تعدیل قانون الإنتخابات وتراجع الديمقراطية
نبز الشهرزوري
بعد تظاهرات تشرين 2019، تم اتخاذ عدة خطوات عملية في إطار مطالب المتظاهرين، منها حل الحكومة العراقية والمفوضية العلياللانتخابات وإصدار قانون رقم 31 لسنة 2019 بشأن المفوضية والمتعلق بانتخابات مجلس النواب الجديدة (قانون رقم 9 لسنة 2020 بشأن انتخابات مجلس النواب ).
هذه الخطوات الإيجابیة نحو الامام يمكن اعتبارها نموذجا جيدا لتصحیح مسار العمل الحكومي و الإستجابة لرغبات المواطنين والعملیة الدیمقراطیة في العراق، إلا أن مساعي البرلمان الاخیرة في العامين الماضيين لإلغاء قانون الانتخابات كانت خطوة لتقييد الديمقراطية في العراق.
وفي هذا المقال سنتناول التراجعات التي من شأنها تهميش الاصوات الحرة او المستقلین في البرلمان وتقليص مقاعد النساء، مقارنة بالدورة الخامسة من الانتخابات وخلق عقبات كبيرة أمام القوى الصغيرة التي لا تستطيع الفوز بالمقاعد البرلمانية. من اجل اشباع رغبات الأحزاب المتنفذة.
إن إلغاء قانون الانتخابات دون استشارة الرأي العام و المواطنين وتمرير المشروع بهدوء ، لمصلحة القوى الكبیرة فقط سيعيدنا الی مرحلة ماقبل مظاهرات 2019 ويخلق احتمالية قوية لعودة الاحتجاجات السابقة والعودة الی القانون السابق، أي إلى الجولة الرابعة من الانتخابات البرلمانية لعام 2018.
تعديل القانون تزامن مع تعدیل قانون انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023 ونشر في جريدة الوقائع العراقية (العدد 4 لسنة 2023 في 8/5/2023) ويتضمن عدة تغييرات جوهرية في القانون وكلها تخدم التحالفات والقوى الرئيسية.
اهم التغییرات عبارة عن:
النظام الانتخابي
أجريت كل الانتخابات العراقية منذ سقوط نظام البعث عام 2003 وفق نظام القائمة النسبية، باستثناء الجولة الخامسة من الانتخابات البرلمانية التي جرت تحت ضغط المظاهرات الواسعة النطاق ، و أجبرت الحكومة على الاستقالة و استبدال مفوضیة الانتخابات و تم إقرر قانون جدید یسمی قانون رقم 9 لعام 2020 «قانون انتخابات مجلس النواب العراقي « .
وحدد القانون نظام الانتخاباب، نظام الصوت الواحد غير المتحول، وأجريت الانتخابات المبكرة لمجلس النواب في أكتوبر/تشرين الأول 2021 بنظام الأغلبية غير قابل للتحویل.
في الانتخابات البرلمانية 2021، لم تتمكن القوى السياسية من المشاركة بشكل مباشر كقوائم، ولكن كان ينبغي لهم المشاركة في الانتخابات من خلال مرشحيهم، ضمن دائرة انتخابية معينة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي مهدت الطریق فيها وفتح الباب أمام المرشحين الأفراد، وتجاوز العدد النهائي للنساء العدد المحدد.
وفقا لبیانات الجنة الانتخابیة ، تمكن 43 مرشحا بصورة فردية من خارج القوى السياسية من الفوز في الانتخابات وأصبحوا أعضاء في مجلس النواب .
ومع ان كوتا النساء البالغة 25 بالمئة، اي 83 مقعداً من أصل 329 مقعداً في البرلمان ، لكن النساء فزن بأكثر من ذلك، إذ حصلن على 90مقعداً، متجاوزات عدد كوتا النساء.
لكن التعديل غيّر مرة أخرى النظام الانتخابي إلى نظام القائمة النسبية كما في الانتخابات البرلمانية لعام 2018، مما يسمح للقوى السياسية فقط بالفوز في اللعبة الانتخابية وستكون العملية صعبة للغاية بحيث لا يتمكن المرشح المستقل من الفوز بمقاعد برلمانية، ويعود الأمر أيضًا إلى الوضع السابق بالنسبة للمرأة ولا يمكن أن تفوز بأكثر من 25 بالمئة من المقاعد.
الدوائر الانتخابية
وفي الانتخابات النيابية 2021 تم تحديد الدوائر بـ 83 دائرة انتخابية بواقع من ثلاثة إلى خمسة مقاعد حسب عدد السكان، وقد شكل ذلك أساسا جيدا لضمان العدالة الجغرافية في الانتخابات وتعريف الناخبين بشكل مباشر بالمرشحين في تلك الدائرة. وبعبارة أخرى، تم تخصيص تمثيل خاص لكل منطقة جغرافية في البرلمان. ومن ناحية أخرى، تعامل الناخبون مباشرة مع المرشحين، وليس مع القوى السياسية.وكان بإمكان كل قوة سياسية ترشيح مرشحين حسب حصتها من المقاعد في الدائرة الانتخابية، إلا أن التعديل قلص عدد الدوائر إلى 18 دائرة، وسيتم التعامل مع كل محافظة كدائرة انتخابية.
- يمكن للقوائم المشاركة والتي تمثل القوى السياسية بشكل أكبر أن تحصل على ضعف حصة المقاعد في كل محافظة، مما يدل على المرونة في دعم القوى السياسية لجمع المزيد من الأصوات والفوز بمقاعد أكثر وهو ما يظهر المرونة في دعم القوى السياسية لجمع المزيد من الأصوات والفوز بمقاعد أكثر ولكن سيكون من الصعب للغاية على مرشح فردي أن يفوز في رهان الانتخابات.
نظام توزيع المقاعد
في الانتخابات البرلمانية الخامسة 2021من خلال اعتماد الدوائر الانتخابية المتعددة و نظام الاقتراع الأحادي غير قابل للتحويل، وتم تحديد المرشحين الفائزين حسب الترتيب من أعلى الأصوات إلى أقل عدد من الأصوات مع الأخذ بعين الاعتبار العدد النهائي لكوتا النساء.
لكن بعد التعديل و إلغاء القانون، فإن العراق سوف يعود مرة أخرى لاستخدام نظام سانت ليغو المعدل 1.7 في الانتخابات البرلمانية المقبلة. ، وهو ما يشكل مرة أخرى دعم للقوى السياسية الرئيسية في العراق للفوز بالمقاعد لأن معيار سانت ليغو 1.7 المعدل يستبعد القوى السياسية الصغيرة والمرشحين المستقلین من الحصول علی مقاعد في البرمان .
* الأحكام الرئيسية للقانون المعدل :
•تم نشر التعديل في جريدة الوقائع العراقیة في العدد 4 لسنة 2023 بتاريخ 8/5/2023، تعديل قانون رقم 9 لسنة 2020 بخصوص انتخابات مجلس النواب العراقي بالتوازي مع التعديل الثالث لقانون رقم 12 لسنة 2018 بشأن انتخابات مجالس المحافظات والأقضية، عشية الاستعدادات للانتخابات، تم تعديل قانون الانتخابات ، في حين ركزت وسائل الإعلام والأحزاب الأخرى على انتخابات المجالس المحافظات، كما إن عنوان التعديل لا يذكر رقم قانون انتخابات مجلس النواب العراقي و يرتبط فقط بقانون مجالس المحافظات رقم 12 لسنة 2018.
• تنص المادة الأولى على أن هذا القانون يشمل انتخابات مجلس النواب العراقي ومجالس المحافظات.
• تنص المادة 7 من قانون سانت ليجو المعدل 1.7 على أن الأصوات الصحيحة لكل قائمة ستكون على أساس التوزيع (1.7-3-5-7-9...) بناءً على عدد المقاعد في كل دائرة انتخابية.
• تنص المادة 12 على أن تكون المحافظة الواقعة ضمن نطاقها دائرة انتخابية واحدة في انتخابات مجلس النواب العراقي ومجالس المحافظات.
• تنص المادة 25 فقرة 1 على إلغاء قانون مجلس النواب العراقي رقم 9 لسنة 2020.