الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بين مترحم على الراحل و ناقد لافكاره..  من هو الشيخ أبو إسحاق الحويني

بواسطة azzaman

بين مترحم على الراحل و ناقد لافكاره..  من هو الشيخ أبو إسحاق الحويني

عبدالقادر حداد

 

أُعلن في العاصمة القطرية الدوحة وفاة الشيخ “ ابو اسحاق الحويني “ عن عمر ناهز ال 68 عاما و الذي عانى في سنواته الاخيرة من مرض السكري و مضاعفاته التي اودت إلى بتر قدمه ،  إلى جانب إصابته بجلطات دماغية و كبدية ادت اخرها في مارس آذار الجاري 2025 إلى وفاته . ولد الشيخ ( الحويني ) العام 1956 في قرية حوين التابعة لمحافظة كفر الشيخ في مصر , و التحق بكلية اللغات ( الالسن ) في جامعة عين شمس لدراسة اللغة الإسبانية إلا انه لم يجد شغفه فيها فترك التعليم الجامعي و اتجه الى التعليم الذاتي في العلوم الشرعية و لاسيما علم الحديث المختص بالاحاديث النبوية اي الأقوال و الأفعال المنسوبة للنبي محمد صلى الله عليه و سلم ، ليصبح لاحقا متخصصا في الحديث النبوي رغم عدم حصوله على شهادة جامعية في الشريعة . تتلمذ الحويني على يد عدد من شيوخ “ الفكر السلفي “ البارزين سواء من خلال اللقاء المباشر بهم او من خلال دراسة كتبهم وأبحاثهم و كان من أبرزهم و ممن تأثر فيهم الشيخ “ محمد ناصر الدين الألباني “ و الذي اخذ عنه علم الحديث ، و قد قال عنه الالباني بأنه من اقوى طلاب الحديث ، كما تتلمذ في الفقه و اصوله و دراسة المذاهب الإسلامية عند الشيخ “ محمد نجيب المطيعي “ احد علماء الأزهر ، و اهتمّ كثيرا في دراسة كتب شيوخا اخرين من السلفية مثل “ عبدالعزيز بن باز “ ، “ مقبل بن هادي الوادعي “ ، “ ابن القيم “ و “ ابن تيمية “ . اعتمد الحويني ايضا على دراسة كتب “ ابن حجر العسقلاني “ احد علماء اهل الحديث و الذي تبنى منهجا وسطا بين الاشاعرة و السلفية و كان يميل إلى التوفيق بينهما ، و كذلك الامام “ الذهبي “ و “ الدارقطني “ اللذان لم يكونا ايضا سلفيان إلا انهما كانا على منهج اهل الحديث الذي يتوافق مع الفكر السلفي في الكثير من الجوانب . يصنف الشيخ “ الحويني “ على انه داعي اسلامي سلفي ، دعا إلى التمسك بالحديث الشريف و يعتبر السنة النبوية المرجع الثاني بعد القرأن الكريم في تفسير و فهم الشريعة ، ركز على فهم الدين و تطبيقه كما فهمه و طبقه الصحابة و التابعين ، و محاربة البدع و الخرافات و حتى الاحتفالات بالمناسبات الدينية التي لا يوجد لها اصل في السنة النبوية ، كما انه عارض التأويلات الفلسفية و العقلية في الدين و التي تبتعد عن النصوص القرأنية و الحديث . رفض الحويني التقديس لأشخاص او جماعات حتى و ان كانوا علماء او دعاة ، و كان يحث على الالتزام بالدليل الشرعي لإثبات صحة القول او الفعل المنسوب للدين ، كما انه شدد على اتباع عقيدة اهل السنة و الجماعة و اعتبر الفرق الاخرى بعيدة عن نهج السلف من الصحابة و التابعين . فيما يخص رؤيته للجهاد فكان يراه وسيلة مشروعة للدفاع عن الإسلام ضد العدوان الخارجي .

