الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الخريج بين الوظيفة الحكومية والعمل الحر

بواسطة azzaman

الخريج بين الوظيفة الحكومية والعمل الحر

عبد الـله ياسين الجنابي

 

مع تزايد أعداد الخريجين سنويًا وارتفاع نسب البطالة، يجد الشباب أنفسهم أمام مفترق طرق حقيقي: هل ينتظرون فرصة التعيين في دوائر الدولة رغم محدوديتها وتأخرها؟ أم ينطلقون نحو العمل الحر أو تأسيس مشاريع خاصة قد تحمل لهم مستقبلاً أكثر استقلالًا وإنتاجية؟

هذا السؤال لم يعد نقاشًا اجتماعيًا فحسب، بل بات معضلة اقتصادية ومسارًا حاسمًا يحدد ملامح سوق العمل في العراق خلال السنوات المقبلة. الوظيفة الحكومية كانت ولا تزال الخيار الأكثر أمانًا عند الكثيرين، فهي تمنح راتبًا ثابتًا، وضمانًا تقاعديًا، واستقرارًا مهنيًا لا توفره أغلب الوظائف في القطاع الخاص. إلا أن هذا الخيار لم يعد متاحًا للجميع، إذ تواجه الحكومات ضغوطًا مالية تحول دون استيعاب الأعداد المتزايدة من الخريجين، فضلًا عن تشبع العديد من الوزارات بالملاكات الوظيفية. ومع مرور الوقت، تحوّل انتظار التعيين لدى البعض إلى سنوات طويلة من دون فرص لتطوير المهارات أو اكتساب الخبرة.

في المقابل، بدأ العمل الحر والقطاع الخاص يفرضان نفسيهما كبديل واقعي، مدعومَين بالتكنولوجيا والتحول الرقمي وثقافة ريادة الأعمال. فالعديد من الخريجين وجدوا فرصًا حقيقية في مجالات مثل الإعلام الرقمي، البرمجة، التصميم، التجارة الإلكترونية، والمشاريع الصغيرة. ورغم ما يحمله هذا الطريق من تحديات وعدم استقرار في بداياته، إلا أنه يمنح مساحة أوسع للإبداع وفرصة لبناء مسار مهني مستقل قد يكون أكثر عائدًا على المدى البعيد.

وإذا ما نظرنا إلى تجارب بعض الدول المتقدمة، نجد أن المواطن فيها يتمتع بقدر كبير من الاستقرار الوظيفي والمعيشي، ليس لأن الوظائف الحكومية متاحة للجميع، بل لأن الحكومات هناك دعمت القطاع الخاص وسهّلت تأسيس الشركات ووفّرت القروض والامتيازات، مما خفّف العبء عن الدولة وخلق فرص عمل أوسع وبيئة اقتصادية مرنة. هذا النهج أسهم في تطوير الخدمات، وتحريك الاقتصاد، وبناء مجتمع منتج يعتمد على المهارة لا الانتظار.

وفي النهاية، لم يعد السؤال: أين الوظيفة؟ بل: كيف نبني فرصة؟ الخريج اليوم بحاجة إلى تطوير مهاراته، واستثمار وقته، والتفكير خارج قالب الوظائف التقليدية، ليكون جزءًا من مرحلة تحول اقتصادي تقوم على الإنتاج والابتكار بدلًا من الاعتماد والتكرار.

 

 

 

 


مشاهدات 24
الكاتب عبد الـله ياسين الجنابي
أضيف 2025/12/05 - 2:44 PM
آخر تحديث 2025/12/06 - 4:37 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 218 الشهر 3977 الكلي 12787882
الوقت الآن
السبت 2025/12/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير