الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
شيءٌ من تاريخ شرطة الجنس اللطيف في العراق

بواسطة azzaman

شيءٌ من تاريخ شرطة الجنس اللطيف في العراق

اكرم عبدالرزاق المشهداني

 

منذ تأسيس الدول، أسِّسَت معها قوات الشرطة في العالم، فمن لازِمِاتِ الدولة، أيّة دولة، وجودُ أجهزةِ شرطةٍ تحفظ الأمن والنظام، فقد بقي عمل الشرطة قروناً طويلة مقتصراً على الرجل، غير أنَّ محاولاتٍ قد بُذلت في أوائل القرن العشرين في ألمانيا وأمريكا ودول أوربية أخرى، لاستخدام العنصر النسائي في الخدمات المتعلقة بالنساء والأطفال.

وفي هذا البحث نتعرَّض لتشكيلات الشرطة النسائية في العالم بالدول التي صارت تعتمد على الشرطة النسائية، برغم الصعوبات التي تعترض العمل الشرطي النسوي، وما يتطلبه من جهد ومشقة تتعارض مع طبيعتها وتكوينها البيولوجي. وسوف نتطرق لتشكيلات الشرطة النسوية في العراق والوطن العربي والعالم.

يعود أول إشراكٍ للمرأة في ميدان العمل الشرطوي في العراق الى عام 1974 بتشكيل مرشدات المرور بموجب القرار رقم 1151 لسنة 1974 بشأن تعيين مرشدات المرور والشرطة، وذلك استنادا الى احكام الفقرة (أ) من المادة الثانية والأربعين من الدستور الموقت.  فقد قرر مجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقدة بتاريخ 24-10-1974 ما يلي:

1) يجوز تعيين خريجة الدراسة الاعدادية والفنون البيتية، بوظيفة (مرشدة) في مديريتي الشرطة والمرور العامتين، بالراتب الذي تستحقه وفق أحكام قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 (المعدل)، وذلك بعد اجتيازها دورة خاصة مدتها ثلاثة اشهر، تُفتَح في عمادة كلية الشرطة، تتناول خلالها مخصصات شهرية مقدارها عشرة دنانير.

2) تخضع المرشدة لأحكام قانون الخدمة المدنية فيما يتعلق بأمور الخدمة، وتخضع لأحكام قانون انضباط موظفي الدولة فيما له مساس بالناحية الانضباطية.

اختصاصات المرشدة

3) يصدر نظام بتعيين رُتَب المرشدة وشاراتها وعلاماتها وازيائها.

4) تُعَيَّن واجبات واختصاصات المرشدة ويحدد ارتباطها برئيسها المباشر بتعليمات يصدرها وزير الداخلية.

5) تُمنح المرشدة مخصصات ملابس رسمية مقطوعة قدرها خمسة دنانير شهريا.

6) تُعيَّن المناهج التفصيلية للدراسة والتدريب الخاصة بالدورة من قبل لجنة تضم ممثلين عن مديريتي الشرطة والمرور العامتين.

7) يُحدِّدُ وزير الداخلية عدد اللواتي يُقبلن في كل دورة.

8) يُشترط في قبول الطالبة للدورة ما ياتي:

أ‌- ان تكون عراقية الجنسية من أبٍ عراقي بالولادة وأمٍ عراقية أو عربية.

ب‌- بلغت الثامنة عشرة من العمر.

ج – سالمة من الامراض المعدية والعاهات الجسمية والعقلية التي تمنعها من القيام بواجبات الوظيفة بتقرير من لجنة طبية مختصة.

د – حسنة الأخلاق والسمعة، وغير محكوم عليها بجناية غير سياسية او جنحة مخلة بالشرف.

هـ – لا يقل طولها عن (160) سم ولا يزيد وزنها على (60) كغم.

و – على الطالبة التي تقبل في الدورة أن تقدم كفالة مصدقة من الكاتب العدل بمبلغ (200) مائتي دينار تتعهد بموجبها بالخدمة في أجهزة الشرطة والمرور بعد التخرج في الضرورة مدة لا تقل عن سبع سنوات.

9) ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية، ويتولى وزيرا الداخلية والمالية تنفيذه.

احمد حسن البكر

رئيس مجلس قيادة الثورة

نشر في الوقائع العراقية عدد 2410 في 30 / 10 / 1974

            وفور صدور القرار وبمتابعة حثيثة من وزير الداخلية الفريق أول سعدون غيدان الذي كان يقف شخصياً وبكل حماسةٍ، خلف هذه المبادرة الجديدة، باشرت مديرية المرور العامة بتلقي طلبات الراغبات بالإلتحاق بالشرطة النسائية المرورية وأطلق عليهن (مرشدات المرور) وبلغ عددهن بحدود خمسين فتاة وفق الشروط التي تضمنها قرار مجلس قيادة الثورة المشار إليه، وتم فتح دورة خاصة لهن في كلية الشرطة لمدة ثلاثة اشهر، تلقين خلالها دروسا قانونية وادارية ومرورية وفور انتهاء دورتهن تم توزيعهن على قواطع المرور بمدينة بغداد، وشرعنَ بالعمل في التقاطعات المرورية ببغداد، وتم توزيعهن في التقاطعات الرئيسة لشوارع السعدون والكرادة والباب الشرقي والرشيد، وفقط في الفترة الصباحية (حيث اقتصرت التجربة على العاصمة بغداد بأملِ تعميم التجربة في باقي محافظات العراق).

         استقبل الناس في العاصمة هذه التجربة بمزيج من المشاعر، فالبعض تلقّاها بايجابية ورحّب بهذه الخطوة (التقدمية) وعَدّها تجسيداً للأيمان بحرية المرأة وإشراكها في العمل العام، فيما كان هناك بالجانب الآخر من تلقّاها بسلبية من خلال اعتراضات ومواقف معارضة لهذه الخطوة الجريئة (في حينها) ناظرين إليها على أنّها تجربة مستعجلة وان العراق غير مُهيأٍ اجتماعياً ونفسياً لتقبُّلِ مثل هذه الخطوة.

وللأسف فإنَّ هذه التجربة فشلت خلال بضعة أشهر وتم سحب مرشدات المرور (الشرطة النسائية) للعمل بصفة كاتبات (موظفات) داخل الإدارة العامة للمرور … حيث رافقت التجربة (إخفاقاتٌ) منها إخراجهنَّ للواجب في أشهر الصيف الحارة… وكذلك ما كُنَّ يسمعنه من تعليقات سمجة وسخيفة ومسيئة من ((بعض)) السواق غير المهذبين.. وعلى العموم، فإنَّ التجربة في وقتها كانت ((مستعجلة)) ورافقتها أخطاءٌ في التطبيق للأسف

اصحاب القرار

والمشكلة في أصحاب القرار، إذ أنهم بدأوها بواجبات شرطة المرور وأنزلوا الشرطياتِ إلى الشارع في (حَمَّارة القيظ) أو بلغة أهل بغداد في (حماوة) حر شمس الصيف الحارقة، واوقفوهن في الساحات والتقاطعات لينظمن السير!! وجعلوهن عرضة لتعليقات سواق التكسي والمتحرشين الذين يُسمِعوهن فاحش الكلام!!.

كانت (الغلطة) في اختيار أقسى مهنة، وأصعب الواجبات وهي واجبات المرور للتجربة الأولى، ولم تمض ستة أشهر حتى تمَّ سحب المرشداتِ من عملهنّ في تقاطعات الشوارع، وتحويلهن الى وظائف كتابية في المرور.. وكان يفترض مع تجربة جديدة كهذهِ، أنْ يُعملَ بالتدرج في التجربة والابتداء، مثلاً بتعيينهن في الشرطة الاجتماعية، وشرطة الأحداث، أو التحقيق في القضايا النسوية، أو في الأدلَّة الجنائية أو في الواجبات الاجتماعية للشرطة، أو الشرطة القضائية.. الخ، ..

هذه هي وجهة نظر في أبرز أسباب فشل أو إفشال التجربة الفتيّة الأولى ..

 

 

 


مشاهدات 56
الكاتب اكرم عبدالرزاق المشهداني
أضيف 2025/03/15 - 12:37 AM
آخر تحديث 2025/03/15 - 10:03 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 206 الشهر 7570 الكلي 10568519
الوقت الآن
السبت 2025/3/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير