الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أكتوبر .. المسببات والمخرجات

بواسطة azzaman

أكتوبر .. المسببات والمخرجات

خليل ابراهيم العبيدي

 

يعتقد بعض الكتاب الغربيين ،، أن الفلسطينيين ليسوا معتدلين وتكتيكيين فقط ، إنما هم مقاتلون استراتيجيون ، وهذا ما كتبه ديفيد بولوك من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط في 15 أيار عام 2017 ، وبعد استطلاع للرأي في الضفة الغربية تبين أن 45 بالمئة من الفلسطينيين يؤيدون مشروع قيام الدولتين ، وان الفصائل المسلحة في تقدير الكثير من المفكرين هي نتاج أفعال إسرائيل وهذه الفصائل لا تعيش على هامش المجتمع الفلسطيني ، إنما غائرة في أعماقه وتشاركه قوت يومه ، وان النكبة في عقل كل فلسطيني متوارثة جيلا عن جيل ، ولا يحق لأي كان أن ينكر على شعب يرزح تحت الاحتلال ، على الأقل بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1514 (د - 15) لسنة 1960 ، والذي نادى بحق الشعوب للتخلص من نير الاستعمار ،

الاسباب والدوافع وراء حركة 7 اكتوبر .

اولا .... العامل التأريخي .. لم يدر في خلد اليمين الإسرائيلي ، أن للفلسطينيين حق في أرضهم المحتلة بعد الخامس من حزيران عام 1967 ، على عكس اليسار المتمثل بحزب العمل أو الحزب الشيوعي الإسرائيلي وأحزاب يسارية أخرى ، فقد كتب الياكين هعتسني في صحيفة يعدوت احرانوت عام 2010 ، كتب يقول قبل سقوط تل حي باسبوع عام 1920 (قبل مئة عام) أنها لم تكن مسألة قطعة ارض أو قطعة ملك يهودي هنا بل مسألة بلاد إسرائيل الكبرى ، فارض السامرة والناصرة تاريخيا اراضي مقدسة ، ودولة إسرائيل اليوم لاتسير وفقا لسياسة الدولة الحديثة ، إنما سياسة احياء الدولة العبرية القديمة ، وما قانون دولة إليهود القومية الصادر في 19نوفمبر عام 2018 الا تكريسا قانونيا يجعل من العرب الفلسطينيين مواطنين من الدرجة الثانية .

ثانيا .....الاستيطان .

لغرض تحقيق أهداف إسرائيل التأريخية ، عمدت في تموز عام 1980 على إصدار قانون  (أساس اورشليم القدس عاصمة لاسرائيل ) وعمدت على تطبيق قانون يهودية الدولة العبرية منذ لحظة صدوره ، عام 2019 ، فقد تجاوزت خط الفصل العنصري (الذي أقامته هي )  دافعة جموع غفيرة من الإسرائيليين للاستحواذ تدريجيا على الأراضي الفلسطينية لغرض انشاء المستوطنات في القدس الشرقية والضفة الغربية متجاوزة بذلك قرار مجلس الامن رقم 242 لسنة 1967 والذي طالب إسرائيل بسحب قواتها من كافة الأراضي العربية المحتلة .

اعداد المستوطنين

أن إسرائيل ومنذ اربع سنوات استولت كما ذكرت الموسوعة الفلسطينية ، على ما نسبته 42 بالمئة من مساحة الضفة الغربية وقامت ىالسيطرة على 68 بالمئة من مساحة المنطقة ..ج.. لمصلحة المستوطنات ، وتم قضم 87 بالمئة من موارد الضفة الغربية الطبيعية ، و90 بالمئة من غاباتها ، و49 بالمئة من طرقها . وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية ناهز المليون مستوطن .

ثالثا...الجيش يشجع على الاستيطان

منذ العام 2017 والجيش الإسرائيلي ومن ورائه الشرطة النظامية ومن قبلهم جهاز الشاباك كل يعمل من موقعه على تشجيع المستوطنين للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ، اضافة الى قرارات الحكومة الرسمية بإنشاء البؤر الاستيطانية ، كذلك يقوم الجيش بحماية المعتدين من ردود أفعال الفلسطينيين ، ويقوم باستعمال الذخيرة الحية ضد احتجاجاتهم ، وقد بلغ عدد الشهداء منذ ثلاثة أعوام حتى السابع من أكتوبر أكثر من ثلاثة الاف شهيد ، وقبل انتفاضة طوفان القدس بدأ وزير الأمن الإسرائيلي بتسليح الشباب الإسرائيلي بالبنادق والأسلحة البيضاء للتصدي للانتفاضة ، أو منع المصلين للصلاة في الاقصى .

رابعا....احكام القضاء لصالح قضم البساتين والعقارات والأراضي .

أخذ اليمين الحاكم بزعامة نتنياهو يجر القضاء تدريجيا لصالح تغيير أجناس العقارات ، والحكم بتغيير ملكيتها ، أو إصدار أحكام يؤيد الجهات المعنية وشرعنة استيلائها على ممتلكات الفلسطينيين ، ففي القدس الشرقية على سبيل المثال وتحت فوهات البنادق صادرت إسرائيل 35 بالمئة من أراضيها بحجة المصلحة العامة ، وصنفت 87 بالمئة إلى أراض خضراء لمنع البناء عليها ، وهذا يعني يالمكشوف دفع المواطن الفلسطيني لترك ارضىه والهجرة إلى الخارج ، وكل هذه التصرفات وغيرها من آلاف التجاوزات يتم تسويتها تحت احكام القضاء ، ولا زال القضاء يعتقل أكثر من 6 آلاف مواطن فلسطيني تحت لافتة الاعتقال الإداري ، وهكذا صار القضاء عاملا إضافيا لخروج إسرائيل على الشرعية القانونية والشرعية الدولية .

خامسا....حصار غرة .

منذ العام 2008 وإسرائيل تفرض حصارها على القطاع دون فسحة أو انقطاع ، تقنن دخول الكهرباء ، تتحكم بالعلاج والدواء ، تزاحم اهاليه في الاكل والغذاء ، الاسمنت تارة ممنوع ، وتارة حديد التسليح غير مسموح ، وهذا يدخل في صناعة المفخخات ، وذاك يدمر الدبابات ، وهكذا استمر الحصار خمسة عشر عاما وألغزي يزداد آلاما .

 فما كان من حماس إلا أن تعلنها أن الحال فاق الطوفان ، وكان السابع من أكتوبر ، فقالت ليعلم العالم أن تجاهل الحصار لابد له ن حوبة واثار ، وان احتلال إسرائيل فاق بكثير ظلم الاستعمار ، فكان الرد بالحديد والنار .

7 . اكتوبر تحصيل حاصل جرائم إسرائيل .

قبل السابع من أكتوبر كانت إسرائيل تستولي بعملية مبوبة على اراضي وعقارات المواطن في الضفة الغربية ، ونتيجة لردود الأفعال كانت إسرائيل تغتال كل يوم عشرات الشباب الفلسطيني ، وقد كانت حركة حماس تقدم الانذار تلو الانذار بضرورة وقف نزيف الدم الفلسطيني ، إلا أن إسرائيل تمادت في غييها واستمر النزيف حتى جاء الرد الصاعق في السابع من أكتوبر ، ليقلب طوفان القدس معايير إسرائيل رأسا على عقب ، وانقلبت السمعة العسكرية واستخباراتها على اعقابها ، وتوقفت الموساد لتعيد النظر بهيكلها ، ولتنظر إلى من مرغ سمعتها بالتراب الفلسطيني المنهوب ، وهكذا تحول الحقد إلى عمل عسكري مچلوب ، ووقفت مساكن غزة جراء القصف الهستيري بالمقلوب وتم تدمير المشافي على المكشوف ، وظلت حماس تقاوم المحتل دون وجل أو خوف ، وفي العموم طفت الأحداث بعد طوفان القدس على سطح كل العالم .

مخرجات  .7 . اكتوبر ،

اولا....المخرجات الاستخباراتية .

لم تك استخبارات إسرائيل وموسادها بحجم ضئيل مثلما حجمها السابع من اكتوبر حين ارساها الطوفان على شاطئ موحل بدايته ماء غريق ونهايته انفاق يهرب منها الجندي الإسرائيلي ، وظل القادة من العسكريين وقادة الموساد تحت مطرقة المواطن المتسائل  وسندان القضاء المتحيير ، وهكذا تراجعت كذبة جيش الدفاع الحصين ، وتناقلت وكالات الانباء إهانات الناس للموساد الرصين ، مهما تكن نتائج الحرب على غزة ، فقد حققت حماس نصرها المبين .

ثانيا المخرجات السياسية .

منذ طوفان الأقصى ، أخذت القضية الفلسطينية تنزل تباعا من الرفوف العالية ، وأخذت الدول الغربية والاتحاد الأوربي واليابان تتداعى لحل الدولتين ، ومن قبلها صرح بايدن بالعودة إلى قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل العبرية ، وقال وزير الخارجية الامريكي انتوني بلكن في الثالث من نوفمبر ، أن المسار الافضل والوحيد لحل قضية الشرق الأوسط ، هو حل الدولتين من خلال مفاوضات سلمية ، وهذا التذكير لم يكن لولا طوفان القدس ، الذي وضع القضية الفلسطينية من جديد على طاولات المباحثات وفي مقدمة الموضوعات ، وانست عملية اكتوبر العالم قضية اوكرانيا وجعلتها في مرتبة ثانية ، في الاهتمام والاستنزاف للدول الغربية التي تحصنت وراء الأطلسي وجعلته بعبعا يخيف العالم ، هكذا هي العلاقات الدولية أنانية مطلقة حركة دائبة توتر مستمر ، ولم تعد غزة إلا مرحلة دامية بعد دماء الضفة الغربية وصولا إلى دولة فلسطينية مستقلة على اراضي ما قبل الخامس من حزيران ،  عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية .

ثالثا....التطبيع .

لو سلمنا جدلا ، أن التطبيع يقرب المسافات بين إسرائيل والدول العربية لحل القضية الفلسطينية ، كما يدعي البعض ، فإن هذا التسليم يجرنا إلى سؤ نوايا إسرائيل ، فلم تكن نواياها في الاحتلال والهيمنة قد تغيرت في ضؤ معاهدتي السلام بين مصر وإسرائيل والأردن وإسرائيل ، بل على العكس ، ومنذ معاهدات السلام زادت إسرائيل من وتيرة قمعها للشعب الفلسطيني ، وتسارعت خطاها في قضم الأراضي الفلسطينية ، وشطبت بالاحرف النهائية على اتفاقيات أوسلو ، بل وصارت تهزأ بكل قواعد الشرعية الدولية.

أن ما قامت به حماس وان كان ردا على أفعال إسرائيل الدموية ، إلا أنه كان عملا بطوليا مهما قيل بحقه ، عملا وضع القضية الفلسطينية في أحرج زاوية وانزلها بحق من الرفوف العالية.

 

 

 


مشاهدات 551
الكاتب خليل ابراهيم العبيدي
أضيف 2023/12/04 - 3:30 PM
آخر تحديث 2024/07/15 - 7:33 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 332 الشهر 7900 الكلي 9369972
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير