعل ، احد مقاتل السياسات  الخارجية  ،والترفع عن العمل بمنطق الضغوط  الوقتية .•ان سياسة عراقية تتحرر من ضيق المحاور المركزية   كفيلة حقاً ان تكون وجهتها وطنية بإبعاد استراتيجية مع (امكانية تنوع الخيارات المتاحة امام صانع القرار)

 بخلاصة  ، اعتماد العراق للتوازن اللامركزي وفق رؤية الباحث الدكتور علي فارس حميد يحقق خمسة مكاسب ،اولاً : كسر الارتهان لمحور واحد  ، ثانياً : تعزيز قدرة العراق على المناورة  ، ثالثًا : تحويل الموارد الوطنية الى ادوات قوة  ، رابعاً :  تقليل المخاطر الاستراتيجية  ، خامساً : بناء دور إقليمي إيجابي  ، وبذلك وفق ما يرى الباحث  من شأن هذه المكاسب الخمسة  ان تحول السياسة الخارجية العراقية الى هندسة علاقات توزع المخاطر وتمنع احتكار العلاقات  وتمنح العراق مكانة تفاوضية أعلى .

يضيف الباحث ، (إن العراق  يمتلك فرص استثنائية ، فموقعه الجغرافي وثروته السكانية والاقتصادية تمنحه القدرة على ان ينتقل من دولة منشغلة بأزماتها الى دولة صانعة للتوازن والاستقرار).ان توظيف التوازن اللامركزي  ليس مجرد طرح نظري ، بل هو خريطة طريق عملية ( لحماية السيادة الوطنية وتوسيع هوامش الاستقلال وتعزير موقع العراق في الاقليم) . 

رسم الخريطة

من وجهة نظري نجح الباحث في رسم خريطة دقيقة للسياسة التي ينبغي ان ينتهجها العراق الامر الذي يوفر قاعدة بيانات لصانع السياسي العراقي في تكوين شبكة آمنه من العلاقات المتوازنة على الصعيدين الإقليمي والدولي ،وازاء ذلك ، هل يمتلك العراق الان الحيوية اللازمه لمثل هذا التوجه  .

أعتقد جازمًا انه مازال في طور التجريب والتناوب  ،ولذا اقترح ان يصار الى تضييف الباحث علي  امام لجنة مشتركة من الخارجية العراقية والامن القومي لتأسيس برنامج عمل دبلوماسي  تحركه شراكات منتجة   تلبي طموح العراق في ان تكون له منزلة  واعدة في  الساحتين  ،الاقليمية والدولية  ، بل يحق لي كمتابع للشان السياسي الخارجي للعراق  ان اقترح ضم  الاكاديمي علي فارس حميد الى الطاقم الدبلوماسي العراقي  توظيفاً لرؤيته العلمية وبذلك تكون وزارة الخارجية العراقية قد اضافت  الى رصيدها المعرفي خبيراً عن جدارة .

ملاحظة اخرى عنه ، انه محاور ذكي  كشفت عنه الجلسة الحوارية الموسعة مع سماحة السيد عمار الحكيم في اليوم الثاني من المؤتمر بشأن الشراكات الاقليمية كمسار أستراتيجي  لدعم الاستقرار  الاقليمي، وأرى الافادة من ذاكرته العلمية السياسية  في التأهيل الدبلوماسي لقائمة السفراء الجدد  .


مشاهدات 151
الكاتب عادل سعد
أضيف 2025/12/13 - 12:51 AM
آخر تحديث 2025/12/14 - 12:34 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 15 الشهر 9868 الكلي 12793773
الوقت الآن
الأحد 2025/12/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير