النكبة الثانية وصفقة القرن
فاتح عبد السلام
المتطرفون الإسرائيليون هتفوا في تظاهراتهم خلال اليومين الأخيرين، في الداخل أو الخارج، ملوحين بالنكبة الثانية للفلسطينيين، بحسب ما ظهر في لقطات بثتها وسائل الاعلام والتواصل.
والنكبة الأولى كانت في العام 1948 وقامت معها دولة جديدة هي « إسرائيل» اعترفت بها الأمم المتحدة بعد سنة واحدة أي في 11 آيار 1949.
منذ ذلك الزمن، هناك دول لم تعترف بإسرائيل كدولة، اذ انّ عدد الدول المعترفة هو 163 من مجموع 193 في الأمم المتحدة.
وكانت تلك النكبة تعني تشريد الشعب الفلسطيني من مدنه الرئيسية، عبر نزوح داخلي على الأرض الفلسطينية أول مرة، ثمّ انتقل التهجير ليصبح الفلسطينيون لاجئين في دول الجوار لاسيما الأردن ولبنان، وقد اجهزت في العام 1967 نكسة العرب تحت لواء الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر على الحلم الفلسطيني بل منح إسرائيل ذراعاً جديدة لتضم سيناء المصرية تحت سيطرتها سنوات مديدة حتى استعادها الرئيس محمد أنور السادات باتفاقية كمب ديفيد الشهيرة.
اتسعت رقعة اللجوء في الشتات على الفلسطينيين، وضاقت عليهم الأرض المجاز لهم العيش فيها تحت سلطتهم المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، ولكن ذلك لم يمنع اندلاع المعارك والمواجهات بين فترة وأخرى.
بعد أن ذاع صيت “ صفقة القرن” كمصطلح رنان، والتي لم يظهر للعيان منها سوى تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل واقتراب السعودية من الخط ذاته، وجدنا انّ المخاوف تتسع بسرعة لاسيما في مصر والعراق، من احتمال ان تقوم إسرائيل بتهجير مَن تبقى من الفلسطينيين وتوطينهم في سيناء المصرية وصحراء العراق الغربية، وقد رأينا القاهرة تشدد في خلال اندلاع الحرب بين إسرائيل وفصائل المقاومة في غزة في السابع من أكتوبر، على ان ترحيل الفلسطينيين الى سيناء هو خط أحمر على إسرائيل عدم تجاوزه أبداً لأنه يمس الأمن القومي المصري ، في حين انّ الوضع السياسي في العراق لم يعر تلك المخاوف أيّ اهتمام، في الأقل عبر التصريحات العلنية.
قرار إسرائيل المعلن بخنق قطاع غزة، وهو اكثر بقعة سكانية كثافة على الكوكب من خلال منع المياه والكهرباء والوقود والغاز والغذاء، سيضع اكثر من مليوني فلسطيني في غزة قريبا من خيار التهجير الجديد بما يشبه النكبة الثانية، بالرغم من انّ الحدود لم تعد سائبة كما كانت قبل خمسة وسبعين عاماً. كما العوامل المحيطة بإسرائيل تغيرت كثيراً، قسم منها لصالحها والقسم الآخر ضدها، كما في جنوب لبنان.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
