الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العنصرية.. آفة تهدّد نسيج المجتمع

بواسطة azzaman

العنصرية.. آفة تهدّد نسيج المجتمع

سجى عبد الكريم حسين

 

في الآونة الأخيرة، لوحظ – مع شديد الأسف – تصاعد ملحوظ في ظاهرة العنصرية حتى داخل المجتمعات الإسلامية، التي يُفترض أنها تقوم على أسس العدالة والمساواة. وقد تسللت هذه الظاهرة إلى مختلف مؤسسات المجتمع، بل وامتدت لتصل إلى بعض دوائر الدولة، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا للسلم الاجتماعي والتكافؤ بين الأفراد.

العنصرية لا تقتصر على التمييز القائم على اللون أو الأصل فقط، بل تشمل كل سلوك أو فكر ينتقص من الآخرين بناءً على خلفياتهم الاجتماعية أو الثقافية. وهي من الظواهر السلبية التي تحتاج إلى تحرّك جماعي حازم للحد منها أو التخفيف من آثارها، من خلال تعاون جميع مؤسسات المجتمع، بدءًا من الدولة مرورًا بالأسرة والمدرسة، وصولًا إلى الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني.

آثار العنصرية على الفرد والمجتمع :

1- فقدان الثقة بالنفس والانتماء: يتعرض ضحايا العنصرية لمشاعر الإقصاء وفقدان الإيمان بقدراتهم، مما يولد لديهم شعورًا بالغربة داخل أوطانهم.

2- التمييز في فرص العمل: تُمنح الفرص أحيانًا على أساس الانتماء أو الشكل، وليس على أساس الكفاءة، مما يُخل بمبدأ العدالة ويضعف الأداء المؤسساتي.

حقوق وواجبات

3- غياب المساواة: تؤدي العنصرية إلى خلل في توزيع الحقوق والواجبات، فيشعر البعض بالتهميش والظلم.

4- اضطرابات نفسية: قد يعاني المتعرض للعنصرية من الاكتئاب، والقلق، والشعور بالدونية، مما يؤثر على حياته الاجتماعية والمهنية.

5-ضعف الإرادة والانطواء: تؤدي العنصرية إلى شعور بالدونية واليأس، مما يضعف من قدرة الفرد على الإبداع والمشاركة الفعالة.

6 - قتل الطموح: يشعر الفرد بأن جهوده لن تُقدّر، ما يثبط عزيمته ويمنعه من تطوير نفسه أو المساهمة في مجتمعه.

7- بناء شخصية منهزمة: تسهم العنصرية في تكوين شخصية ضعيفة، تخشى التعبير عن رأيها أو الدفاع عن حقوقها، ما يؤثر سلبًا على النسيج المجتمعي.

سبل مكافحة العنصرية :

1- التمسك بالأخلاق الإسلامية: فقد شدّد الإسلام على رفض كل أشكال العنصرية، وجاء في قوله تعالى:

> «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا  إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ...»

وكذلك في قول النبي محمد :

«لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، إلا بالتقوى

2 - سنّ تشريعات صارمة: يجب وضع قوانين واضحة تجرّم التمييز العنصري بجميع أشكاله، مع تفعيل آليات المراقبة والمحاسبة.

3- الاعتماد على الكفاءة: لا بد من جعل الكفاءة والمعايير المهنية أساسًا لتوزيع الفرص، بعيدًا عن أي اعتبارات شخصية أو عنصرية.

4- تفعيل الإعلام الواعي: للإعلام دور كبير في نشر الوعي بخطورة العنصرية، ومواجهة خطاب الكراهية والتمييز بكل أشكاله.

ورش عمل

5- إقامة الندوات وورش العمل: تنظيم الفعاليات التوعوية التي تسلط الضوء على آثار العنصرية وتُرسّخ قيم التعايش والتسامح.

6- دعم البحث العلمي: تشجيع الدراسات والمقالات التي تبحث في أسباب العنصرية وطرق معالجتها، واقتراح حلول عملية قابلة للتطبيق.

7- دمج مفاهيم التعددية في المناهج التعليمية: غرس مفاهيم قبول الآخر والتنوع منذ المراحل الأولى للتعليم، يساهم في بناء جيل أكثر وعيًا وتسامحًا.

وختاماً

إن التصدي للعنصرية لا يُعد خيارًا، بل ضرورة لحماية وحدة المجتمع وضمان مستقبل آمن يسوده العدل والتكافؤ. ومتى ما اجتمع صوت المواطن، والمشرّع، والمربي، والإعلامي في رفض هذه الظاهرة، أمكن لنا حينها أن نؤسس لمجتمع لا مكان فيه للتمييز، بل يتسع للجميع بعدالة واحترام.

 

 


مشاهدات 94
أضيف 2025/08/16 - 11:08 PM
آخر تحديث 2025/08/18 - 5:57 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 178 الشهر 12580 الكلي 11407666
الوقت الآن
الإثنين 2025/8/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير