الأمكنة فخاخ ملغومة
منير حداد
يمدنا الماضي، بنسغ الموعظة الحسنة، التي تتفتح وعينا على خلاصات تجارب تحولت الى حكمة مثلى، نلتزم الصالح منها ونتحاشى الطالح؛ لذلك يجب أن نتطلع الى الأمام ولا نلتفت الى الوراء عائدين الى مكان (كنا) سعداء فيه يوماً ما، يسوقنا اللا وعي إليه؛ فالأمكنة فخاخ ملغومة بالحنين.
كل شيء يتغير، ودوام الحال من المحال، فلا نسفح المستقبل قرباناً لماض لا يعود إلا في منظومة الوهم الهجين الذي يهرس العقل ويبدد الأفكار مثل شعير بين أسنان مذراة تتآمر مع الريح علينا. لا يبقى حجرٌ على حجرٍ؛ لأن الزمان يجعل أحلامنا كوابيساً وسعاداتنا منازل قمر محاق! «فكأننا والماء من حولنا.. قوم جلوس حولهم ماء»
لا عودة.. مواصلة التقدم أجدى، والماضي رصيد يحفظ في خزائن الذاكرة، تاركين نهر الزمان يجري؛ لأننا لن نعبره مرتين، ولن نفلح بالسباحة عكس التيار عائدين الى ما لم يعد موجوداً، «مثل صندوك العرس ينباع خردة العشك
من تمضي السنين» المستقبل يوعدنا بحياة مثلى ما دمنا نسدد فاتورة إلتزاماته؛ فلا نسمح للماضي بإشغالنا عن إقتناص سعادات، نرسخها من عابرة الى مقيمة، وإلا يبرر الماضي كسلنا فينتفي القادم... علينا أن ننهض.. نعب التفاؤل عباً ونستزق العلم زقاً، نبدأ خطوة الألف ميل.. يومياً.