كيف نحمي المعلم ؟
علي الدليمي
نذكر وأجيالنا الجميلة، حتى من تخرجنا من الإبتدائية، كنا نحترم معلمينا احتراما كبيرا. عندما نلتقيهم في الشارع، كنا نقف أمامهم باحترام لنحييهم، كان للمعلم مكانة خاصة في قلوبنا، وكنا ننظر إليهم كقدوات ومصادر للعلم والمعرفة.
أكتب هذا المقال وأنا في أشد الانزعاج النفسي، بسبب ما نشاهده دائماً من صور العنف المأساوي لطلبة مراهقين يعتدون على معلميهم وأساتذتهم دون رادع أو وازع ضمير. هذه المشاهد المؤلمة تثير في أنفسنا استياءً عميقا، وتجعلني أتساءل عن الأسباب التي أدت إلى هذا التدهور في القيم والأخلاق.
يجب على المجتمع ككل أن يعمل على تعزيز مكانة المعلم ودوره في المجتمع، وأن يربي الأجيال على احترام المعلمين وتقديرهم. كما يجب على المدارس والجامعات أن تعمل على تعزيز ثقافة الاحترام والانضباط بين الطلاب، وأن تتخذ إجراءات قانونية حازمة ضد أي شكل من أشكال العنف أو الإساءة تجاه المعلمين.
في العراق، كان المعلم يوما ما يحظى باحترام وتقدير كبيرين من قبل المجتمع. كان يُعتبر القدوة والمثل الأعلى للطلاب، وكان دوره لا يقتصر على تعليم المواد الدراسية فحسب، بل كان يشمل أيضا تربية الأجيال وتوجيههم نحو القيم والأخلاق الحميدة. كان المعلم في العراق بمثابة الأب الروحي الذي يرعى طلابه ويهتم بتقدمهم ونجاحهم.. أكثر من أولاده.
ومع ذلك، فقد تغيرت الأمور كثيرا في السنوات الأخيرة. أصبح المعلم في العراق يواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك العنف والاهانة من قبل الطلبة أنفسهم، وعوائلهم. فقد أصبح من الشائع أن يتعرض المعلمون للضرب والإهانة من قبل طلابهم، داخل وخارج المدرسة، وذلك بسبب رفضهم للغش والكسل وعدم الالتزام بالقواعد المدرسية.
هذا التحول في العلاقة بين المعلم والطالب يعود إلى عدة أسباب، منها التدهور العام في القيم والأخلاق في المجتمع العراقي، وعدم وجود الدعم الكافي من قبل السلطات المعنية بالتعليم، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة العنف والانحراف بين الشباب.
إن هذا الوضع المأساوي يتطلب تدخلا سريعا وفعالا من قبل الجميع، لاستعادة مكانة المعلم ودوره الريادي في المجتمع. يجب على السلطات المعنية بالتعليم أن تتخذ إجراءات حازمة لحماية المعلمين وضمان بيئة تعليمية آمنة ومستقرة. كما يجب على المجتمع ككل أن يعود إلى تقدير واحترام المعلمين، فهم أساس بناء الأجيال القادمة.
في الختام، إن دور المعلم في المجتمع العراقي لا يمكن تعويضه، وهو يستحق كل التقدير والاحترام. يجب علينا جميعًا أن نعمل سوية لاستعادة مكانة المعلم ودوره الريادي في المجتمع، وضمان بيئة تعليمية آمنة ومستقرة للأجيال القادمة.