الأبعاد الإستراتيجية للصراع الإسرائيلي الإيراني
عمر كامل حسن
تمثل منطقة الشرق الاوسط منطقة صراع وتنافس جيوبولتيكي بين إسرائيل وايران وقوى اقليمية ودولية،إذ كلتا الدولتين تعد المنطقة الشرق-اوسطية مجالا حيويا لها.بيد ان حقيقة الامر ان هذا التنافس طبيعي وليس وليد الثورة الاسلامية في ايران،بل كان موجودا حتى أبان حقبة الشاه”حليف إسرائيل” ف إسرائيل تشارك الولايات المتحدة الامريكية في النظرة الى ايران،ليس فقط فيما يتعلق بكسر الاحتكار النووي الاسرائيلي،ولكن أيضا توسيع النفوذ الجيوسياسي الايراني في المنطقة،والذي لم يقتصر فقط على منطقة الخليج العربي بل شمل أيضا باقي منطقة الشرق الاوسط من خلال خلق بؤر لتطويق إسرائيل في لبنان وسوريا،علاوة على العلاقة الاستراتيجية مع حركات المقاومة في فلسطين المحتلة،وما يشكله ذلك ليس فقط من تهديدات امنية على إسرائيل،بل مخاطر وجودية عليها أيضا في ضوء تجربة القصف الصاروخ المكثف المتكرر الذي مارسه حزب الله ضد المدن الاسراءيلية ولاسيما خلال طوفان الاقصى،كما أن التنافس الايراني-الاسراءيلي شمل مناطق واسعة من الشرق الاوسط في(اسيا الوسطى) وحوض قزوين إذ تعد هذه المناطق مجالات حيوية مهمة لكل القوى الاقليمية والدولية بما فيها إسرائيل وايران وتركيا.وفي النظرة الاسراءيلية-الامريكية (المشتركة) ان ايران اذا ماتحولت الى (دولة نووية) فأنها ستغير المنطقة،وتخلق محورا جديدا للطاقة يضم ايران والصين وروسيا وفنزويلا. الأمر الذي سيشكل خسارة اكبر من التكاليف العسكرية والسياسية لأية حرب ضد ايران.كما ان النظرة الاستراتيجية الإسرائيلية ترى ان الاختراق الايراني لمنطقة المشرق العربي-هدفها تعظيم الوزن الجيوستراتيجي الاقليمي الايراني في مواجهة اطماعها في هذه المنطقة المتاخمة لحدود إسرائيل. فيما تتخوف ايران من دخول إسرائيل منطقة الخليج العربي التي تعده ايران اهم واعظم مجال حيوي لها-تحت عباءة تطبيع علاقاتها مع دول الخليج(وهو ماتم فعليا مع الامارات والبحرين) وزيادة الروابط الاقتصادي والتكنولوجية والاستثمارية وغيرها،لتمكينها من فرض هيمنتها على منطقة الخليج الغنية بالثروات..ومنطقة الهلال الخصيب الغنية بالمصادر الطبيعية..واكتساب وضعية جيوستراتيجية وسياسية تدعم دورها كدولة اقليمية كبرى ومؤثرة ،وكحليف استراتيجي امريكي كما أن ايران تخشى ان يؤدي اي سلام بين إسرائيل والعرب الى تهميشها اقليميا ،بحيث تصبح معزولة استراتيجيا عن مجالها الحيوي الذي حققته في المنطقة لاسيما سوريا ولبنان واليمن والعراق ،ليس هذا فحسب بل ان التوصل الى تسوية سياسية في المنطقة سيؤدي الى زيادة النفوذ الأمريكي والقوات العسكرية وهو امر لايخدم مصالح ايران. وتاسيسا على ماتقدم يمكن القول ان الصراع الايراني-الاسراءيلي على الشرق الاوسط يشكل بعدا جيوبولتيكيا هاما من خلال استراتيجية إسرائيل لعدم السماح لأي قوة اقليمية شرق اوسطية بأمتلاك الاسلحة النووية ،إذ ان امتلاك ايران لسلاح نووي يعني تحقيق استراتيجية (الردع المتوازن )،مما يجعل الصراع لصالح القوى الأخرى،ومن هنا نجد ان مستقبل الشرق الاوسط مرهون الى حد كبير بما تؤول اليه المساعي السلمية ،وأن فشلت ربما العسكرية ،وهو الخيار الذي تبنته إسرائيل حاليا والذي ينذر بمخاطر جمة في المنطقة.