حلم ليلة صيف
أحمد كاظم نصيف
رأيت حاكماً وما هو عليه من الفخامة والأبَّهة، يسهر على شؤون رعيته، ويقضي بينهم بالعدل، فينتصف للمظلوم من الظالم، ويحمي الضعيف من القوي، ويحفظ مال اليتيم، ويعطف على المسكين، ويفرج كربة المكروب، ويغيث البائس والملهوف، يحب العلم والعلماء، ويتذوق الأدب ويقدر الأدباء، يفسح لهم في مجلسه، وهو يناقشهم ويناقشونه، ويسمع منهم ويسمعون منه.
له وزراء خبيرون بشؤون السياسة وتدبرها، وله وُلاة وقضاة منصفون عادلون، هؤلاء جميعاً يتصفون بحب الوطن، والوفاء صفة طيبةٌ، ما اتصفَ بها أهلُ وطن إلّا عزُّوا، وحب الوطن إيمانٌ في القلب، والانسان الذي يستحق أن يعيش هو الذي يجعلُ وطنه عنده أغلى من كل شيء حتى نفسه.
ورأيت الشعب في يسر ورخاء، ليس فيه الفقير المعدم، وليس فيه الغني الواسع الثراء؛ لا يهمهم جمعُ المال وكنزه، ويكفيهم أن يعيشوا هانئين راضين مطمئنين على أنفسهم وعلى دينهم.
فليس عجباً إذن، أن يتعلق الشعبُ به، وأن تلتفَ القلوبُ حوله، وأن يحبه الناس، وينزلونه منهم منزلة الوالد العطوف الشفيق، وأن تنطلق ألسنة الشعراء بمدحه، وألسنة رجال الدين بالدعاء له، فهو جميل الصلة برجال دولته، وبالعامة والخاصة من رعيته.