الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ملاحظات نقدية عن السياحة الجماعية في غرب إيران

بواسطة azzaman

رحلة قصيرة لكنها متعبة

ملاحظات نقدية عن السياحة الجماعية في غرب إيران

حمدي العطار

مقدمة:

في عالم اليوم، حيث تتسارع وتيرة الحياة، أصبحت الرحلات السياحية وسيلة للهروب المؤقت من ضغط العمل والروتين اليومي. لكن هذه الرحلات لا تكون دائمًا ممتعة أو مريحة، خاصة حين تخضع لمنهجية تجارية تُعلي من الكم على حساب الجودة. من خلال تجربة شخصية، أنقل  انطباعاتي عن رحلة قصيرة إلى ثلاث مدن إيرانية، لاقدّم رؤية نقدية لمفهوم «السياحة السريعة».

نص المقال:

خمسة أيام، ثلاث مدن، ساعات طويلة في الحافلة، ونسمة باردة مع قطرات مطر مفاجئة، وضياع حقيبتي قرب أحد المطاعم في همدان... تلك هي أبرز المشاهد التي ظلّت عالقة في ذهني من رحلتي الأخيرة، التي اصطحبت خلالها أحفادي، إلى مدن سنندج، كرمنشاه، وهمدان. قد تبدو فكرة زيارة ثلاث مدن في رحلة قصيرة ميزة سياحية، إذ تتيح للزائر التعرف على أماكن متعددة بتكلفة واحدة. غير أن الواقع مختلف تمامًا، فالمسافات الطويلة بين المدن الإيرانية تجعل التنقل اليومي مرهقًا، حيث نقضي ما لا يقل عن ست ساعات يوميًا داخل الباص. وإذا ما أضفنا إليها ساعات النوم، لا يتبقى وقت كافٍ لاكتشاف معالم المدن، أو التفاعل العميق مع ثقافتها وتاريخها. البرنامج السياحي المكثف يفرض وتيرة سريعة تجهد المرشد السياحي وتربك المسافرين، وتفقد الرحلة جوهرها. وفي زيارتي الأخيرة إلى همدان، لم يُتح لنا سوى التوقف القصير عند معلم سياحي واحد، حتى أنني نسيت حقيبتي قرب أحد المطاعم بسبب العجلة والتوتر. برأيي، لا ينبغي أن يكون التنافس بين شركات السياحة على عدد المدن المشمولة في الرحلة، بل على عمق التجربة وجودة الخدمة. فالأفضل أن تتخصص الرحلة القصيرة بمدينة واحدة، تُستكشف بتمعن وراحة، بدلاً من اللهاث بين محطات متعددة. همدان: وجهة تستحق أكثر من يومين انطلقنا صباحًا إلى همدان، واحتجنا لأكثر من ثلاث ساعات للوصول. هذه المدينة العريقة، التي كانت يومًا عاصمة الإمبراطورية الفارسية، تزخر بمعالم تاريخية وثقافية تستحق التوقف عندها طويلاً: مرصد ابن صلاح الهمداني، مقبرة بابا طاهر، ضريح ابن سينا، تل هكمتانة، قبة علويان، نقش شامة، معابد الديانات المختلفة، وأسواقها الشعبية الغنية بروح المكان. زرْتُ همدان سابقًا ثلاث مرات، وكتبت عن مواقعها وآثارها ومزاراتها. لكن هذه المرة، وبسبب التزامات الرحلة الجماعية، لم أستطع ألا زيارة كهف كنجمانة و ركوب التلفريك مع أحفادي، ولم نذهب إلى الشلالات وهو ما كنت أتوق إليه.فضلا عن التأخير الطويل في النزول بالتلفرك مما اثار غصبنا وتعب الاحفاد!

خاتمة:

تجربتي مع شركة سياحية محترمة لم تمنعني من ملاحظة الخلل في فلسفة «السياحة الجماعية السريعة»، التي تسلب الزائر متعة التفاعل الحقيقي مع المكان. أعتقد أن إعادة التفكير في برامج الرحلات، بحيث تكون مخصصة لمدينة واحدة في كل مرة، هو خيار أكثر واقعية وفائدة، خاصة لمن يسافر مع العائلة أو يرغب في التعمق بالتاريخ والثقافة، لا مجرد العبور السريع.


مشاهدات 23
الكاتب حمدي العطار
أضيف 2025/05/10 - 1:17 PM
آخر تحديث 2025/05/11 - 3:22 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 219 الشهر 12846 الكلي 11006850
الوقت الآن
الأحد 2025/5/11 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير