الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بلا‭ ‬حرية‭..‬‮ ‬وبلدان‭ ‬بلا‭ ‬شعوب‮

بواسطة azzaman

بلا‭ ‬حرية‭..‬‮ ‬وبلدان‭ ‬بلا‭ ‬شعوب‮

عباس الحسيني

حين‭ ‬اجتاحت‭ ‬موجة‭ ‬الغضب‭ ‬الشوارع‭ ‬الفرنسية،‭ ‬راحت‭ ‬أرصفة‭ ‬الشانزليزيه‭ ‬والمونبارناس‭ ‬تحج‭ ‬الى‭ ‬برج‭ ‬ايفل‭ ‬وقصور‭ ‬الرئاسة‭ ‬الفرنسية للخلاص‭ ‬من‭ ‬وطأة‭ ‬التمديد‭ ‬للعمر‭ ‬التقاعدي‭ ‬الى‭ ‬سن‭ ‬64‭ ‬عاما،‭ ‬فقد‭ ‬ارسلت‭ ‬تلك‭ ‬المشاهد‭ ‬العنيفة‭ ‬لإقدام‭ ‬الشرطة‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬ضرب‭ ‬المحتجين‭ ‬المسالمين رسائل‭ ‬جلية‭ ‬المضامين على‭ ‬ان‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حولنا‭ ‬يتطور‭ ‬ويتقدم‭ ‬ويتغير،‭ ‬لكن‭ ‬الذات‭ ‬الانسانية‭ ‬مازالت لا‭ ‬تؤمن‭ ‬الا‭ ‬بمبدأ‭ ‬الحرية‭ ‬ما‭ ‬استطاعت‭ ‬اليه‭ ‬سبيلا‭.‬

‭ ‬هناك‭ ‬فارق‭ ‬وبون شاسع‭ ‬بين‭ ‬الحرية‭ ‬وبين‭ ‬العدالة،‭ ‬فرسالة‭ ‬الماركسيين‭ ‬والشيوعيين‭ ‬الى‭ ‬العالم‭ ‬كانت‭ ‬متخمة‭ ‬بمفاهيم‭ ‬العدالة‭ ‬والمساواة‭ ‬والتحرر‮ ‬،‭ ‬لكنها‭ ‬اجهضت‭ ‬الحرية‭ ‬الفردية‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬وكممت‭ ‬الافواه‭ ‬وسجنت‭ ‬الادباء‭ ‬واعتقلت‭ ‬الناشطين‭ ‬ورفعت‭ ‬شعار‭ ‬انّ‭ ‬الحزب‭ ‬هو‭ ‬عقل‭ ‬وضمير‭ ‬الامة‭ !‬‮ ‬وتكرر‭ ‬الامر‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬عبر‭ ‬خطاب‮  ‬الجمهورية،‮ ‬‭ ‬التي‭ ‬تضمنت‭ ‬الامتزاج‭ ‬الاسطوري‭ ‬بين‭ ‬روح‭ ‬القانون‭ ‬وبين‭ ‬خلق‭ ‬عالم‭ ‬حر‭ ‬متعال‭ ‬في‭ ‬نظرته‭ ‬الانسانية‭ ‬والثقافية‭ ‬،‭ ‬وان‭ ‬كان‭ ‬ثمن‭ ‬ذلك‭ ‬ضرب‭ ‬اليمين‭ ‬الفرنسي‮ ‬والاوروبي‭ ‬معا‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬هتلر‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬من‭ ‬بعث‭ ‬الامة‭ ‬الجرمانية‭ ‬،‭ ‬لتصبح‭ ‬بعد‭  ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية دولة‭ ‬مارقة‭ ‬محاربة‭ ‬ومقسمة‭ ‬من‭ ‬القلب‭ ‬الى‭ ‬الاطراف‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬المانيا‭ ‬بلا‭ ‬شعب‭ ‬طموح وبلا‭ ‬احلام‭ ‬انسانية مستقبلية،‮ ‬رغم‭ ‬الارث‭ ‬الهيغلي‭ ‬النيتشوي‭ ‬واساطير‭ ‬الادب‭ ‬والموسيقى‭ ‬والمعرفة‭ ‬الشاملة،‭ ‬وفعل‭ ‬ذلك‭ ‬عدة‭ ‬قادة‭ ‬عرب‭ ‬حين‭ ‬استعبدوا‮  ‬شعوبهم‭ ‬واذلوهم،‮ ‬ولم‭ ‬يتركوا‭ ‬للشعوب‭ ‬العربية سوى‭ ‬الموت‭ ‬وتهم‭ ‬الخيانة او‭ ‬الهروب عبر البحار‭ ‬‮ ‬ملاذا

