الإسلام دين السماح
عباس الصباغ
(وان تعفوا اقرب للتقوى) ـ قرآن كريم
تمأسس الاسلام منذ انبثاقه في غار حراء احد جبال مكة المكرمة على ثيمة السماح التي اكدها الله في كتابه في سورة البقرة (لا اكراه في الدين ) وكانت هذه الثيمة اللا اكراهية اساسا الى الانطلاق في عدم الاكراه في كل شيء مرورا بــ( لكم دينكم ولي ديني ) و(لاتثريب عليكم ) ولم يسجل التاريخ المدوّن حادثا مرويا واحدا عن النبي محمد اجبر فيه اي احد من الناس على تغيير دينه او معتقده بل حدث العكس من ذلك تماما اذ دخل الكثيرون من اصحاب الملل والنحل والايديولوجيات سواء من السماوية او من غيرها دخلوا الى الاسلام طواعية تاركين معتقداتهم السابقة طوعا واقتناعا بدين الاسلام لم يُمارس اي ضغط او اكراه في ذلك بل عن قناعة تامة بالإسلام الذي تمأسس على ثيمة التسامح الحنيف وما وجدوه عند المسلمين من قيم تسامحية فعالة .
ولكن .... بقي العالم الغربي ينظر الى الاسلام والمسلمين عكس هذه النظرة ويتصور الاسلام غير هذا التصور .
كثيرة هي المفاهيم الخاطئة والمقلوبة التي رسمها الغرب عن الاسلام بفعل سرديات الاسلام السياسي اولا وسرديات الإسلام المعاكس والمقلوب ثانيا وهي ادبيات كتبت بمداد وعاظ السلاطين والمرتزقة المتسكعين على ابوب الملوك فانتج لنا تصورات عائمة ومغلوطة عن الاسلام وحرّفت تلك المفاهيم الى درجة ان الاسلام هو دين يعتمد على الذبح وقطع الرؤوس والايدي والسبي والاغتصاب وهتك الاعراض والحرق فضلا عن التمدد بحدود الدولة الى آفاق غير متناهية وبما يشبه شهية الحكام المتسلطين بالمحتلين الغزاة والبرابرة المتوحشين (وليس الشعوب المغلوب على امرها) فنتجت عندنا أيدولوجيتان متناقضتان احداهما تخالف الأخرى ، الاولى تمثل الماكنة الاعلامية الحكومية الهائلة (اعلام السلطة) والثانية اعلام الشعوب الاسلامية المغلوب على امرها والتي لم توّفق في تقديم وجهة نظر اخرى مغايرة للإعلام الحكومي فترسخت الصورة المنقولة عن الاعلام الحكومي المكتوب بمداد وعاظ السلاطين والمنافقين لتكون المصدر الوحيد والرئيس ليستقي منه الغرب تصوراته الخاطئة عن الاسلام كدين سماوي حنيف فكان هذا الاعلام السلطوي المشوّه هو المصدر لذلك تاركا الاعلام الاسلامي الاصيل المكتوب بمداد الاسلام المحمدي الاصيل المنبع الوحيد لرسم صورة حقيقية عن الاسلام الاصيل كصورة عقلانية عن الاسلام ومقنعة للعقل الغربي كي يستوعب الإسلام كما هو اي كدين خاتم وحضارة استوعبت كل الاثنيات والاقواميات في العالم دون فرق .