وزيرة الثقافة الفرنسية تطالب بتدخل سريع لإنقاذ المتحف
اللوفر يعاني وضعاً قاسياً بفعل الإستخدام المفرط
باريس- سعد المسعودي
أعلنت إدارة متحف اللوفر الباريسي أن المتحف يعاني من «حالة قاسية في الظروف واختلالات متزايدة»، ودعت إدارة المتحف الحكومة الفرنسية إلى اتخاذ اجراءات فورية منعاً لحدوث أضرار بالأعمال الفنية، وذلك بسبب الأعداد الهائلة من الزوار للمتحف الأشهر في العالم والأكثر استقطاباً للسياح، والذي حافظ على موقع الصدارة بين المتاحف العالمية باستقبال أعداد هائلة من الرواد، حتى في ظل الإغلاقات التي شهدها المتحف لأسباب مختلفة منها تنظيم دورة الألعاب الأولمبية الصيفية للعام 2023 في باريس.وطلبت إدارة متحف اللوفر في باريس ممثلة في رئيسته «لورانس دي كار « مساعدة حكومية عاجلة لترميم القصر الملكي الذي يعود تاريخه للقرن الثاني عشر الميلادي. وأرسلت دي كار رسالة لوزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي تحذر فيها من تدهور حالة المبنى الذي يستقبل أكثر من 9 ملايين زائر سنويا ويعمل فوق طاقته الاستيعابية المقدرة بأربعة ملايين زائر. ومن المتوقع أن تبلغ كلفة عمليات التجديد 500 مليون يورو وهو ما يزيد الأعباء المالية على الحكومة.وحذرت رئيسة المتحف لورانس دي كار من «ازدياد الاختلالات» في أقسام المتحف، مشددة على وجوب التدخل السريع من قبل الحكومة الفرنسية، من خلال ورشات وأعمال الصيانة والتجديد في الأقسام المختلفة من المتحف.
وبحسب وثيقة موجهة إلى وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، أكدت إدارة المتحف أن أعداد الزوار الهائلة وضعت بعض مباني وقاعات المتحف في «أوضاع مثيرة للقلق» وأصبحت ضمن المساحات المتدهورة في بعض اقسام المتحف.وتشمل هذه الاختلالات تفاعلات مع درجة الحرارة المختلفة حيث أن بعض الأقسام «لم يعد مقاوماً للمياه مما يعرض الأعمال الفنية للخطر»، بحسب الوثيقة.ظروف قاسية يواجهها رواد المتحف لدى الزيارة.. والموناليزا بحاجة إلى رعاية خاصة,وتحدثت الوثيقة أيضاً عن الظروف القاسية التي يشهدها زوار المتحف، نظراً لمساحته الكبيرة ولأقسامه المتعددة، دون توفير أماكن للاستراحة، مع غياب الخدمات التي تقدم «مواد غذائية» للسياح بالإضافة إلى المرافق الصحية غير المؤهلة بشكل كاف «حسب المعايير الدولية»، كما تقول إدارة المتحف.
واشتكت إدارة المتحف من التصميم المعماري للهرم الزجاجي الخارجي للمتحف لذي يعاب على تصميمه بأنه «غير قابل للزيارة في أيام الحر الشديد».وطلب متحف اللوفر مساعدة عاجلة من الحكومة الفرنسية لترميم وتجديد قاعات العرض العريقة فيه وتعزيز حماية الأعمال الفنية التي يضمها، والتي من أبرزها لوحة الموناليزا لليوناردو دافنشي.وحذرت دي كار، في رسالتها، من تدهور حالة المبنى الذي يعود تاريخه إلى ثمانية قرون مضت، مشيرة إلى مشاكل تتعلق بتسرب المياه «وتقلبات مقلقة في درجات الحرارة تهدد سلامة الأعمال الفنية».
بُني قصر اللوفر بباريس في أواخر القرن الثاني عشر، وظل مقر الإقامة الرسمي لملوك فرنسا عدة قرون إلى أن تخلى عنه الملك لويس الرابع عشر واتجه إلى قصر فرساي وفي عام 1793، تحول إلى متحف لعرض مجموعة من الأعمال الفنية الملكية.واستقبل متحف اللوفر في العام الماضي، « 8.7 «مليون زائر دخلوا جميعا عبر المدخل الغربي ذي الشكل الهرمي الذي صممه المعماري يو مينغ باي، والذي صار مشكلة في حد ذاته، إذ تجعل سخونة الهواء بداخله مدخل اللوفر تحت الأرض شديد الحرارة خلال الصيف.وذكرت دي كار في رسالتها أن زيارة اللوفر أصبحت «مشقة جسدية»، إذ يصعب على الزوار الوصول إلى الأعمال الفنية لعدم كفاية اللافتات ونقص المناطق المخصصة للراحة، بالإضافة إلى عدم كفاية مرافق تناول الغذاء والمرافق والصحية.
صمم اللوفر لاستقبال أربعة ملايين زائر سنويا، إلا أنه شهد إقبالا غير مسبوق بزيارة 10.2 مليون زائر في 2018. لكن دي كار التي عُينت في 2021 وضعت حدا أقصى للزوار يبلغ 30 ألفا في اليوم تجنبا للازدحام.ولم تتطرق رسالة دي كار إلى حجم التمويل، لكن مصادر صحفية ذكرت أن تكاليف التجديد قد تصل إلى 500 مليون يورو (520 مليون دولار)، وهو ما يشكل تحديا لحكومة الرئيس ايمانويل ماكرون التي تجد صعوبة في الحصول على موافقة البرلمان على ميزانيتها لعام 2025.وأفادت مصادر الاليزيه بأن المحادثات جارية بين مكتب ماكرون ووزارة الثقافة واللوفر. وأكد مصدر مطلع أن «الرئيس يتابع هذه المسألة باهتمام منذ شهور». ولم ترد وزارة الثقافة بعد على طلب للتعليق.بعد انتخاب ماكرون لأول مرة في 2017، ألقى خطاب فوزه أمام متحف اللوفر، كما كان لحدائق التويلري المحيطة بالمتحف دور مهم خلال دورة الالعاب الاولمبية بباريس في 2024.وإضافة إلى التجديد الشامل، تدرس إدارة المتحف بناء جناح جديد للوحة الموناليزا وإنشاء مدخل جديد بالجانب الشرقي لتخفيف الازدحام عند المدخل الهرمي.
وكان للوحة الموناليزا الأشهر في العالم نصيب من شكوى إدارة المتحف. حيث طالبت الإدارة باتخاذ إجراءات إضافية لحماية اللوحة أثناء العرض وتحسين ظروف عرضها أمام الزوار. وأكدت دي كار أن اللوحة رائعة الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي «تستحق عرضها في غرفة منفصلة».ومن ضمن الاقتراحات التي طرحتها مديرة المتحف، إنشاء متحف ملحق باللوفر لتخفيف الازدحام وطوابير الانتظار على الهرم الرئيسي، المصمم لاستقبال من 4 إلى 5 ملايين زائر في العام.ومع ذلك،شهد المتحف الباريسي اقبالا يقترب من ضعف القدرة على الاستيعاب في صيف 2024، بالتزامن مع تنظيم بلدية باريس للحدث الرياضي الأكبر الالعاب الاولمبية حيث اقترب عدد الزوار لأكثر من 9 مليون زائر في العام الماضي، على الرغم من إغلاق المتحف خلال فترة الحدث الرياضي، وجاءت الزيادة بمعدل ثابت مقارنة بالعام الذي سبقه 2023 وبنسبة تبلغ 15 بالمئة عن العام 2022 المتأثر بجائحة كوفيد.وأضافت إدارة المتحف أن الألعاب الأولمبية الصيفية «منحت اللوفر حضوراً عالمياً» لا سيما بفضل المرجل الاولمبي الذي احتضنته حدائق تويلري بمحاذاة المتحف.