الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الواقعه ومفهومها .. قضية الحسين

بواسطة azzaman

الواقعه ومفهومها .. قضية الحسين

فاطمة علي 

 

 لم تكن لحظة عابرة في تاريخ الأمة، بل كانت وما تزال نبراسًا يضيء طريق الأحرار، وصرخة مدوية في وجه كل ظلمٍ واستعباد، وثورة خالدة تُجسد الكرامة والإصلاح والإنسانية في أنقاها صورها. لقد خرج الإمام الحسين (عليه السلام) لا ليطلب ملكًا، ولا لينازع سلطانًا، بل خرج ليُقيم الحق ويُعيد للدين روحه التي سُلبت، ويُعلّم الناس أن السكوت عن الظلم خيانة، وأن “مثلي لا يبايع مثله” ليس مجرد شعار، بل منهج حياة.ولكن، كما ذكرتِ، في واقعنا المؤلم اليوم نرى من يُتاجر بهذه القضية المقدسة:

سياسيون فاسدون يتخذون من الحسين راية، لكنهم يسيرون على خطى يزيد في ظلمهم ونهبهم وقمعهم، لا في عدل الحسين ورحمته.

منابر ومجالس انحرفت عن جوهر نهضة كربلاء، فبدل أن تكون منارات توعية وتهذيب، صارت ساحات للبكاء المجرد، أو وسيلة لاستدرار العاطفة بلا فكر ولا وعي.

مظاهر شكلية من لبسٍ وشعاراتٍ ومواكب، فارغة من محتوى الثورة، تُستخدم لتخدير الضمير لا إيقاظه، وللتغطية على الفساد لا لمحاربته.

وهنا يبرز السؤال الصادق: أين أهل الدين؟

العلماء المخلصون غُيّبوا، أُبعِدوا، أو قُطع عنهم الصوت لأنهم لا يساومون على الحق ولا يُجاملون الباطل.

بعضهم اختار الصمت، خائفًا أو يائسًا، وبعضهم – للأسف – اختار تجميل القبيح باسم المصلحة، وارتضى أن يُوظف الدين لخدمة الطغيان.

فما الحل؟

إحياء الوعي الحسيني الأصيل، لا كما يُروّج له الإعلام المأجور، بل كما أراده الحسين: ثورة على الذات، على الجهل، على الفساد، على الذل.

فضح التزييف أينما كان: في الخطب، في الشعارات، في السياسة، في الدين. لا نقبل أن يُستخدم الحسين ستارًا لعهر فكري أو طغيان سياسي.

بناء جيل حسيني حقيقي، يُربي أبناءه على أن الحسين ليس للدمعة فقط، بل للفكرة والموقف والتغيير، عبر:

مجالس صادقة لا تكتفي بسرد المصيبة، بل تزرع الفكر والكرامة.

إعلام نظيف لا يبيع المظلومية، بل يبني الإنسان الواعي المقاوم.

مناهج تربوية تعلّم الأطفال أن الحسين ليس بكاءً فقط، بل هو طريق للحرية.

كما قال الإمام الحسين (عليه السلام):

ان لم يكن لكم دين

وكنتم لا تخافون المعاد

فكونوا احرارًا في دنياكم

كأنما ينادي كل إنسان حر، في كل زمان: لا تبيعوا ضمائركم، لا تخنعوا للذل، لا تصمتوا على الباطل.

فيا محبي الحسين...الحسين لا يُختصر في لطم أو موكب، بل في وقفة حق، في إصلاح كلمة، في ثورة على الذات، في رفض كل يزيد جديد.الحسين ليس فقط في عاشوراء، بل في كل يوم تُسلب فيه الحقوق، وتُغتصب فيه كرامة إنسان.فكن حسينيًا في فكرك، لا في مظهرك فقط.

كن زينبيًا في صبرك، لا في صوتك فقط.

وكن واعيًا... فالحسين لم يُخلق للبكاء وحده، بل ليصنع الإنسان الحرّ، كما أراده الله.

 

 


مشاهدات 45
أضيف 2025/07/12 - 1:13 AM
آخر تحديث 2025/07/12 - 4:52 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 145 الشهر 6962 الكلي 11160574
الوقت الآن
السبت 2025/7/12 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير