مصر وايران..  تخصيب (الشوق والفستق)

عباس الجبوري

 

١-بعد قمة ترامب في الخليج ..وانفتاحها على القضية السورية.. والتطبيع ..ومكالمة هاتفية مع اردوغان ..كانت هناك دولتان ترقبان المشهد بعينين واسعتين ..هما مصر وايران ..ولكل واحدة منهما ..رموش وقلب ..وسمعٌ رهيف..حتى اذا انتهى العرس الترامبي  ..مد عراقجي (وزير ايران النووي) يده الى هاتفه للحديث مع وزير خارجية مصر ..قبل ان يسافر اليها في اليوم التالي ..وفي حقيبته أوراق    (ملاحظات )سفرة عمان وروما ..وأخرى..

٢- التقت الرغبتان المصرية والايرانية للقاء الجديد..وتم تسخين مقدمات اللقاء وجدول اللقاء على (نار حمام أصفهاني وفرعوني)..تبدأ بلقاء رئيس الجمهورية السيسي ..ووزير الخارجية.. ونخب ثقافية وفكرية.. وجولة (شعبية) حرة في أسواق وشوارع القاهرة..لتنتهي جولة سوق الخليلي بزيارة (رأس الحسين)..بخشوع طويل..سكب عراقجي دموعه السخية على شباكه العريق..وتأمل..

٣-هناك من المحللين الذين كانوا يتابعون (طقس )ترامب رأى..ان مصر تم تهميشها في محطات الخليج الثلاث..فلا حضور ..ولا دعم.. وهي ترى الصفقات الترليونية تتم بسرعة الضوء..وعلى أنغام النافورات الغنائية التي تمايلت من الغنج والاضواء..يرى البعض ان ترامب عاقب الفراعنة لانهم لم (ينحتوا ) وطناً بديلاً لسكان غزة على رمال (موسى وهارون)..في سيناء

٤-مصر تشكو من شحة موارد البحر الاحمر وقناة السويس بسبب الاصرار اليماني(الحوثي) على حصار موانئ (اسرائيل) ومنع وصول البواخر اليها حتى رفع الحصار عن غزة.. وهنا تيقنت مصر ان الطريق الى الحوثيين يتم عبر القناة الايرانية.. بعيداً عن استعراض العظلات والاساطيل..خصوصاً بعد أن تبسم (ترامب) للحوثيين واشاد بصلابتهم ..ومصر تعلم ان الموقف لايخلو من(حرج)..بين شحة مالية لمصر..وفك الحصار عن (اسرائيل)..وصعدة موالها طويل لاتغنيه الا بعد ساعة(قات)ناعسة..

٥-التقط عراقجي (ذبذبة ترامب الباردة) تجاه مصر..وشحة المال ..وأشياء اخرى..

فقرر الوصل مع (الصعايدة).. فرحبوا بشوق حار  بالضيف الايراني القديم الجديد..وجلس الطرفان يراجعان ويناقشان شريط  العمل بينهما..فكان..

أ-التنسيق في موضوعة غزة..ووقف اطلاق النار

ب-لبنان وسبل الاعمار والصمود

ج-سوريا..بين الحذر والانفتاح وارتداداتهما

د-النووي.. وأنفاس مصر القديمة في الوكالة والمفاوضات مع الجانب الامريكي

هـ-استقلال القرار المصري-الايراني

و-سفرة ترامب

ز-حصار البحر الاحمر

ح-الانفتاح على آسيا(مصرياً)

ط-التعاون  الاقتصادي

ي-السياحة الدينية

٦-مصر صاحبة العراقة في صناعة السينما والشهرة.. استطاعت بتركيب وانتاج (مشهد)لاجتماع مهم ولافت بين( وزير خارجية ايران ومدير وكالة الطاقة النووية ووزير خارجية مصر)..لم يعلق الاعلام الغربي على الاجتماع كثيراً..أما الاعلام العربي فبدى (غير مكترث) ..بتعمد واضح ..

أما المصريون فزادوا على (صورة) اللقاء غموضاً مقصوداً..(لحاجة في نفس يعقوب)تغلي في قلبه المرهق..وعينيه المبيضتين من أشباح وأوهام الامراء والسلاطين وهم يصطادون يوسف من بئر قديم..

٧-البعض يرى …ان مصروايران (مهمشتان)

وقد (يقربهما) شعور الغربة..وهاجس الاختناق

وهناك من يرى ان مصر تناور ب(ايران) أمام الدول العربية..وبمجرد ان تبتسم دول الخليج لمصر..سيصبح الايرانيون (كسرة ) في الهلال القديم..

أما الايرانيون ..فهم (خلّاط) كبير يعصر كل الاشياء التي تقترب منه ..ويعلم الايرانيون ان الطريق الى أفريقيا لايمر عبر حدود برية..وانما على جناح طير (طعامه الفستق)..وللفستق سحر ومذاق يتشهاه العرب في ليلهم الطويل..

٨-المرشد الايراني من أربعين عاماً يردد حينما تُذكرُمصر…

(بلى أنا مشتاقٌ وعندي لوعةٌ…

ولكنَّ مثلي لايذاعُ له سرُّ)..

وعراقجي شغوف بالغوص لكشف السر الذي يسكن قلوب الوالهين..

صحيح ان العالم الان لايصفق للاشعار وخيال الشعراء…ولكن َّالايرانيين لهم مع مصر حديث آخر يقترب من الاساطير..مصر يوزرسيف ..والاهرامات..والازهر..ومحمد بن أبي بكر..ومالك الاشتر ..والسيدة زينب..ومائة مليون قلب مفتوح …

٩-المعتّقون من السياسين يرون أن من ممنوعات (الجغرافية السياسية)…أن تلتقي مصر وأيران…وكذلك سوريا والعراق ..لأسباب وأسرار وأعتاب وأرزاق..ولو كانت من نوع السحت …وتبقى الشعوب تحلم بالوصل والسفر بلا منع ولا تفتيش ولا رقابة..وتوزع الشعر والاناشيد على خارطة الشهداءوالبيادر علّها تغري العصافير أن تنزل الى الارض بلا جوازات سفر ..لتمنح السنابل (سحراً على سحر) يعجب الزرّاع..ويشكر المطر..وفاءً للسحاب..الذي يردد كل صباح ..(بينهما برزخٌ لايبغيان)..

 

مجلس النواب العراقي