الرئيس الأمريكي.. سلطة مطلقة أم صلاحيات مقيدة؟
عدي طلال محمود
في حوار جمع الرئيس الامريكي مع حكام الولايات قال الرئيس الأمريكي جانيت ميلز حاكمة ولاية ماين بانها اذا لم تنفذ الأوامر التنفيذية التي اصدرها سوف يمنع عنها المعونات الفدرالية. فقالت له انا اخضع للدستور والقانون فأجابها بأنه هو القانون فأجابته إذا ارك في المحكمة . وجاء هذا الحوار في ظل استغراق الرئيس باستغلال نشوة الفوز الذي حصده في الانتخابات الاخيرة. لكن ما يلفت الانتباه هو ما اجابت به ا ميلز بانه تخضع للدستور والقانون وان خضوعها لهذه القرارات تبت به المحكمة . مما يشير إلى ان هذه النشوة لابد أن تكبح أمام دولة المؤسسات والدستور والقضاء. علما ان الولاية الاولى للرئيس قد جوبهت بكثير من القرارات القضائية التي حدت من جماحه وقيدت سلطاته فعلى سبيل المثال : في العام 2018 أصدر الرئيس ترامب أمرًا تنفيذيًا بفرض حظر سفر على مواطني عدة دول ذات أغلبية مسلمة حينها قضت المحكمة العليا بان الرئيس لديه صلاحية في مجال الهجرة لكنها ليست مطلقة وعليه تم تعديل قرار الرئيس بهذا الخصوص.
وفي العام 2019 حاول ترامب تحويل أموال مخصصة لوزارة الدفاع لبناء الجدار الحدودي مع المكسيك دون موافقة الكونغرس. لكن المحكمة أبطلت هذا القرار وقضت بأن تحويل الأموال كان غير قانوني، وأن الرئيس يحتاج إلى موافقة الكونغرس لإعادة تخصيص الأموال.
قرار سياسي
وانعكس ذلك بعد انتهاء ولايته عندما وجهت له العديد من التهم التي نجا منها بقرار سياسي وليس قضائي ذاك ان محاكمة الرئيس خاضعة الى قرار من مجلس الشيوخ. حيث وجهت له أكثر من 87 تهمة مابين تسريب وثائق ورشى الناخبين.
كل هذه القضايا تؤكد ان الرئيس يعمد الى استثمار نشوة الفوز ومحاولة تنفيذ الوعود الانتخابية حتى وان كانت غير قانونية لكنها بالنهاية سوف تصطدم بجدار الصد الدستوري والقضائي. وعلى الصعيد الخارجي ، يستمر الرئيس الأمريكي يستغرق التصريحات والوعود السياسية حول السيطرة على المدن ومنها جزيرة غرينلاند وخليج المكسيك واخيرا غزة ..ترى هل فعلا يمتلك الرئيس هذه الصلاحيات ؟ وإلى أي مدى يمكنه استخدامها ؟ وما هو دور المحكمة الاتحادية في تقييد هذه الصلاحية؟
في الحقيقة ،يتمتع الرئيس الأمريكي بصلاحيات كبيرة في الشؤون الخارجية، لكن هذه الصلاحيات ليست مطلقة وتخضع لرقابة الكونغرس والمحكمة العليا. وهذا الامر يخضع لمبدأ الضوابط والتوازنات في الدستور الأمريكي. ومبدأ الضوابط والتوازنات (Checks and Balances) هو أحد المبادئ الأساسية في النظام السياسي الأمريكي، وهو مشرع لمنع تركيز السلطة في جهة واحدة من فروع الحكومة، وبالتالي ضمان عدم استغلال السلطة أو إساءة استخدامها. هذا المبدأ يعتمد على توزيع السلطات بين الفروع الثلاثة للحكومة الفيدرالية: السلطة التشريعية (الكونغرس)، السلطة التنفيذية (الرئيس)، والسلطة القضائية (المحكمة العليا). كل فرع له صلاحيات تمكنه من مراقبة وتقييد صلاحيات الجهات الأخرى.
وعلى سبيل المثال: في قضية حرب فيتنام وصلاحيات الحرب (1973) ، استخدم الرئيس ليندون جونسون صلاحياته كقائد أعلى للقوات المسلحة لتوسيع النزاع دون موافقة صريحة من الكونغرس. أدى ذلك إلى إقرار قانون صلاحيات الحرب (War Powers Act) في 1973، الذي يحد من قدرة الرئيس على نشر القوات دون موافقة الكونغرس.
وفي قضية أخرى حول التدخل في ليبيا (2011) اذا قام أوباما بالتدخل العسكري في ليبيا دون موافقة صريحة من الكونغرس.وفي هذه القضية أكدت المحكمة بأن الرئيس يحتاج إلى موافقة الكونغرس لشن عمليات عسكرية واسعة النطاق.
من خلال تحليل هذه القرارات نلاحظ ان الرئيس الامريكي يتمتع بصلاحيات في إدارة الشؤون التنفيذية على الصعيد الخارجي والداخلي لكنها مقيدة برقابة الكونغرس والمحكمة العليا.حتى مع حصول على حزب الرئيس على الأغلبية داخل الكونغرس. لكن يبقى لهذه القرارات وتصعيدات الرئيس ما يقيدها خاصة وأنها ستؤثر على الداخل الأمريكي.
خلاصة القول ان الداخل الأمريكي يستطيع ان يقف بوجه عنجهية الرئيس ويقيدها ، لكن هل هناك في خارج الولايات المتحدة من يستطيع ان يقف بوجه هذه البلطجة؟
دكتوراه في العلوم القانونية