الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قصر الرحاب مذبحة بلا أصحاب في 14 تموز 1958

بواسطة azzaman

قصر الرحاب مذبحة بلا أصحاب في 14 تموز 1958

عادل الياسري

 

كان الملك الشريف حسين  ملك الحجاز شديد القلق على نجله فيصل وهو يتوجس خيفة من العراقيين قبل ان يبعثوا “ رسائلهم “ له ومنذ الوهلة الاولى. فقد كتب إلى المعتمد البريطاني في جدة؛ كنت ارغب ان أخبر العراقيين بيوم وصول فيصل للعراق ،

ولكن ان من المهم في بعض الاوقات الحفاظ على السري. ومن الملفت ان الملك حسين كان أكثر من زعماء العراقيين المهاجرين لقادة ثورة العشرين  شوقا  لعودتهم لوطنهم.. يريد ان يعرف متى يكون يوم ميعاد ذهاب فيصل إلى العراق ؟ لكن المعتمد البريطاني في جدة الميجر المستر المارشال طلب منه التريث لحين وصول التعليمات. وكانت بعض التعليمات من البريطانيين  لا يذهب مع فيصل  إلا العراقيين ..

الحقل الوطني

وازداد قلق الشريف الملك الحسين بن علي ملك الحجاز قبيل ايام من ذهاب فيصل إلى

العراق. وكان سؤاله إلى علي آل بازركان  ( من العاملين في الحقل الوطني )عن اهل البرقيات البغدادية يريد ان يعرف عن طبيعة تفكير اهل بغداد من البغدادي علي آل بازركان؛ قبل ان يعرف عن اصحاب البرقيات؛ ..وقد ارسل الجواسيس إلى البصرة؛ ومن الصعب القول ان الملك الحسين لم يدرك من هم خصوم فيصل في العراق اولا؛ والبصرة ثانياً؛ ومن هو الزعيم القوي في الميدان لنصرة فيصل.. وقد أدرك الشريف الملك الحسين ان الزعيم الاقوى في الميدان هو السيد نور السيد عزيز الياسري في العراق؛ لكنه احتار ماذا يقدم للسيد نور؟  ولاسيما ان  السيد نور اقرض الملك حسين عشرة آلاف ليرة ذهبية في أزمته المالية وهو لاحئ عنده بعد الثورة .. لقد حاول بكل جهده تكريم وجهاء مدينة البصرة فقد منح وسام النهضة من النوع الثاني قبل وصول فيصل  الى البصرة إلى احمد الصانع أحد اعوان “ طالب النقيب “العدو اللدود لفيصل؛ والذي اعد خطة لاغتيال فيصل  والتي كانت سببا لنفي وكانت محاولة أخرى في يوم التتويج  من قبل الفرنسيين ؛ وثم التهاني المتبادلة من علي اعيان باشا رئيس هيئة الاستقبال في ميناء البصرة وبين الشريف الملك حسين.

لقد أدرك الشريف الملك حسين ان الزعيم السيد نور الياسري أكبر من كل تكريم. والأقوى في الميدان..

فوجه الملك حسين كلاما إلى السيد نور السيد عزيز الياسري قبل صعود الأمير فيصل  إلى الباخرة في ميناء جدة و في اللحظات الاخيرة وقال: ((يا سيد نور أنى اعتبرك كأخي الأكبر

أني قد أودعت ولدي فيصل عند جدتنا  “ فاطمة الزهراء “ عليها السلام؛ ثم أودعته عندكم)). فأجابه السيد نور: ((بأننا سنرحب بفيصل؛ وسيكون موضع احترامنا ومحبينا ونضحي في سبيله))

ومن جملة ما قاله المغفور له الملك حسين: ((ان هذا وديعتي ولدي فيصل أرجو مؤازرته؛ واني أخشى عليه من العراقيين؛ لأنهم سبقوا وخانوا جده الحسين)). فرد عليه السيد نور السيد عزيز الياسري ((اننا نرحب بالأمير فيصل ونعتز به؛ ولكن نرجو أن توصي الامير فيصلا فينا خيرا لأن كرسي العراق مغر وملعون)). فالتفت الملك حسين إلى ولده فيصل وقال أجب عمك السيد نور. فتقدم الملك الامير فيصل؛ واستشهد بالآية الكريمة في جوابه إلى السيد نور( والسابقون السابقون ؛أولئك المقربون ) وختم قوله (

الحسين يكون خصمي إذا لم أنصفكم)). وعند التأمل في كلمة السيد نور بن الثمانين عام وكرسي العراق؛ بقوله مغر وملعون.

هي تحذير إلى فيصل من حاشيته؛ ومعنى مغر؛ هي الحاشية المنافقة التي تجعل الاسود في عين الملك ابيض والخطأ صواب؛ وتبعد المخلصين للوطن والشعب؛ وتقرب الفاسدين إلى العرش؛ فيصبح ملعون من قبل الرعية. ومن الصعب إذا ابتلى الملك بالفاسدين المحطين به ان يميز بين الخيط الاسود وبين الخيط الابيض؛ فيصاب بداء العظمة وغرورها. و لقد كانت كلمة وجيزة ولكنها عظمية قبل أن يستوي فيصل على عرش العراق امام ابيه. وكان قول فيصل للسيد نور هو بمثابة عهد للعراقيين بإخلاصه لهم. وثمة امر آخر تكشف هذه الكلمة الوجيزة عمق فهم السيد نور

السيد عزيز الياسري لتاريخ العراق بكل ثناياه. لقد جاء في مذكرات ابراهيم الراوي وهو من الضباط العاملين مع الملك

حسين في مكة والمدينة. اوصاهم الملك حسين بولده خيرًا؛ وأن لا يعملوا به ما

عملوا بجده الحسين بن علي شهيد كربلاء؛ ولكن قبل أن تمضي على حدس الحسين هذا وتشاؤمه سبع وثلاثين سنة حتى حدث لفيصل الثاني حفيد فيصل وخاله عبد الاله؛ ما حدث لشهيد كربلاء.

 وايضاً ذكر علي آل بازركان في مذكراته بعد ان زار الملك الحسين؛ قال له الملك حسين أخشى يا شيخ علي ان يعملوا اهل العراق بفيصل كما عملوا بجده الحسين من قبل؛ واجابه قائلا لجلالة الملك؛ سيدي لقد تغير الزمان وان اهل العراق اليوم ليسوا كأسلافهم في زمن الحسين بن علي بن ابـي طالب عليهم

السلام؛ فهم الان يقومون بإكرام الضيف وبخدمة ملكهم. وتقول المس بيل؛ ان فيصل حينما قدم إلى العراق كنتُ أتذكر على الدوام قصة جده الحسين. فالشبه تام بين ظروف الاثنين في دعوته إلى العراق؛ ورحلته من مكة؛ ووصوله وحيدًا إلا من أتباعه الرسميين المرافقين له. وإذا كانت الحوادث قد برهنت على ان المصير كان شيء مختلفا؛ فلأني كنت أقول على

الدوام ((ابعد الله النحس)). وتجدر الاشارة ان المفكر العربي الامير حسن بن طلال بن عبد الله بن الملك الشريف

حسين؛ كتب في جريدة الحياة اللندنية مقالا مؤبناً اخاه الملك؛ ملك الاردن بعد مرور عام على رحيله وكان مقاله الموسوم (في ذكرى رحيل الحسين بن طلال). وقد استعرض نكبات الدهر على الهاشمين واعتبر نكبة الرحاب مذبحة بلا اصحاب؛

وقال: ((فها هي صورة فيصل البهي يتنقل بسيفه من دمشق إلى فرساي ليكتشف ان العالم مليء برائحة البارود وان دمشق مضت من بين يديه بعدما غّنت له في موكب الفتح الثاني والدخول البهيج “أمسى عليك الخير يا أبو غازي؛ يا باشة العربان” وكان غازي هو الاخر شهيدا على الدرب. وتشاء مقادير هذا الهاشمي العظيم أبو عبد الله الحسين طيب الله ثراه ان يعيش كربلاء الثانية من جديد لصنوه وأبناء عمومته الهواشم في قصر الرحاب؛ وإذا الرحاب قد خلا بمذبحة من الصحاب..))

. أرى ان مذبحة قصر الرحاب جريمة لا تغتفر في التأريخ وبتلك المذبحة ان انقطع نسل فيصل ولكن الله يمهل ولا يهمل. فان الذين شاركوا وامروا بقتل العائلة الهاشمية في العراق بعضهم قطع الله نسلهم وماتوا قتلا وبلا قبور

أو انتحروا. ولا يخفى ان فراد العائلة الهاشمية الكريمة جاءوا الى العراق فقراء ورحلوا فقراء وليس لهم حسابات في البنوك وكان حتى أثاثهم بسيط وابتعدوا عن الأبهة في حياتهم الاجتماعية مع الرعية .. والجدير بالذكر لقد أكد المؤرخون ان فيصل كان يفتخر حين يحاسبه البعض على المال العام ويكرمه ويجازيه خير الجزاء.

الحسين يخاطب العراقيين..وهاجسه صار حقيقة..!

وخاطب الملك الحسين عموم العراقيين عبر صحيفته (القبلة) بعد صعود الامير فيصل والوفد العراقي إلى ظهر السفينة نورث بورك.

رب الكعبة

من الحسين بن علي - إلى الاماجد النجباء كافة اخواننا اهل العراق

حاضرهم؛ وباديهم عافاهم الاسواء.

 بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وان محرري هذا سيصلكم ان شاء الله تعالى عن يد ابني فيصل؛ أنبئكم به باني لم أوفده اليكم إلا لمحض إنفاذ رغباتكم؛ وطبقاً لإرادتكم؛ إذ لا يهمنا ورب الكعبة إلا حصول أقوامنا على استقلالهم ببلادهم؛ ووحدتهم باي صورة وشكل كان؛ وعلى يد إي شخص من أبنائها. وحسبـي علمه تبارك وتعالى بكل ذلك؛ وعلى كل حال فهو جل شأنه المسؤول أن يمن على الجميع بموجب رحماته ومرضاته؛ ويدفع عنا وإياكم الأسواء؛ ويختار لنا ما كان فيه الخير؛ وصلى الله على خيرته من خلقه واله الطهر وصحبه الغر؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ولكن جاء الاسوأ في 14 تموز 1958 الذي كانت سبب دوامة الصراع على السلطة والحروب والدم ..  والمقابر الجماعية……

السؤال متى نكتب التأريخ بعيدا عن عواطف الرعاع لهذه الجريمة النكراء...!!!!؟؟؟ ونضع لافتة سوداء على مقبرة العائلة المالكة في هذا اليوم تعبر عن الاسى والحزن .. !!!

معلومات تنشر لأول مرة.

 


مشاهدات 77
الكاتب عادل الياسري
أضيف 2025/07/06 - 2:33 PM
آخر تحديث 2025/07/07 - 10:12 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 289 الشهر 3728 الكلي 11157340
الوقت الآن
الإثنين 2025/7/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير