الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
اِبعدْ يا شيطان اِبعدْ يا شيطان

بواسطة azzaman

اِبعدْ يا شيطان اِبعدْ يا شيطان

علي الجنابي

 

   معَ إطلالةِ غرَّةِ شَهرِ انتخاباتِ مجلسِ النُّوابِ العراقي المُوقَّرِ الرَّيَّان، واستباقاً لمكالماتٍ أو رسائلَ معتادةٍ تَردُ على الخاص من المُرشحين مؤطَّرةً بهيامٍ وغرامٍ ومعطرةً بحبٍّ وحنان، ومع تصاعدِ النَفَحاتِ والنَّفَخاتِ الى العَنان، بأنَّ "صوتَكَ مستقبلكُ فلا تتنازلْ عنهُ للرعاعِ والخرفان". ونظراً لحرصِيَ التام على عدم تجاهل أيَّةِ مكالمةٍ أو رسالةٍ تَتناولُ هذا الشَّان ، فما كانَ التجاهلُ من شِيمِ الأبرارِ على مدى الزَّمان، فقد وددتُ كمواطنٍ عراقيٍّ ناخبٍ الردَّ جهرةً من على مَنصةِ جريدتِنا الأولى جريدةِ "الزمان":

   أظنَّ أنَّ بينَ يديَّ منَ الأصواتِ أكثرُ من 250 صوتٍ وأزيدُ بالحُسبان، واتعهدُ بل أقسمُ إني سوفَ أبْصِمُ بأجمعِهنَّ لمرشحٍ لهذي الأصواتِ ظَمآن، شرطَ أن يَحلفَ بالله العزيزِ الرَّحمن، إنَّهُ لن يتقاضى مرتباً من "البرلمان"، يزيدُ عن مرتبهِ الشَّهريِّ المتهرِّء العُرْيَان، الذي كانَ يتقاضاهُ قبل دخولهِ قبَّةِ البرلمان. ولو ترى ياصاحبي، إذ كانَ مُرتَّبهُ لا يستوفي تسديدَ ديون بَقَالةِ الحاجِّ "حَمدان"، و كانَ المرشحُ يتجنَّبُ رميَ خطاهُ في زقاقِ ذلكَ الدُّكان. وأمَّا إن كانَ المرشحُ يعملُ ضمنَ القطاع الخاصِ أو شيخَ عشيرةٍ كان، وكان عاطلاً  ولا يعرفُ منَ الدنيا إلا فضَّ النزاعاتِ بينَ الغلمان، فهذا غلامٌ طافرٌ على سَطحِ بيتِ الجيران، وذاكَ غلامٌ نافرٌ، يجعلُ ذا اللبَّ حيران، فعلى المرشحِ إذاً، أن يُقسمَ أنه سيتقاضى مُرتباً من البرلمان، يعدلُ مرتبَ الموظفِ الحكومي التَّعبان. والآن..

   لئن أقسمَ المرشحُ لنا بربِّنا المليكِ الرَّحمن، فلنكونَنَّ معهُ مساندينَ وله ناخبينَ في كلِّ ميدان، بل ولصيتهِ مُرَوجينَ بصدقٍ وامتنان، لإنه مواطنٌ عراقي أصيلٌ نزيهٌ نبيلٌ ويستحقُّ العرفان، ولسوفَ نهرولُ لهُ بشِيبتِنا وشبابِنا وكذلك ببناتِنا والنسوان، الى حيثُ صناديق الإقتراعِ وحيثُ الحبرِ البنفسجيِّ الفتَّان.

   ولئن أبى المرشحُ أن يحلفَ بأغلظِ الأيْمان، وابتغى الضَّحكَ على ذقوننا بهلسٍ وهذيان، وارتضى الزوغانَ الى مراوغةِ الثعالب في البستان، والنَّقرِ على طَبلِ الطَّائفيةِ ليعزفَ لنا بغثيان، عزفاً منفرداً بهذي الألحان:"السُّنةُ دواعشٌ يجبُ منعَهم من أيِّ منصبٍ كان" و "الشِّيعةُ مَجوسٌ ويجبُ كنسَهم من قصرِ السُّلطان"، لئن أبى المرشحُ الحلفان، فلنَعزِفَنَّ لهُ مُضطَرِّينَ غيرَ راغبينَ اللحنَ الخالدَ الذي ذاعَ في الأوطان:

ابعد يا شيطان ، ابعد يا شيطان

ان جيت من الباب ح نرد الباب ونعيش ف امان

وان جيت من الحيط ح نسد الحيط بحجر صوان

ابعد يا حيوان ، ابعد يا حيوان

    هذا هو مِعيارُنا نقيسُ به كلِّ مرشحٍ لعضويةِ البرلمان، وليسَ لدينا معهُ من مَعيارٍ صَفيٍّ أو مكيالٍ خفيٍّ ثان، ثمَّ إنه ليسَ بمعيارٍ جائرٍ بل وفيٌّ وبمثلهِ يتشكَّلُ برلمانُ سائرِ البلدان. ذاكَ أنَّ ضميرَ المُرشحِ الذي يرتضي أن يتمتعَ بمرتباتٍ خياليةٍ أسطوريةٍ، لن نجدَها في سائرِ البلدان، هو ضميرٌ مترشحٌ من قَعْرِ الدَّناءةِ والرَّذالةِ والفلتان، ومُتوشحٌ بوَقْرِ البذاءةِ والسَّفالةِ والبهتان، ولا ينتمي الى بلدِنا ولعشائِرِهِ في كلِّ ديارٍ وآن، بل الى فصيلةِ كلبِ المَزابلِ"فدعوسَ" الغلبان، حتَّى ولو ارتدى ربطةَ عنقٍ بلونٍ أحمرٍ قان، أو اهتدى لعِمامةٍ مفروشٌ عليها هلالٌ مُذَهَّبُ بلَمَعان، ومَنقوشٌ ببطنِ الهِلالِ كلماتُ الأذان.

  ونحنُ إذ نلتَمِسُ العَذرَ من كلبِ المزابل "فدعوسَ" المحترمِ المُصان، عن ذا تجنٍّ على فصيلتِهِ وعدوان، فإننا هنا نُناديهِ بمودةٍ واحتضان: "يا فدعوس، لكَ الكرعانَ والرؤوس"، ونُعلنُ لهُ انَّ الكلابَ فصيلةٌ غيرُ مُعَابةٍ بل مُهَابةٌ بعُنفوان، وأنَّها لا تنهبُ ولا تسلبُ بل تَذهبُ تَطلبُ رزقَها جَهرةً في الأزقةِ بينَ المَبان، لكنِ الأمثلةُ بكَ يا سيِّدَ "فدعوسَ" تُضربُ، بيدَ أنَّها تقاسُ على فلانٍ وفلانٍ وفلان.

ثمَّ مسكُ الختامِ تَساؤلٌ رَنانٌ في الصَّدرِ وطَنَّان:

  فبينما نرى حكومتَنا الرشيدةَ الوريثةَ لهارون الرشيدِ في العُنفوان، ترصدُ 400 مليار دينار دعماً لانتخاباتِ البرلمان، وهكذا نقلت لنا وكالاتِ الإنباء عن مجلسِ الوزراءِ المُتَكرِّمِ المَنَّان.  وبينَما نراها ناجزةً وتلاحقُ البَدوَ الرحَّلِ على البِعْران، إبتغاءَ تحديثِ بطاقةَ الناخبِ على الكثبانِ هنالكَ وبينَ الوديان، فإنَّا نراها عاجزةً بل تأبى أن تضعَ دراهمَ معدوداتٍ في بطاقةِ إئتمان، لإنشاءِ محطَّةِ تنقيةِ مياهٍ لأهلِ بغدادَ، ولأهل ما في المحافظاتِ من سكان، وتنهى عن بناءِ محطَّةِ كهرباءَ يستنيرُ بها "عَبُّودي ابنُ علوان"، و"حَمودي" ابنُ ذلكَ البقَّالِ حَمدان، ويستجيرُ بها من حرِّ الصيفِ بقيةُ الولدانِ في الحيِّ من صِبيةٍ، وكذا من صبايا ونسوان، بل ونراها قدِ خطَّتْ لهم نشيداً وطنيَّاً جديداً باحترافٍ وامتهان، فأطَّت شِفاهُهم بهِ تتغنَّى في دُروبِ البلدِ كلَّ حين وآن:

"موطني موطني، الماءُ آرو آرو ، والدبَّة بخَمسمية"

" موطني موطني، السَّماءُ نارُ نارُ، والكهربا ذَهبية"

نسخة منه إلى/ مجلس النواب العراقي، لإتخاذ مايلزم بشأن إقرار النشيد الوطني.

                       / الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، لنفس الغرض أعلاه.

                         / المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مع التحية، ومريئاً لكمُ (الأربعميَّة منيار دونار). واذكورنا إذ أنتمُ على موائدَ الكبابِ، وإذ تلتقمونَ لقيماتِ الهبر الهنية.


مشاهدات 110
الكاتب علي الجنابي
أضيف 2025/05/11 - 3:24 PM
آخر تحديث 2025/05/12 - 5:30 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 929 الشهر 14883 الكلي 11008887
الوقت الآن
الإثنين 2025/5/12 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير