إنتهت الحرب برقصة التانغو
ياس خضير البياتي
كما توقعت، انتهت الحرب قبل أن تُعلن نهايتها. ولمن يسأل: هل توقفت فعلًا؟ أقول نعم، حتى ولو سمعتم رصاصة هنا أو غارة هناك، فهذه ليست الحرب... بل صدى ما تبقّى منها.
ما يحدث الآن ليس استمرارًا للمعركة، بل ارتدادًا صوتيًا لها. تشبه الأرض التي تواصل الاهتزاز بعد الزلزال، رغم أن مركز الانفجار قد هدأ. فكل الأطراف أدركت أن التصعيد وصل إلى حافته القصوى، وأن الضربة القادمة قد تشعل نارًا لن ينجو منها أحد.
إيران انسحبت خطوة إلى الخلف بصمت البازار، تُراكم ما تبقّى من أوراقها. إسرائيل خفّفت نبرة التهديد، رغم استمرار اليد على الزناد. أميركا تدير المشهد كما يُدير العازف المنهك آخر نوتة قبل الصمت.
هذه ليست تهدئة، بل «توازن خوف» فرضه العجز عن الذهاب أبعد. وإذا كانت الحرب فنًا، فإن ما نشهده الآن هو ذروة الفن... حين تُفرَض النهاية دون اعتراف. لم تكن نهاية حرب، بل لحظة وعي جمعي… أن لا أحد يخرج سالمًا من نار لا سقف لها.
هكذا تُختتم الحروب الحديثة: ليست بانفجار، بل بإيماءة، باتفاق غير معلن، وبخطوة إلى الوراء… تحسبها ضعفًا، لكنها الذكاء وقد غيّر شكله. وهكذا، بينما تتقن الدول فنون الانسحاب الأنيق، تظل الشعوب وحدها تتحمّل كلفة التصفيق… والانفجار. وحدها الشعوب دفعت الثمن... بالقلق، بالدم، وبالانتظار.
اقرأوا مقالتي من جديد، لا كتحليل عابر، بل كخريطة لما لم يُقَل صراحة. ما بين السطور، كتبتُ ما سيحدث... واليوم، ها هو يحدث.
بدأت الحرب بصراخ الصواريخ واستعراضات القوة، وانتهت برقصة التانغو: رقصة مليئة بالتوتر والشد الداخلي، وتقوم على خطوات دقيقة، متقابلة، محسوبة، بين طرفين يتقدم أحدهما خطوة ليعود الآخر إلى الخلف. ينتهي بلا صخب، بل بانحناءة ختامية!