الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإسراء والمعراج

بواسطة azzaman

الإسراء والمعراج

عبد الكريم احمد الزيدي

 

تعد هذه الحادثة في حياة وسيرة النبي محمد (صل الله عليه وسلم) من اعظم وأهم معجزة آلهية اكرم بها الله سبحانه وتعالى أحداً من خلقه ، وهي خارقة لكل قوانين الطبيعة والإدراك بمدلولها وتوصيف ترتيب سيرتها .

قال تعالى في كتابه الكريم :

( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ، لنريه من آياتنا انه السميع البصير ) .

حيث استهلت السورة الكريمة بسبحان الله ، وكلمة ( سبحان ) علم على التنزيه المطلق للّه أن يكون له مثيل في البشر ، لا ذاتا ولا صفة ولا فعلا ،وقد جاءت بصيغة المصدر للدلالة على الإطلاق ولَم يقيدها زمن أو فاعل لتفيد فعل التسبيح للّه تعالى قبل الخلق وبعده لمن كان يسبحه أو لم يكن ، كما تدل أن ما سيأتي بعدها أمر خارج عن نطاق قدرات البشر وعقله

والإسراء هو نقل النبي ( صَل الله عليه وسلم ) بالروح والجسد كما جاء في دلالة العبد وهي صفة حيثية ، فالعبودية في البشر عادة ما تكون نقيصة وذلة ، فالسيد يأخذ خير عبده لا كما في معنى العبودية للّه فالعـــــــــــبد هنا يأخذ خير الله وبذلك تكـــــــــون شرفا ومقاما .

ولو تأملنا في السورة جيدا فأننا سنجد أن الفعل أسرى جاء بعده بتوقيت لفظ  ( ليلا ) دليل الظرف المؤكد الذي يأتي ليؤكد لمعنىً قبله وليدل إن الحدث حصل في جزء من الليل لا كما في المعنى لَو جاء معرّفا بأل التعريف التي تدل على استغراقية الحدث كما في قوله تعالى :

(يســـبحون الليل والنهار لا يفترون ) أي إن الحدث يستغرق الليل بطوله ، أما تعيين المكان من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى حيث القدس الآن والذي لم يكن في حينه مسجدا وإنما بيت المقدس بوصف الله سبحانه وتعالى بأنه سيكون مسجدا وأرضا مباركة ، والذي بني للعبادة بعد الكعبة الشريفة بأربعين عاما حيث بناه سيدنا ابراهيم ( عليه السلام ) .

مسجد حرام

وأجاز كثير من العلماء أن الإسراء بالنبي (صَل الله عليه وسلم ) جرى من بيت ام هانئ حيث كان يبيت ليلته وهو لا يختلف في المعنى حيث إن مكة بأرضها هي إشارة إلى المسجد الحرام .

وقد ذكرت الآية الكريمةً الذي باركنا حوله فاضافت البركة للمكان وَما حوله وليس كمعنى مثلا لَو جاءت بصيغة الذي باركنا من حوله لتفيد المباركة زمناً بعينه وحدودا معلومة ، قد ترفع البركة منها بعد حين من الوقت .

وقد أراد الله سبحانه وتعالى بلفظ  ( لنُريّه ) بإضافة لام التعليل لحكمة دالة إلى منهج لهذه الرحلة المباركة ولبعض من آيات خلقه وجزءا منها حيث قال :

( لنريه من آياتنا ) وهي ما جاء بوصف وحديث رسول الله ( صَل الله عليه وسلم ) وهي بعضاً من آيات خلق الله سبحانه وتعالى لعلم يعلمه هو ولغاية ربما لاتدركها الأبصار ولا تعقلها الألباب ، ليختمها بقوله تعالى ( أنه السميع البصير ) وهذا الوصف يختلف لَو جاء مثلا القدير العليم لانها ستأتي بصيغة مفهومة لما سبق في قدرة الله وعلمه ، بينما جاءت بهذه الصفة الاهـــــــــــية لتضيف معنى آخر للقدرة التي أراد بها لنبيه أن يرى ويسمع وهي حواس بشرية أقرب للإدراك والفـــــــــــهم عما سواها ..

والغريب هنا إن الله انتقل في الايات التي تلتها إلى احداث تبدو لقارئها انها لا تَأتِي بسياق الآية المباركة هذه ، ولا تشمل معناها ومقصودها ، ولكن المتبحر في قراءة القرآن وتدبره سيفهم مدلول التسبيح الذي جاء في هذه السورة لأكثر من موقع ومعنى ودلالة .

 

أما المعراج والذي هو الرحلة المكملة للإسراء فان القرآن الكريم لم يتناولها بتفصيلها وإنما جاءت على لسان النبي ( صَل الله عليه وسلم ) لأكثر من غاية ومعنى ، فقد شملت هذه الحادثة العديد من الإعجاز الذي عرج بها ( صل الله عليه وسلم ) بجناح سيدنا جبريل ( عليه السلام ) إلى السماوات السبع حتى سدرة المنتهى حيث عرش الله العظيم  .

الحمد للّه حق حمده والصلاة على من لا نبي بعده ، وإني ساكتفي بهذا القدر من تفصيل الإسراء والمعراج الذي يحتاج إلى أكثر من باب وحلقة ودرس ، ولما فِيهِ من أسباب التكريم الالٓهي لنبينا ( صَل الله عليه وسلم ) وتطمينا لقلبه الشريف وتعظيما لشأنه ومقامه الكريم بين أنبياء الله وخلقه وتمحيصا لقلوب المؤمنين وإيمانهم بدعوة الله ورسالته .


مشاهدات 87
الكاتب عبد الكريم احمد الزيدي
أضيف 2025/01/27 - 11:54 PM
آخر تحديث 2025/01/30 - 7:56 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 182 الشهر 14639 الكلي 10294604
الوقت الآن
الخميس 2025/1/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير