مقداد عبدالرضا فنان متفرد حضوره طاغ على الخشبة
الإنطلاق من قمة (النخلة والجيران) صعوداً
كافي لازم
ذلك الصباح الصيفي الباسم وعند جدار معهد الفنون الجميلة في منطقة الكسرة التقى الشخصان الاول استاذ والثاني متعلم .
قال المتعلم /عم صباحا ايها المعلم
الاستاذ/اهلا بك ايها الشاب
المتعلم /لعلك قرأت رسالة ام سمير والتي تتحدث عن معاونتك لي في ان اكون واحدا من اعضاء فرقتكم فرقة المسرح الفني الحديث
الاستاذ/نعم قرأت الرسالة تعال مساء اليوم الى الفرقة عند عمارة الخضيري حيث المقر.
انها ساعات طويلة وانا انتظر بلهفة ان يحل المساء وصلت الفرقة وانا ارتجف بردود افعال لم افهمها الى الان كان يوسف العاني. زينب. ناهدة الرماح.. خليل شوقي حينها غلفني البهاء وانا ارى هؤلاء الاشخاص.. وبعد ايام كانت (النخلة والجيران) .والحقيقة كان اصل اللقاء بين الراحل قاسم محمد وصاحب البايسكلجي الذي هو انا مقداد عبدالرضا مظلوم .وهكذا جاءت حياتي منقعة بروح المعرفة والتعلم.
هذا ماكتبه الفنان مقداد عبدالرضا مع تأكيده الدائم بان لولا فرقة الحديث لم يصل الى هذه المرحلة وهذا وفاء من فنان اصيل ومبدع لقد ساهمت الفرقة تكوين شخصيته الجديدة فقد تجاوز حالة الخجل المتلازمة له في بداية حياته الفنية. لقد تجول معه الراحل يوسف العاني عدة مرات على سواحل دجلة حيث كان مقر الفرقة واعطاه دروسا لن ينساها في الجراءة والدخول لعالمه الجديد.. ان اهم ما يميز هذا الفنان المقتدر في حياته المهنية بأنه حرق مراحل كثيرة وتبؤا مكانا مرموقا بين الفنانين من الصف الاول فلم يعمل كما الاخرين كمبارسا او اي عمل آخر.. وعندما مثل دور البايسكلجي في مسرحية (النخلة والجيران) عام 1969 سجل بهذا التاريخ قدوم نجم جديد لاينسى طيلة العقود التي تلت ذلك التاريخ... لقد استمد ادائه من خلال الرصد و البحث عن هذه الشخصية في المحلات والشوارع ولاحظ كيف تتعامل هذه الشخصية في بيئتها مع الناس والزبائن وحقق غايته في ذلك وكان ادائه مقنعا جدا للمخرج الراحل قاسم محمد .
وهكذا في مسرحية الخرابة وشعيط ومعيط والشريعة.. وهذا لايعني انه اخذه الغرور وتعالى على الاخرين اطلاقا بل انتمى فكرا وروحا لهذه الفرقة العريقة وكلف بمهام فنية اخرى كأختيار الموسيقى وتنفيذيها في بعض الاعمال (وليس ببعيد يوم هجم عليه عقرب سام اصفر اثناء الظلام وسعى متسللا اليه اثناء تنفيذه الموسيقى لمسرحية القربان وكاد ان يبث سمه القاتل بجسمه لولا تدارك احد الزملاء واخذ بدفع الفنان جانبا ومن ثم تم سحق العقرب بساقه واحتفلنا بسلامته) وبما ان لديه تقافة وتخصص و دراية بهذا المجال (الموسيقى) لذلك تم الاستعانة بخبراته والمساهمة في تأسيس اذاعة (صوت الجماهير) عام 1970 ولايخفى على الجميع انه مؤسس لأذاعة ( f. M) 1987/1980 والحقيقة انه كان رائدا وحده في تأسيس هذه الاذاعة المهمة والتي ساهمت في ارتقاء الذائقة الموسيقية لجمهور واسع من المستمعين من خلال مايقوم بتسجيله على الاشرطة والاسراع بارسالها الى مرسلات البث في ابي غريب في سيارته الشخصية دون انقطاع لمدة ثلاثة اشهر وحينها اختار ثلاثة اشخاص بدقة متناهية ليقوموا بالعمل وليحافظوا على استمراريتها استقطبت حينها الكثير من المستمعين. كما اصبح مديرا للاذاعة عام 2004 واعداد البرامج في اذاعة العاصمة وكان ناجحا ايضا وهو يمتلك ارشيفا موسيقيا مهما.
البحث العلمي
اهتم عبدالرضا بثقافته العامة ذاتيا وخصوصا الفنية منها والمثابرة بالبحث العلمي وكان نهما بالقراءة لاسيما وانه يمتلك مكتبة عامرة بمختلف انواع المعرفة هذا الى جانب اهتمامه بشؤون السينما العالمية ولديه من اشرطة سينمائية هي بمثابة نفائس مما انتج على مستوى افضل الافلام كما انه حفظ الكثير من ارشيف الاذاعة والتلفزيون من التلف...كذلك مارس النقد السينمائي من عام 1980 في الصحف العراقية والعربية واخرج فلما بعنوان (زيارة الى الجنة) وفاز بجائزة تقديرية من مهرجان الفلم العالمي القصير في اليونان..مع كل هذا وذاك مارس التصوير الفوتوغرافي مما كان عونا للادباء في اختيار صورهم الى اغلفة مؤلفاتهم.
من اهم صفاته في المسرح انه متأن جدا في الاختيار وقد ضيع الكثير من الادوار المهمة (هذا في رأينا الشخصي) وبشكل خاص في مسرحية بغداد الازل في شخصية( بنان) والذي انسحب فجأة... مع ذلك مثل الكثير من الادوار في الفرقة وكان متفوقا في الاداء من خلال حضوره الطاغي على خشبة المسرح كما انه يعطي مسحة كوميدية شفافة على الشخصية وان كانت احيانا شخصية سلبية.
اما الحوار بالنسبة لمقداد عبدالرضا على اهميته ليس شرطا لكي يثير المتلقي بل ممكن ان يستعمل ادوات اخرى في الحركة والموقف وحتى الأيماء البسيط ممكن ان يوصل مايريده كوميديا بدون اللجوء الى المبالغة او الصياح كما يفعل البعض و احيانا يستعمل (لازمة) يكررها في الوقت المناسب كعبارة (بصريح العبارة) في مسرحية خيط البريسم . انا شخصيا اغمض عيني عندما امثل معه او اتحاشى النظر اليه خوفا من حركة ما يعملها خارج السياق هذا الى جانب المشاركة في جميع فعاليات الفرقة الفنية والثقافية ومن صفاته الالتزام التام بمنهج الفرقة ولايسعى الى ان يتبوأ منصبا بقدر ما كان همه تطوير العمل الفني والادائي للفرقة وقد حضر اخر انتخابات الفرقة عام 2018 وادلى بصوته بكل هدوء. آملا باستمرارها رغم الازمات المتفاقمة بعد التغيير.
=
لم يقتصر نشاطه الفني حكرا لفرقة المسرح الفني الحديث رغم انه اشترك باغلب اعمالها (كالنصيحة) لقاسم محمد و(الخان) ليوسف العاني (والحلم) لقاسم محمد اخراج خليل شوقي و (الباب القديم) لفاضل خليل،ولو تتبعنا اعماله المسرحية لرأينا انها دائما اعمال مهمة في تاريخ المسرح العراقي(وهذا نابع من التأني وحسن الاختيار كما اكدنا سابقا) ولايخفى انه ايضا تعين في الفرقة القومية الحكومية.
اشترك في اعمال مهمة جدا مثل مسرحية (اكتب باسم ربك) لفلاح شاكر اخراج محسن العلي والتي عرضت في القاهرة ولبنان والمغرب وعمان كذلك مسرحية (سيدتي الجميلة) اعداد محمود ابو العباس /اخراج محسن العلي.حصل على جائزة افضل ممثل في مسرحية (الابيض والأسود) لعادل كاظم. واخراج ابراهيم جلال.. مسرحية (تقاسيم على النوى) لعواطف نعيم اخراج عزيز خيون /و(الماس) لخزعل الماجدي اخراج صلاح القصب.الف مسرحية (كوميديا سوداء) اخراج نادر جلال وعرضت في المسرح الملكي ومسرحيات اخرى..
ثمة نقطة مضيئة اخرى في حياة هذا الفنان القدير والتي اكتسب منها شهرة واسعة وهو اداؤه في دور (رؤوف) في مسلسل النسر وعيون المدينة هذه الشخصية التي بقيت عالقة في اذهان الجمهور طوال عقود متتالية.والدراما ليست ببعيدة عنه فقد اشترك بأهم الاعمال التلفزيونية منها (المشروع الكبير) لحميد الجمالي اخراج نبيل ابراهيم /وينك ياجسر لفاروق محمد اخراج فلاح زكي /الايام العصيبة حصل على جائزة افضل ممثل في(ذات الهمة)لعلي الانصاري كذلك حصل على تكريم افضل ممثل في مسلسل (الغريب) لصلاح كرم وحصوله على جائزة افضل ممثل في مسلسل (رجال الظل) لصلاح كرم ،(المسافر) لفلاح زكي (هستريا) احمد هاتف (الوحاش) تاليف واخراج احمد هاتف وحكايات المدن وكرم كأفضل ممثل في مسلسل (حكايات من الزمن الصعب) اخراج فردوس مدحت والعشرات من السهرات التلفزيونية
اما حصته في السينما العراقية فهي لاتقل اهمية عن عمله عن الدراما فقد اشترك بالعديد منها كفلم العاشق وفلم الحدود الملتهبة وفلم الفارس والجبل وفلم اللعبة مع فلم( شيء من القوة)
لابد ان نذكر هنا ان الفنان مقداد عبدالرضا كان من سكنة مدينة الحرية في بغداد وهذه المدينة معروفة في رفد الحركة الفنية والثقافية والرياضية من كوادر مهمة ادت فاعليتها في تنمية الذائقة الراقية للجمهور العراقي.