الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
سينما الخيام تباع

بواسطة azzaman

فم مفتوح .. فم مغلق

سينما الخيام تباع

زيد الحلي

 

في قلب بغداد، المدينة التي كانت ذات يوم مناراتها تضيء عتمة الشرق، وبين شوارعها التي كانت تعجُ بالثقافة والموسيقى والكتب والمقاهي الفكرية، تقف اليوم بناية «سينما الخيام» على مفترق مصير... معروضةً للبيع ، كأنها قطعة أثاث قديمة في سوق المستعمل ، لا أحد يراها كما كانت ، فخرا ثقافيا ، ومعلما حضاريا، ورمزا حيا لذاكرة أجيال عراقية عاشت لحظاتها السعيدة والحزينة بين مقاعدها.

سينما الخيام ليست مجرد صالة عرض أفلام. هي رمز من رموز بغداد الثقافية، تأسست في زمن كانت فيه السينما تُعتبر مدرسة بصرية وأداة وعي، لا ترفا ولا كمالاً.

اليوم، إذ تُعرض هذه البناية للبيع، ندق ناقوس الخطر، لا على مبنى فقط، بل على جزء حي من الذاكرة الثقافية البغدادية. ندائي موجه إلى صديقنا حارس الثقافة العراقية في مرحلتنا الحالية الشاعر د. عارف الساعدي مستشار رئيس الوزراء للشؤون الثقافية أن يبادر، وهو المبادر دوما، الى مخاطبة السيد رئيس الوزراء من أجل تخصيص ميزانية عاجلة لشراء هذه البناية قبل أن تتحول إلى «مول» تجاري، أو مطعم او مخزن للبضائع الرديئة. ان الحفاظ على سينما الخيام ليس منّة، بل واجب ثقافي. وهي فرصة نادرة لترميم الثقة بين المواطن والدولة، من خلال العناية بما يُحب ويتذكر.. وسيبقى كل المواطنين شاكرين لو تحققت امنياتهم بإنقاذ « الخيام « ... صالة وذكرى.

شخصيا، اسأل بحرقة: هل يُعقل أن تُهمل واحدة من أهم صالات العرض في تاريخ العراق وتحديدا  بغداد، بينما تُرمم صالات سينما قديمة في عواصم أخرى؟

ولن آتي  بجديد بقولي ان سينما الخيام ليست مجرد مكان، بل وعاء روحي وثقافي، كان جزءا من المشهد اليومي لبغداد الستينيات والسبعينيات والثمانينيات... ومَن ينسى طوابير المتفرجين في أيام نهاية الأسبوع، او عند عرض منتصف النهار يوم الجمعة،  ومَن ينسى نكهة تلك العروض، ورائحة جو الصالة العطر ، ولوحات عمر الخيام في الجانبين، والضحكات عند عرض الافلام الكوميدية للثنائي ( لوريل وهاردي) والنجم الامريكي (ديك فان) في فلمه (ماري بوبيننز) الذي شاهدته مع صديقي الراحل المخرج عبد الهادي مبارك، وايضا سمعتُ  بكاء الجمهور عند عرض  الفيلم الانساني المؤثر (ام الهند) الذي حضرتُ عرضه مع المرحوم ابي ..

العزيز د. عارف ، اعرفك اصيلاً في فهم وجدان المجتمع ، وثق ان دعوتي  ليست عاطفية، بل هي دعوة عقلانية ، فإنقاذ سينما الخيام هو استثمار في الذاكرة، في الإنسان، في الهوية.. وعودتها الى الحياة ، مساهمة في عودة الروح الى شارع الرشيد والى قلب بغداد .. الى ساحة التحرير ..محبتي.

 

Z_alhilly@yahoo.com

 


مشاهدات 48
الكاتب زيد الحلي
أضيف 2025/05/31 - 2:20 PM
آخر تحديث 2025/06/02 - 2:14 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 819 الشهر 2124 الكلي 11136778
الوقت الآن
الإثنين 2025/6/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير