الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
غزّة..غياب اليونسكو وخواء الإتفاقيات

بواسطة azzaman

غزّة..غياب اليونسكو وخواء الإتفاقيات

قيس حسين رشيد

 

مرّةً أخرى تجد منظمة اليونسكو والاتفاقيات الدولية الخاصة بالشأن الثقافي (  وأهمها اتفاقية التراث العالمي )  نفسها عاجزة أمام آلة الحرب والقرصنة والعنجهية وهي تفتك بالمواقع الاثرية  المسجلة على اللائحة العالمية ،تلك اللائحة التي تبذل الدول الأطراف بالاتفاقية جهوداً مضنية من أجل إدراج ما لديها من شواهد أثرية وطبيعيةلتكون إرثاً عالمياً يخص البشرية جمعاء وليس موروثاً وطنياً تحصرهُ حدود هذه الدولة أو تلك . حدث هذا العجز بالأمس القريب في أثار مدينة تدمر السورية المدرجة على لائحة التراث العالمي عام 1980 وفي أثار مدينة الحضر العراقية المدرجة على نفس اللائحة عام 1985 وذلك عندما عاثت بمعالمهما التاريخية عصابات داعش الأرهابية نسفاً وتخريباً وسرقات إبان احتلالها لهما في المدة(2014- 2017 ) . ويحدث الان هذا العجز أمام ما تتعرض لهُ مواقع التراث العالمي الفلسطينية وخاصة تلك المواقع المدرجة على القائمة التمهيدية في مدينة غزّة وهي ( ميناء غزّة القديم  )  و  (  الاراضي الرطبة الساحلية في وادي غزّة )  من قصف وحشي مستمر تقوم به الآلة العسكرية الصهيونية بدعم ومباركة المعسكر الغربي-الاميركي المتشدق دائماً بحمايتهِ للتراث الانساني وحرصه المزيف على تاريخ واثار منطقتنا الشرق أوسطية.لقد أعترف العالم من خلال منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) بوجود خمس مواقع أثرية فلسطينية ذات أهمية عالمية إستثنائية تم إدراجها على لائحة التراث العالمي وهي موقع مدينة القدس القديمة وأسوارها المسجل عام 1981  وموقع كنيسة المهد وطريق الحج في بيت لحم المسجل عام 2012 وموقع بلد الزيتون والكرمة المسجل عام 2014 وموقع الخليل وبلدته القديمة المسجل عام 2017 وموقع مدينة أريحا القديمة الذي نال التسجيل في اللائحة العالمية مؤخراً عام 2023  .

مواقع الدول

إن هذه المواقع الفلسطينية مثلها مثل جميع مواقع الدول الاخرى التي حضيت بالاعتراف الدولي بأهميتها وفرادتها العالميه قد خضعت لدراسة وتحليل ومقارنة وكان ادراجها على لائحة التراث العالمي وفق معايير صارمة حددتها اتفاقية التراث العالمي بعشرة معايير ، ستة منها للتراث الثقافي وأربعة منها للتراث الطبيعي فضلاً عن ضرورة توفر شرطيّ الأصالة والسلامة في الموقع  وهذه المواقع جميعها  بموجب بنود اتفاقية التراث العالمي المُقرّة والمنبثقة من اليونسكو عام 1972 يجب أن تحضى بالحماية الدولية.

 وأن لا تقتصر مسؤولية المحافظة عليها على الدولة التي توجد فيها . ولهذا نقول إن الحرب الوقحة اليوم على تراث فلسطين العالمي سيخل بمعايير الاتفاقية ويفقد المواقع المسجلة شرط السلامة الواجب توفره للبقاء على اللائحة العالمية .

 ليس هذا فحسب بل إن ما يصيب مواقع التراث العالمي الفلسطينية وخاصة ما يجري الان في غزّة  لهو إنتهاك صارخ لبنود إتفاقية دولية أخرى وهي اتفاقية لاهاي لعام 1954  وهي الاتفاقية التي وضعت تعريفاً للممتلكات الثقافية شاملةً بهِ الاثار المنقولة والثابتة والمباني التراثية والمدن والاحياء التاريخية وأوجبت أن تحضى تلك الممتلكات بالحماية في حالة النزاعات المسلحة .

ولكن يبدو   إنّ الكيان الصهيوني المحتل الذي لا يضع اية حرمة لدماء الأبرياء الذين تحيلهم قذائفه أشلاءً ممزقة يومياً لا يضع في بالهِ أي احترام لأتفاقيات دولية وُضعت للمحافظة على التراث الثقافي للأنسانية . خاصة وإن قوات الاحتلال بكل حروبها السابقة والحالية كانت تمارس إبادة ممنهجة ذات طابع إثني وديني وهذا النوع من الحروب يكون مدمراً بشكل خاص للتراث الثقافي الذي غالباً ما يصبح هدفاً مباشراً ومتعمداً إذ إنّ الهدف يكمن في إلحاق الأذى بالخصم المقابل من خلال سلبهِ لشواهدهِ ورموزه الدالة على ماضيه وتاريخه وثقافته.

إن ما يحدث في غزّة يدعونا الى مراجعة الجدوى من وجود منظمات واتفاقيات دولية يُصرف عليها ميزانيات سخية ويخصص لها مقرات فارهة  ويُفرّغ لها ألاف الموظفين والخبراء دون تأثير حقيقي على الأرض ، مُستغربين من صمت إدارات تلك الجهات ومجالسها التنفيذية إزاء ما يجري على تراث غزّة من إبادة وعجزها حتى من إعلان موقفها ببيان (تشعر فيه بالقلق) كما هو ديدنها  ، وذلك أضعف الإيمان.


مشاهدات 562
الكاتب قيس حسين رشيد
أضيف 2023/11/13 - 5:12 PM
آخر تحديث 2024/06/28 - 3:42 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 134 الشهر 134 الكلي 9362206
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير