الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حين يتغيّر الشكل وتبقى السياسات

بواسطة azzaman

حين يتغيّر الشكل وتبقى السياسات

حمدي العطار

 

رغم مرور أكثر من عقدين على سقوط نظام صدام حسين، لا يزال المشهد السياسي في العراق يعاني من أزمات جوهرية تتعلق بالسيادة والقرار الوطني. فالمراقب يجد أن الكثير من الممارسات التي كانت تُنتقد في النظام السابق، ما زالت قائمة وإن تغيّرت الوسائل والأساليب. فهل تغيّر النظام فعلاً أم أعيد إنتاجه بشكل آخر؟

كان نظام صدام حسين يتخذ قرارات فردية مصيرية، كثيرٌ منها لم يكن يصبّ في مصلحة الشعب، بل على العكس، تسببت في عزلة العراق وتدمير اقتصاده وبنيته التحتية. وكان يبرر هذه القرارات بادعاء القوة والمصلحة الوطنية، لكنه في الحقيقة كان يستخدم هذه الذرائع كغطاء لحماية سلطته المطلقة.

أما اليوم، وبعد التغيير الذي شهده العراق في 2003، فإن ممارسات مشابهة تظهر من جديد، ولكن بأسلوب مغاير. لم يعد القرار العراقي قويًا أو مستقلًا، بل أصبح خاضعًا لمعادلات خارجية تحت عنوان «تصفير المشاكل». ولكن هذا التصفير لم يكن إلا تنازلات متتالية: فالكويت تحصل على ما تريد من المنافذ، والأردن يُمنح النفط بأسعار تفضيلية، وتركيا تتدخل عسكريًا في الأراضي العراقية دون رادع، وإيران والسعودية ودول أخرى تمارس نفوذها السياسي والاقتصادي بشكل مباشر وغير مباشر. بل وصل الحال إلى التطبيع مع النظام السوري رغم تاريخه الدموي، كل ذلك بحجة الحفاظ على استقرار العراق!

وما يزيد الأمر سوءًا هو أن الطبقة السياسية الحالية، كما في عهد صدام، تبرر مواقفها بأنها تصبّ في مصلحة الشعب، بينما الحقيقة أن هذه المواقف تهدف إلى حماية مواقع السلطة والنفوذ. وكأن التاريخ يعيد نفسه، ولكن بوجوه مختلفة وشعارات مغايرة.

إن التشابه بين نظام الأمس واليوم لا يكمن فقط في النتائج، بل في منطق إدارة الدولة والسلطة. وبين استبداد فرد واستسلام جماعي، يظل العراق هو الخاسر الأكبر. وما لم يُعَد النظر في جوهر السياسات، فإن الأسماء قد تتغير، لكن الأزمات ستبقى هي ذاتها، تتكرر في دورة مؤلمة لا يبدو أن لها نهاية قريبة.

 

 

 


مشاهدات 36
الكاتب حمدي العطار
أضيف 2025/05/10 - 1:01 AM
آخر تحديث 2025/05/10 - 3:53 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 273 الشهر 11522 الكلي 11005526
الوقت الآن
السبت 2025/5/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير