نبض حواء .. اسئلة
هدى جاسم
باتت خطواتها متثاقلة وهي تتجه نحو بيتها الذي كانت تراه قصرا شيدته بصبرها رغم صغر مساحته ، جدرانه لم تعد كما كانت تزدان بالذكريات ، ولا الارض عادت تحسب خطواتها وتتراقص تحتها فرحا ، اما سقف منزلها فكان معبئ بالاحلام التي تزهو في مخيلتها وهي تحاول ان تغفوا قبل اطلالة صباح جديد .
تساءلت ترى اين تسربت احلامي وذكرياتي وفرحي بكل خطوة في هذا البيت ؟اتراها اسرعت بالهروب قبل ان تقبض عليها الايادي التي لاتعرف الاحلام ؟ ام انها تسربت بفعل فاعل ومجهول في وقت واحد ؟
لمحت ان بينها وبين بوابة بيتها الصغير بضع خطوات ولاول مرة تراه بهذا الحجم ، حاولت ان تقترب اكثر ، لكنها لم تستطع ..خطواتها تراجعت واصابعها لم تعد تدرك ان تلك البوابة الصغيرة قد انكسرت قبضتها ووضع احدهم قطعة عشوائية من الحجر الاصفر عله يغلق اخر محاولة للسراق من اقتحام البيت .
كانت صغيرة ونابضة بالحب عندما رسمت اول احلامها ، ومع كل خطوة ترتضي باقل الامنيات علها تكبر وتصبح حلما ، ومع الايام شاخت امانيها ولم تتحول الى حلم متحقق ، والبيت بات صغيرا بقبضة باب محطم لايكفي بالقبض على الامنيات ،حاولت ان تتقدم اكثر لكن خصلات شعرها البيض بانت من تحت عبائتها السوداء ، حاولت جاهدة ان تخفيها لئلا يتربص بها الحلم ويضحك من امرأة لاتقوى على فك تشابك خصلات الشعر من طفولتها الضائعة بين الاحلام .
تقدمت اكثر من باب بيتها حاولت ان تفتحه بدراية مكسورة لكنه اغلق نفسه امامها وكانه اغلق اخر احلامها بقصرصغير .. تراجعت خائفة ثم التفتت مرة اخرى واقتحمت الباب بما تبقى لها من امنيات وغطت خصلاتها البيض وصعدت السلم برأس مرفوع واصابع ترتجف من بوابة قد توصد مرة اخرى بوجه احلام طفولتها .