قيادة شرعية

 لكنه كان يشدد على ان الجهاد يجب ان يكون وفق ضوابط شرعية و تحت قيادة شرعية و يرفض العنف العشوائي و الجهاد غير المشروع اي المخالف لأحكام الشريعة الإسلامية و اجماع علماء الامة و الذي يؤدي إلى الفوضى و الضرر و الفتنة داخل المجتمع الواحد و العالم اجمع ، لم يكن ناشطا في السياسة بشكل مباشر لكنه كان يرى ان الحكم يجب ان يكون قائما على الشريعة الإسلامية و كان يهاجم الفكر العلماني و الليبرالي معتبرهما غزوا فكريا غربيا يسعى لتدمير الهوية الإسلامية . و في مصر كان الحويني مؤيدا بشكل عام للثورة المصرية و الانتخابات التي أسفرت عن فوز الاخوان ،  و داعما لحكومة الرئيس المصري السابق محمد مرسي حيث كان يراه رئيسا منتخبا من خلال انتخابات حرة و نزيهة رغم معارضته لفكرة الانتخابات التي كان يراها ليست من الوسائل المشروعة في الإسلام لاختيار الحاكمية مشيرا إلى ان الحاكم يجب ان يتم اختياره وفقا لمنهج الشريعة الإسلامية بما ينسجم مع الكتاب و السنة النبوية ، كما كان يؤيد فكرة إقامة دولة إسلامية وفقا لمبادىء الشريعة الإسلامية ، و لكنه سرعان ما اصبح يبدي انتقاداته و تحفظه على بعض القرارت السياسية و الاقتصادية و كيفية ادارة العلاقة مع القوى المدنية و المعارضة وكان يرى ان على مرسي و الاخوان ان يكونوا اكثر مرونة في التعامل مع الناشطين السياسيين و الاحزاب المدنية بدلا من فرض قرارت من جانب واحد دون مراعاة الآخرين ، و قد أبدى وقتها اعتراضا شديدا للتعجل في تمرير الدستور و التجاهل للتحفظات التي قدمتها القوى المدنية الاخرى . بعد الانقلاب العسكري الذي قاده الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي و عزله للرئيس محمد مرسي ، لم يعلن الحويني في البداية موقفه بشكل واضح و علني اتجاه ما حصل و لكنه و مع مرور الوقت بدأ ينتقد المواقف الصارمة التي اتخذتها حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي اتجاه جماعة الاخوان و بعض التيارات الإسلامية الأخرى في البلاد ، كما لمح في كثير من الأحيان بأنه كان يفضل ان يكون تغيير النظام في مصر عن طريق الوسائل السلمية كالحوار و التفاهمات بدلا من الخيار العسكري . يرى منتقدي الشيخ الحويني ان ارائه متشددة و غير متماشية مع متطلبات العصر ، و يرون في بعض فتاويه تقييدا للحريات الشخصية و الاجتماعية ، و بأن تفسيراته للنصوص الدينية قد لا تراعي التطورات الحديثة و التغييرات المجتمعية ، و من ابرز ارائه و أقواله التي أثارت جدلا واسعا موقفه من عمل المرأة ، حيث رأى ان خروج المرأة للعمل يؤدي إلى تضييع الأسرة و تفكك المجتمع ، كما تم انتقاده لرأيه في منع الاختلاط بين الجنسيين في المؤسسات ، و اعتباره للقوانين الوضعية مخالفة للشريعة الإسلامية . للحويني مؤلفات كثيرة نالت شهرة واسعة في العالم الإسلامي ، أبرزها :-

١- “ السلسلة الصحيحة “ جمع فيه مجموعة من الأحاديث النبوية قام بتنقيحها و شرحها و يعد من اشهر اعماله في علم الحديث .

٢- “ الزهد و الرقائق “ ركز فيه على شرح التربية الروحية و مفهوم الزهد في الإسلام .

٣-  “ فقه الحديث “ شرح فيه احكام الحديث وأثرها في الفقه الإسلامي مبينا كيفية استنباط الأحكام الشرعية من الأحاديث النبوية الصحيحة.

٤- “ المنهج القويم “ يعارض فيه فكرة الانتخابات معتبرها نظاما غربيا غير شرعيا من منظور السلفية ، و مبينا بأن اختيار الحاكمية يجب ان يكون وفقا للشريعة الإسلامية مستندا لكتاب الله و سنة رسوله .

٥- “ منهج اهل السنة في التعامل مع الاديان و المذاهب المخالفة “ يناقش فيه كيفية التعامل مع الفرق الإسلامية التي قد تختلف مع اهل السنة في مسائل العقيدة و الفقه ، إضافة إلى الاديان غير الإسلامية كاليهودية و النصرانية ، داعيا الى اتباع نهج الحوار المبني على الأدلة الشرعية و الابتعاد عن التكفير الا في الحالات الواضحة التي تتعلق بالمسائل الكبرى .

 


مشاهدات 111
الكاتب عبدالقادر حداد
أضيف 2025/03/22 - 1:07 AM
آخر تحديث 2025/03/23 - 8:43 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 290 الشهر 13184 الكلي 10574133
الوقت الآن
الأحد 2025/3/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير