فلسطين.. الشعب والأرض

مصطفى حمزة مصطفى

كان شعار الصهيونية هو «شعب بلا أرض، لارض بلا شعب»، وبقي مترسخاً في الذهنية الصهيونية التي لا تستطيع أن تتعايش حتى مع نفسها لأنها ايدولوجية قامت على الكراهة والغصب والتهجير.

فلسطين ليست حدوداً جغرافية يقطنها شعبٌ مناضل، إنما هي حالة يعيشها الإنسان، وتعبيرٌ مقترن بالأرض والثورة والحياة. وربما قد صوَّر محمود درويش ذلك في ثنائية الارض- الحبيبة، حينما قال «وطني ليس حقيبة، وانا لست مسافر، أنني العاشق والأرض حبيبة»، فهذه الصورة الشعرية قد مثلت الرد الحقيقي على شعار الصهيونية. حاولت مدارس سياسية حديثة الفصل بين فكرة الارض المحضة عن مفهوم الشعب والوطنية عبر طرحها سؤالا: هل الارض كحدود جغرافية مهمة بقدر نوع الحياة التي يعيشها سكان هذه الارض؟

الجواب بالنسبة لحالة فلسطين: نعم، لأنها ثنائية غير قابلة للفصل وللتفريق، فالنضال الفلسطيني لم يرتبط بالبشر بمفردهم، بل ارتبط بالزيتون والزعتر، بالاقحوان، ولون الدم.  والدليل على كلامي العاطفي الذي لا يرقى لمقال سياسي، بل أشبه بتنهيدات شاعر، هو عجز اسرائيل عن قتل فلسطين «الفكرة» واستعاضت بذلك بأضغاث احلام تنوي نقل فلسطين «الأرض»، ولكن الغباء السياسي الذي ينم عن تخوف يصوّر لهم أن الافكار الحرة تنتهي بانتهاء الجغرافية.

وبالعودة إلى سؤال الاهمية بين الارض والحياة، فهل كانت حياة الفلسطينيين منذ 1948 حتى الآن هانئة؟ بالتأكيد إنها كانت جحيماً، ولكن الارض أيضاً هي ما يبنى عليها من الذكريات والتاريخ، فالذاكرة الفلسطينية هي التي شكلت معنى الحدود، وميّزت بين الوطن والارض، الشعب والناس، الحرية والسلام، التاريخ والذاكرة.

في ظل عجز دول بأكملها تدعي الحرية والديمقراطية عن قول لا، ولو لمرة واحدة، في وجه نتنياهو وترمب.