غزة في عقلية الإدارة الأمريكية
محمد حسن الساعدي
المشروع الذي قدمته الادارة الامريكية الجديدة والذي ينص على تولي واشنطن ملكية مدينة غزة،والذي صرح فيه الرئيس الامريكي «دونالد ترامب» بان لن تكون هناك حاجة لوجود قوات امريكية لان أكثر من مليوني فلسطيني سيغادرون غزة طواعية والاستيلاء عليها لاجل طويل الامد وتحويله الى منتجع سياسي كبير،والذي لقي إدانة واسعة من قبل العديد من الاطراف ويعد بمثابة التطهير العرقي،وهو الامر اذي أشارت له قرارات الامم المتحدة، أن الدفع بهذا الاتجاه بالتأكيد سيدفع الولايات الى مواجهة تمرد كبير في الشرق الأوسط وسوف تكون هذه المعركة أشبه بمعركة العراق، ولكن على نطاق أوسع، وان سكان مدينة غزة اليوم هم اكثر من سكان أي مدينة عراقية قاومت القوات الامريكية التي مثلت اسوء حروب المدن التي خاضتها القوات الامريكية، بأن اعادة التوطين للفلسطينيين الطوعية امر لا يمكن تحقيقه فلن يغادر سكان غزة طواعية ولن يختفوا بصورة سحرية.
مراقبة وتجسس
التقارير الامنية تشير الى وجود اكثر من 2000 مقاتل امريكي في العراق و900 في سوريا ،وهولاء يعتبرون كقاعدة متقدمة بذريعة محاربة الارهاب ويقومون بمهمة مراقبة والتجسس على الانشطة الايرانية في المنطقة، بالإضافة الى الدعم اللوجستي لقوات سوريا الديمقراطية(قسد) والتي تتمركز في شمال سوريا وتسيطر على الحدود الشمالية مع العراق، حيث عقد المسؤولون في البنتاغون والقيادة المركزية (سنتكوم) اجتماعات مهمة لبحث الوضع الامني في المنطقة،ونقاط الاشتباك المتوقعة فيها،والتي يتوقع ان تكون في الاردن كون القواعد العسكرية هناك تكون واضحة ومكشوفة.
أوهام ترامب حول جعل غزة عظيمة مرة أخرى امر غير واقعي ولا يمكن تطبيقه نظراً لمدى سوء الظروف مقارنة بالعراق في عام 2003،إذ كان العراق دولة في الامر الواقع قبل غزو الولايات المتحدة واحتفل العراقيون بالإطاحة بصدام الذي كان طاغية غير منتخب ومكروهاً بشكل كبير وبعيداً عن المجتمع مختبئاً في قصوره العديدة. ومع ذلك تحول أتباعه البعثيون في النهاية الى تمرد قاتل يعمل على مقاومة الاحتلال الأميركي، كما إن غزة لم تعد مدينة طبيعية وهي الآن خراب، كما أن حماس الجماعة التي تسيطر على غزة تتمتع بقدر من الدعم الشعبي بعد انتخابها في عام 2006 وظلت راسخة في المجتمع منذ ذلك الحين.
محنة كبيرة
منذ تولي الرئيس الامريكي»دونالد ترامب» السلطة في كانون الثاني ليكون رسمياً رئيس الولايات المتحدة الامريكية للمرة الثانية فان الاخيرة باتت أمام محنة كبيرة أسمها سوريا، فترامب اعلن في خطابه الانتخابي انه عازم على إنهاء الصراعات في العالم والتوجه نحو الداخل الامريكي وسيعمل بصورة جدية للحد من تورط امريكا في صراعات العالم وكذلك منع عودة العصابات الداعشية والتي جعلها في مقدمة اولوياته، ولكن دون الدخول في تفاصيل الاستراتيجية التي يمكن أن يتبعها الرئيس الامريكي الجديد.
أن خطة ترامب للسيطرة على غزة من شأنها أن تجعل الولايات المتحدة العدو العام الأول في الشرق الأوسط مما يؤدي إلى زعزعة استقرار العلاقات الأميركية مع دول مثل مصر والأردن وبشكل لا يمكن إصلاحه، لان الإرهاب والتمرد لا يشكلون خطرا وجوديا على الولايات المتحدة ولكن لماذا تريد واشنطن دعوة الإرهاب والتصارع معه، بالاضافة الى إن الشعب الأميركي لابد أن يرفض هذا الجنون بكل قوة ويجب على الولايات المتحدة أن تخرج من أماكن مثل سوريا والعراق وليس أن تزيد من تعرضها للعنف في المنطقة.