كيفية تجاوز الخلافات ؟

القواسم المشتركة في المذاهب الإسلامية

مظفر عبد العال

 

تعد المذاهب الإسلامية جزءًا أساسيًا من التنوع الفقهي والثقافي في العالم الإسلامي. وعلى الرغم من وجود اختلافات في بعض القضايا الفقهية والعقائدية بين هذه المذاهب، إلا أن هناك قواسم مشتركة يمكن أن تشكل أساسًا للتفاهم والتعاون بين المسلمين. يمكن تحديد بعض القواسم المشتركة بين المذاهب الإسلامية كما يلي:

1. الإيمان بالله وبالأنبياء والرسل:

   - القاسم المشترك: جميع المذاهب الإسلامية تؤمن بوحدانية الله تعالى ورسالة الأنبياء والرسل، وبأن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء والمرسلين.

   - كيفية تجاوز الخلاف: التركيز على الأسس المشتركة كالإيمان بالله ورسوله، ووحدة الهدف في نشر قيم الإسلام التي تدعو إلى الإيمان والتقوى.

2. القرآن الكريم:

   - *القاسم المشترك: جميع المذاهب الإسلامية تعترف بقدسية القرآن الكريم واعتباره المصدر الأول للتشريع.

   - كيفية تجاوز الخلاف: التأكيد على وحدة الكتاب المقدس والاتفاق على تلاوته وتدبره بشكل جماعي، بعيدًا عن الخلافات حول تفسير بعض الآيات.

3. الصلاة (الركن الثاني من أركان الإسلام):

   - القاسم المشترك: جميع المذاهب الإسلامية تتفق على أهمية الصلاة كركن أساسي من أركان الإسلام، مع بعض الفروق في كيفية أدائها مثل طريقة رفع اليدين أو تحديد بعض التفاصيل في الصلاة.- *كيفية تجاوز الخلاف:* تعزيز الفهم المشترك في جوهر الصلاة وتأكيد معانيها الروحية والتربوية التي تجمع المسلمين بغض النظر عن اختلافاتهم في التفاصيل.

4. الصوم (الركن الرابع من أركان الإسلام):

   - القاسم المشترك:* المذاهب الإسلامية تتفق على فرضية الصوم في شهر رمضان، مع بعض الاختلافات في أحكام فقهية محدودة مثل بداية ونهاية الشهر.

   - كيفية تجاوز الخلاف:* التركيز على روحانية الصوم والتقوى والتواضع، والعمل على توحيد المجتمع في شهر رمضان عبر برامج مشتركة من الدعاء والتراويح وتبادل الدعم الاجتماعي.

5. الزكاة (الركن الثالث من أركان الإسلام):

   - القاسم المشترك:* جميع المذاهب تتفق على فرضية الزكاة كوسيلة لتطهير المال ومساعدة الفقراء، مع اختلافات في نسب الزكاة والشروط المتعلقة بها.

   - كيفية تجاوز الخلاف:* إقامة المشاريع الخيرية المشتركة والتأكيد على دور الزكاة في تعزيز العدالة الاجتماعية والتكافل بين المسلمين.

6. الحج (الركن الخامس من أركان الإسلام):

   - القاسم المشترك: جميع المذاهب الإسلامية تتفق على فرضية الحج على المسلم القادر مرة واحدة في العمر.

   - *كيفية تجاوز الخلاف:* تعزيز الشعور بالوحدة الإسلامية أثناء أداء مناسك الحج والتأكيد على أن المسجد الحرام في مكة هو قبلة المسلمين جميعًا.

7. التوحيد:

   - القاسم المشترك: جميع المذاهب الإسلامية تؤمن بتوحيد الله سبحانه وتعالى، أي أن الله واحد لا شريك له.

- كيفية تجاوز الخلاف: العمل على نشر مفهوم التوحيد بين المسلمين بغض النظر عن المذهب، والتركيز على أن الخلافات الفقهية ليست على جوهر التوحيد بل تتعلق بالفروع.

8. احترام الصحابة والآل:

   - القاسم المشترك: جميع المذاهب الإسلامية تحترم الصحابة وآل البيت، مع اختلاف في الطريقة التي يتناولون بها ذلك.

   - كيفية تجاوز الخلاف: تعزيز الوحدة الإسلامية بالتركيز على حب الصحابة وآل البيت والابتعاد عن الخطاب الذي يؤدي إلى الانقسام.

كيفية تجاوز الخلافات بين المذاهب:

1. الحوار المفتوح:

   - التواصل والتفاهم: من المهم أن يتم الحوار بين المذاهب الإسلامية بروح من الاحترام المتبادل، حيث يمكن أن يساهم الحوار في تقارب الآراء وتقليل الفجوات بين المذاهب.

   - استراتيجيات الحوار: يجب تبني أساليب الحوار التي تركز على التفاهم وليس التنازع، مع التأكيد على احترام الحق في الاجتهاد وتقدير الاختلافات الفقهية.

2. التأكيد على المشتركات:

   - التعاون على المشتركات: يمكن التغلب على الخلافات الفقهية عبر التأكيد على القواسم المشتركة التي تجمع المسلمين، والعمل من خلال تلك القيم الموحدة لبناء تعاون مثمر.

   - التركيز على الوحدة: تسليط الضوء على أهمية التعاون بين المسلمين في مواجهة التحديات الكبرى التي تهدد الأمة الإسلامية ككل.

3. التعلم من التنوع:

   - قبول التنوع: يمكن النظر إلى التنوع بين المذاهب الإسلامية كأمر إيجابي يُثري الفهم الديني ويمكّن من الاجتهاد في القضايا المعاصرة.

- المشتركات الثقافية:* المشاركة في الأنشطة الثقافية والدينية بين المذاهب تعزز من الاحترام المتبادل وتخفف من التوترات.

4. النية الطيبة والتسامح:*

   - النية الطيبة: ينبغي أن يسعى الجميع نحو الوحدة على أساس النية الطيبة. وإذا كانت النوايا صافية، فإن أي اختلاف يمكن أن يكون فرصة للتعلم والنمو.

   - التسامح: التسامح في التعامل مع الخلافات يعزز من الوحدة الإسلامية ويمنع الفتن التي قد تنشأ نتيجة للخلافات في الفروع.

ختامًا

رغم وجود الخلافات بين المذاهب الإسلامية، إلا أن القواسم المشتركة التي تجمع بينها كثيرة. ومن خلال تعزيز الحوار المفتوح والتسامح، يمكن للأمة الإسلامية أن تتجاوز هذه الخلافات وتبني مجتمعًا موحدًا يركز على العمل المشترك ويعزز من القيم التي يدعونا الإسلام إلى اتباعها.