قرار الحرب في غرفة اخرى
فاتح عبد السلام
الحروب التي تخوضها الدول الكبرى تخضع لقرارات خاصة بتلك الدول بغض النظر عن وجود سياقات أخرى من الممكن ان يتم من خلالها تحاشي الحرب. فالحرب التي خاضتها الولايات المتحدة في احتلال العراق العام 2003 كانت نتاج قرار اليمين المحافظ عبر الأداة التنفيذية الرئيس جورج دبليو بوش، الذي اعترف في برنامج تلفزيوني مؤخرا انه لم يكن يعلم ان القرارات مبنية على معلومات كاذبة، هكذا ببساطة اساطيل تتحرك وجيوش تغزو نتيجة كذبة ، والحقيقة ليست كذلك فقرار الحرب متخذ وكان بحاجة لماكياج وبعض الزينة للظهور والتنفيذ.
وكانت الاستعدادات العسكرية والسياسية قد الغت أصلا أي احتمال ولو كان ضئيلا لإجبار النظام العراقي السابق على تنازلات بشأن أي ملف. كانوا قد قرروا غزو العراق وتحت ابطيهم طواقم سياسية محلية جرى تنصيبها واجهات قبل ان ينقلب السحر على الساحر وتفسد الطبخة.
وكذلك الحرب التي تشنها إسرائيل اليوم على عدة جبهات من دون ان تركن الى أي مبادرة سلام، ذلك ان خيار الحرب لإسرائيل ليس أفضل الخيارات او اقلها تكلفة، بالعكس هو خيار مكلف جدا ومستنزف وأفقد إسرائيل هالة هيبتها التي احتمت بها منتصرة سبعين سنة، لكن أصحاب القرار برغم ضعف العوامل الجغرافية والبشرية االذاتية وحتى التسليحية أحيانا، فانّهم مصممون على تغليب خيار لغة الحروب، والدليل بعد حرب غزة ما يجري في سوريا اذ يسعون لفتح جبهة سوريا عبر استفزازات مبالغ فيها.
وكذلك المفاوضات الامريكية الإيرانية، فقد لا تعني شيئا اذا كان قرار الحرب قد جرى اتخاذه في الغرف المغلقة، ولن تكون جولات المفاوضات بين مسقط وروما سوى صفحة تمهيدية لاندلاع الحرب وليس لتجنبها.
في ضوء التجارب والمعطيات أرى انّ شروط الجانبين الإيراني والامريكي سوف تذهب للتعقيد والتشدد والزيادة وليس للتساهل والتفاهم، ولعل المراقب يستطيع ان يلمح بسهولة ما تخفيه وجوه المفاوضين من الجانبين.
توقيت الحروب ليس له علاقة بالظروف الموضوعية، ولعل العوامل الذاتية أكبر تأثيراً من سواها.