ولم‭ ‬تكن‭ ‬حصة‭ ‬التكفيريين‭ ‬والمتأسلمين‭ ‬ادنى‭ ‬في‭ ‬القتل‭ ‬والتشريد‭ ‬والتنكيل‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬اهم‭ ‬السطوة‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬مرتكزات‭ ‬الشعوب‭ ‬وسحق‭ ‬الارث‭ ‬الحضاري‭ ‬وهزيمة‭ ‬الانسان‭ ‬في‭ ‬عقر‭ ‬داره

التيارات‭ ‬القومية‭ ‬والحزبية‭ ‬والليبرالية‭ ‬البرجوازية‭ ‬والتطرف‭ ‬الديني‮  ‬بهرطقاته‭ ‬الشاذة‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬تصنع‭ ‬مستقبلا‭ ‬للشعوب‭ ‬الطموحة‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬البرلماني‭ ‬ورجل‭ ‬الدين‭ ‬ورجل‭ ‬السياسة‭ ‬ماهرين‭ ‬وماكرين‭ ‬،‮  ‬كما‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬،‭ ‬لأنّ‮ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬عالم‭ ‬المكاشفات‭ ‬وعالم‭ ‬الانفتاح‭ ‬الحر‭ ‬ولا‭ ‬سبيل‭ ‬الى‭ ‬اجهاض‭ ‬حريات‭ ‬الشعوب‮ ‬

بل‭ ‬يكفي‭ ‬خبر‭ ‬تلفاز‭ ‬صغير‭ ‬وهاتف‭ ‬نقال‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬وحشية‭ ‬المدعين‭ ‬وسلبية‭ ‬الدولة‭ ‬المارقة‭ ‬وعدم‭ ‬جدوى‭ ‬أي‭ ‬نظام‭ ‬كان‮ ‬

الحرية‭ ‬لاتأخذنا‭ ‬عنوة‭ ‬دوما‭ ‬،‮ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬مران‭ ‬وممارسة‭ ‬حضارية‭ ‬تتطلب‭ ‬خضوع‭ ‬وتفهم المؤسسات‭ ‬الدستورية‭ ‬والسلطات‭ ‬كافة‭ ‬لجعلها‭ ‬ممارسة‭ ‬طبيعية‭ ‬حيث‭ ‬انها‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬لحفظ‭ ‬كرامة‭ ‬الانسان‭ ‬وخلق‭ ‬مجتمع‭ ‬مثالي‭ ‬ومبدع‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬البرامج‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والخطط‭ ‬المادية‭ ‬ذات‭ ‬المساس‭ ‬بحرية‭ ‬الانسان‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬الجوهر‭ ‬والهوية‭ ‬الحقيقية‭ ‬وبلا‭ ‬مزايدات‭ ‬مستقبلية‭ ‬على‭ ‬عبودية‭ ‬بني‭ ‬البشر‭ ‬وجعلهم‭ ‬طما‭ ‬للبرامج‭ ‬الشيطانية‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬الامراض‭ ‬القومية والتطرف‭ ‬الديني‮  ‬والامنيات‭ ‬الفردية‭ ‬اغطية‭ ‬لها‭ ‬لسحق‭ ‬كرامات‭ ‬الشعوب‭ ‬فالحرية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬هي‭ ‬ذاتها‭ ‬خارج‭ ‬العمل‭ ‬والحرية‭ ‬الدينية‭ ‬هي‭ ‬ذات‭ ‬الحرية‭ ‬السياسية‭ ‬والمسافة‭ ‬بين‭ ‬القصر‭ ‬الحاكم‭ ‬والشارع‭ ‬الناطق‭ ‬تحددها‭ ‬هراوات‭ ‬الشرطة‭ ‬واغاني‭ ‬الثوار‮


مشاهدات 547
أضيف 2023/04/14 - 10:25 PM
آخر تحديث 2024/06/25 - 2:12 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 42 الشهر 42 الكلي 9362114
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير