الحماية لدى القلّة النادرة
معتصم الصالح
هناك أشخاصٌ يكون الهجوم عليهم عاقبته وخيمة.
فمن يعتدي عليهم سرعان ما يتلقى رداً مضاعفاً، لأن طاقة الأشخاص الأقوياء تعمل بهذه الطريقة. قد لا يفعلون شيئًا مباشرًا، قد لا يردّون الضربة بمثلها، بل ربما يلتزمون الصمت ويتحملون الإهانة بثبات.
لكن المعتدي حتماً سيتلقى “ردًا” من نوع آخر: مرضٌ مفاجئ، خسارة فادحة، انهيار في العلاقات، فقدان للقوة... وربما حتى الهلاك. وكأنه اقتحم غرفة محولات كهربائية وأمسك بسلكٍ مكشوف—فالنتيجة حتمية. من يتجرأ على دخول المجال الطاقي لشخصٍ قوي، يتعرض للصعقة، حتى لو لم يقم ذلك الشخص بأي فعل انتقامي.
طاقة قوية
والقوة هنا ليست في العضلات، ولا في الشراسة، فقد يمتلك هذه الطاقة القوية طفلٌ صغير، أو شيخٌ مسن، أو امرأةٌ رقيقة.
القوة الحقيقية تكمن في أولئك الذين أضافوا أو يضيفون أو سيضيفون شيئًا ذا قيمة لهذا العالم، لمن هم ضروريون للمجتمع والحضارة. وأحيانًا لا يدرك الإنسان نفسه أنه يملك هذه الحماية، ولا يعرف ما الذي حلّ بمن حاولوا إيذاءه عمدًا، إلا بعد سنوات، حين تنكشف له الحقائق.
هذا هو النوع الأول من الحماية.
أما النوع الثاني، فهو نادرٌ للغاية...
وهناك أسطورة يابانية تصفه، تُعرف باسم “حكاية السيفين»:
كان هناك حدّادان ماهران يصنعان سيوفًا لا تقدر بثمن، وكان لكلٍّ منهما أسلوبه الفريد. وبعد أن صنع كلٌّ منهما سيفًا، قررا اختبارهما.
وضعا السيفين في مجرى مائي، فكان الأول حادًا لدرجة أن أوراق الخريف التي تجرفها المياه كانت تنقسم إلى نصفين بمجرد لمسها للحدّ.
هذا هو النوع الأول من الحماية—الردع بالقوة.أما السيف الثاني، فقد كان له سرٌّ آخر... فالأوراق لم تكن تلامسه على الإطلاق. بل كانت تنحرف عن مساره وكأنها تخشاه. كان له مجال طاقي خاص، يجبر الأشياء على تفاديه دون أن يضطر إلى قطعها.
هذا هو النوع الثاني من الحماية—حيث لا يستطيع الأعداء حتى الاقتراب.
هذه الدرجة من الحماية تكون حكرًا على القلّة النادرة: الأنقياء، الصالحين، وأولئك الذين يحملون رسالة سامية في هذا العالم. وعادةً، لا يدرك هؤلاء أنهم كانوا في موضع خطر أصلاً، لأنهم منشغلون برسالتهم، غارقون في عملهم، غير مدركين لما يدور حولهم من مكائد.
لكن هذا المستوى من الحماية هو ذروة القوة الروحية. وأما الحماية الأولى، فهي أكثر شيوعًا، وربما كنت قد اختبرتها في حياتك—حين ترى أن من أساء إليك قد نال جزاءه دون أن تحرك ساكنًا.
فإذا حدث ذلك، فاعلم أنك إنسان ذو قيمة، وأن وجودك مهم ومؤثر في حياة الآخرين.
وكلما زادت فائدتك ونفعك للعالم، زادت قوتك.
وربما، مع الوقت، ستصل إلى المرحلة التي لا تجرؤ فيها الأوراق حتى على لمس السيف...