الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
نموذج في نزاهة قاضٍ

بواسطة azzaman

نموذج في نزاهة قاضٍ

عماد يوسف خورشيد

 

الثابت أن المشرع العراقي نظم واجبات الموظف بشكل عام في قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 114 لسنة 1991 المعدل النافذ، واستثنى مجموعة من المؤسسات في خضوع موظفيها لهذا القانون ومنهم القضاة، إذ تم تنظيم واجبات القاضي في قانون التنظيم القضائي رقم (160) لسنة 1979 تحديدًا في المادة 7 منه. فالسلطة القضائية هي الميدان الحيوي لحماية الحقوق والحريات الأساسية للأفراد، فلا بد من إعطاء وضع خاص للقضاة لأداء هذا الواجب الكبير في حل الخلافات التي قد تحصل عند تضارب المصالح والحقوق فيما بين الناس.ومما نقف عنده في هذه المقالة نص المادة 7 / أولًا من قانون التنظيم القضائي رقم (160) لسنة 1979 والتي نصت على أنه «يلتزم القاضي بما يأتي : أولًا – المحافظة على كرامة القضاء والابتعاد عن كل ما يبعث الريبة في استقامته».ومما ينبغي أن نقف عنده، واقعة مادية تعطي نموذجا عمليًا في تطبيق المادة 7 أعلاه يستأهل أن نذكرها: كنت في زيارة لأداء واجب اجتماعي في إحدى المحافظات، وكان من بين الحضور وجه من وجهاء المدينة، سألني عن أحوال وصحة أحد القضاة في المحافظة التي أسكن فيها قلت: الحمد لله إنه بخير. قال والمجلس فيه أكثر من 150 شخصًا: حصل مع هذا القاضي موقف في نهاية التسعينيات- القرن الماضي- لن أنساه قلت : إن شاء الله خير؟ قال: خير: في يوم من الأيام كانت لدينا دعوى أمامه وهو قاض لمحكمة البداءة، وتطلب إكمال إجراءات الدعوى خروج كشف لرؤية الأرض؛ فخرج القاضي ومعه لجنة متكونة من عدد من موظفين المحكمة والتسجيل العقاري، أحضر ابني ماءً للشرب والجو كان شديد الحرارة - فصل الصيف- امتنع القاضي من شرب الماء، وبعدها استدار الرجل ليكرم بقية أعضاء اللجنة، امتنعوا من الشرب أيضًا. قال صاحب العقار: سيد القاضي الجماعة لم يشربوا الماء عندما رأوك لم تشرب! ونحن أعددنا وجبة غداء لكم، لكن حضرتك لم تشرب الماء فبالتأكيد لن تقبل الأكل معنا؟ ! لذلك أتردد بدعوتكم. رد القاضي: نحن خرجنا لأداء واجب رسمي والآن أكملنا واجبنا، وسنرجع إلى المحكمة، لم نخرج للأكل والشرب!.حاصل الكلام، يظهر من النموذج أعلاه، التطبيق العملي للمادة 7 أعلاه في استقامة ونزاهة هذا القاضي الذي لم يعطِ مجالًا لدخول أي عطية أو ميزة أو منفعة قد يفكر فيها المقابل، فعندما يرى الناس هذا القاضي بهذه الاستقامة تتعزز ثقتهم بالقضاء، ويطمئنون إلى الحكم الذي يصدر من القضاء حتى ولو كان ضدهم. فحماية الحقوق والحريات تتطلب النزاهة والاستقامة وإعطاء رسالة العدل والعدالة للمجتمع. وهذا القاضي إلى حد اليوم يمارس عمله بكل حياد ونزاهة، وظرف حال القاضي يردد قول أبي الطيب المتنبي في البيت الشعري:

ما قيمة الناس إلا في مبادئهم               

لا المال يبقى ولا الألقاب والرتبُ 

استاذ القانون الجنائي المساعد

 

 

 

 

 


مشاهدات 220
الكاتب عماد يوسف خورشيد
أضيف 2025/05/04 - 3:04 PM
آخر تحديث 2025/05/09 - 2:46 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 743 الشهر 10691 الكلي 11004695
الوقت الآن
الجمعة 2025/5/9 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير