(الزمان) ترصد المآسي بعد خروج الشوارع والإنفاق عن الخدمة
العراقيون يدفعون ثمن سنوات الإهمال والفساد والحكومة تتفرّج
فضيحة الشتاء تتجدّد وأحياء تغرق بالكامل دون محاسبة المقصّر
بغداد - قصي منذر
تسببت موجة الأمطار، للمرة الثانية خلال موسم الشتاء بغرق شوارع بغداد ومدن والمحافظات بالكامل في مشاهد مأساوية تكشف حجم الإهمال والفساد الذي ينهش البنية التحتية، فيما بدت العاصمة وكأنها تطفو فوق بحيرات من الفشل وسوء الإدارة، وسط عجز حكومي عن إيجاد حلول حقيقية لهذه الكوارث المتكررة.
جولة ميدانية
ورصد مراسل (الزمان) خلال جولة ميدانية اجراها في مناطق مختلفة من بغداد مثل الحرية والعامرية والغزالية والقادسية واليرموك والمنصور، مشاهد كارثية لم تشهدها العاصمة منذ سنوات. وأشار الى إن (الأمطار الغزيرة التي اجتاحت المدينة تسببت في غرق الشوارع الرئيسة والفرعية، بينما غابت الحوضيات بشكل شبه تام)، وأوضح إنه (برغم تأكيدات بعض المسؤولين على الاستنفار ورفع جاهزية الطواقم الخدمية، فإن الشوارع لم تشهد أي جهود حقيقية للتعامل مع الوضع، بل استمر التراخي والإهمال حتى بعد توقف الأمطار)، ورصد (انتشار مركبات المرور وطواقمها في تقاطعات الشوارع خلال الموجة المطرية)، وتابع إن (سريع الدورة هو الاخر شهد حادث تصادم مأساوي خلال الامطار، بينما تعطلت الكثير من المركبات وسط الشوارع التي تطفو بالازبال والحاويات البلاستيكية).
وأظهرت مقاطع الفيديو، غرق الطرقات في العاصمة بغداد، وبالتحديد منطقة الكرادة خارج، حيث غمرت المياه الطرقات وساوتها بالأرصفة.
بينما خرج نفق الجسر المعلق عن الخدمة بسبب ارتفاع منسوب المياه، وغرق احدى مركبات المواطنين، بالإضافة إلى قطع الطريق من تقاطع الخرطوم باتجاه نفق الزيتون، بسبب ارتفاع منسوب المياه داخل النفق.
وعلى إثر موجة الأمطار، أعلنت قيادة عمليات بغداد، في بيان امس (إستنفار كافة الجهود وارسال المركبات الاختصاصية الحوضيات، لإسناد الدوائر الخدمية لسحب مياه الامطار). وتابع رئيس مجلس محافظة بغداد عمار الحمداني، عمليات سحب مياه الامطار في جانبي الكرخ والرصافة. في وقت، أكدت محافظة بغداد، استمرار جهودها المكثفة في المناطق الطرفية بتوجيهات المحافظ عبد المطلب العلوي، عبر غرفة عمليات خاصة.
من جانبها، أعلنت أمانة بغداد، السيطرة على مياه الأمطار بنسبة 90 بالمئة في الشوارع الرئيسة، بعد هطول أمطار غزيرة بلغت 72 ملم، ما يفوق قدرة شبكة التصريف التي تتراوح بين 24 إلى 38 ملم. وقال مدير الإعلام في الأمانة محمد الربيعي في تصريح أمس إنه (تم تشغيل مضخات سحب المياه بعد توقف الأمطار، توقع إتمام سحب المياه بالكامل).
بينما غرق مخيم بزيبز في محافظة الأنبار، حيث دخلت المياه إلى الخيام، ما أدى لتضرر محتوياتها. بدوره، أعلن مدير ناحية قزانية في ديالى يحيى قنبر، وصول موجة سيول كبيرة من الأراضي الإيرانية إلى المناطق الحدودية الشرقية للمحافظة، ولاسيما في وادي الكلال ووادي ترسق الكبير. وأوضح في تصريح أمس أنه (لم تُسجل أضرار مادية أو بشرية، برغم الأمطار الغزيرة والعواصف). وفي كربلاء، تكرر المشهد ذاته، حيث غرقت الطرقات، وبلغ منسوب المياه لإطارات المركبات، فضلا عن تحول بعض الطرق إلى طينية، ولاسيما غير المعبدة منها. وأثار تكرار هذه الأزمة سنويًا غضب المواطنين الذين انتقدوا نقص الخدمات، مطالبين بحلول جذرية للبنية التحتية بدلًا من الحلول المؤقتة التي لم تعد كافية لمواجهة تغيرات الطقس. في المقابل، استنفرت مديرية مجاري كربلاء جهودها لمواجهة الفيضانات، حيث نشرت فرقها وآلياتها المتخصصة لتصريف المياه وفك الاختناقات في شبكات الصرف الصحي.
موجة امطار
كما استنفرت مديرية مجاري النجف جميع ملاكاتها وآلياتها لمواجهة موجة الأمطار، مع التركيز على سحب المياه من الشوارع والمناطق المنخفضة ومراقبة الأنفاق. ولم تسلم طرقات محافظة بابل أيضا من الأمطار، حيث غرقت وتساوت المياه مع الأرصفة، ولاسيما الرئيسة منها. من جانبه، أعلن محافظ واسط محمد جميل المياحي في بيان امس (الاستنفار الخدمي التام لكافة الدوائر الخدمية والدفاع المدني والاسعاف الفوري)، مؤكداً انه (لا توجد مخاطر للسيول والامطار طبيعية في الشريط الحدودي، ودوائر المجاري والدوائر الساندة لها متواصلة حتى الصباح لتصريف مياه الأمطار).
وفي المثنى، فقد أعلن فريق المتابعة الطارئ بالمحافظة في بيان أمس أنه (نظرا لسوء الأحوال الجوية وإستمرار هطول الأمطار الغزيرة في مختلف مناطق المحافظة، ندعو جميع المواطنين إلى تقليل الحركة خارج المنازل إلا للضرورة القصوى، حفاظًا على سلامتكم وتجنباً لأي مخاطر قد تنجم عن تجمعات المياه أو السيول)، وأشار الى ان (ملاكات الدوائر الخدمية في المحافظة، وبتوجيه مباشر من المحافظ، في حالة إستنفار تام لمعالجة الأضرار والمشاكل التي سببتها الأمطار، والعمل على تصريف المياه وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها بأسرع وقت ممكن).
وفي ذات السياق، وجه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، مديريات الوزارة التخصصية وخلية الازمة بالاستنفار التام خلال الموجة المطرية. من جهتها استنفرت هيئة الحشد الشعبي، جهدها الخدمي في بغداد للتعامل مع تجمعات مياه الأمطار.
في نفس السياق، وجه وزير الكهرباء بالاستنفار الكامل لمواجهة الظروف الجوية وهطول الأمطار. كما قامت وزارة التجارة بتفعيل فرقها الرقابية لحماية المخزون الغذائي من تأثيرات الأمطار، حيث قامت بمتابعة إجراءات الشركات لضمان سلامة المواد الغذائية.