الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عشرون‭ ‬سنة‭..‬وبعدها‭ ‬عشرون

بواسطة azzaman

عشرون‭ ‬سنة‭..‬وبعدها‭ ‬عشرون

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

حمل‭ ‬العراق‭ ‬أسماء‭ ‬رديفة‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬رحلته‭ ‬عبر‭ ‬الوجود،‭ ‬ومنذ‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬حين‭ ‬غزت‭ ‬جيوش‭ ‬الامريكان‭ ‬ترابه‭ ‬اندثرت‭ ‬أسماء‭ ‬ونسيت‭ ‬أخرى‭ ‬واستحدثت‭ ‬أسماء‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬متداولة‭ ‬في‭ ‬اطلاقها‭ ‬على‭ ‬مدن‭ ‬وبلدات،‭ ‬كانت‭ ‬وليدة‭ ‬مقاومة‭ ‬العراقيين‭ ‬للمحتل‭ ‬ومن‭ ‬كان‭ ‬خادما‭ ‬ذليلا‭ ‬له‭ ‬يتباهى‭ ‬بنياشين‭ ‬الخيانة‭ ‬على‭ ‬صدره‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬صنعه‭ ‬بريمر‭ ‬يقطر‭ ‬خزيا‭ ‬وتردياً

كانت‭ ‬أسماء‭ ‬الفواكه‭ ‬تقترن‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬العراقية،‭ ‬وليست‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬حكراً‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬إذ‭ ‬هناك‭ ‬بلدان‭ ‬كثيرة‭ ‬اقترنت‭ ‬بأسماء‭ ‬فاكهة‭ ‬اشتهرت‭ ‬مدنها‭ ‬بها‭. ‬غير‭ ‬انّ‭ ‬المسميات‭ ‬الوهاجة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬متداولة‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬تعود‭ ‬الى‭ ‬عقود‭ ‬ماضية‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬الحقول‭ ‬والبساتين‭ ‬في‭ ‬منأى‭ ‬عن‭ ‬الحروب‭ ‬وليست‭ ‬نهباً‭ ‬لمعسكراته‭ ‬وقصفه‭.‬

كانت‭ ‬زهرة‭ ‬البيبون‭ ‬شعاراً‭ ‬لمدينة‭ ‬الموصل‭ ‬ولاسيما‭ ‬حين‭ ‬تقترن‭ ‬بمهرجان‭ ‬الربيع‭ ‬فيها‭ ‬والذي‭ ‬سمعنا‭ ‬انهم‭ ‬يريدون‭ ‬اعادته‭ ‬بعد‭ ‬توقف‭ ‬عقدين،‭ ‬والرمان‭  ‬كان‭ ‬اسماً‭ ‬رديفاً‭ ‬لمدينة‭ ‬شهربان،‭ ‬وكذلك‭ ‬حال‭ ‬البرتقال‭ ‬مع‭ ‬ديالى‭  ‬والتين‭ ‬مع‭ ‬سنجار‭ ‬والزيتون‭ ‬مع‭ ‬بعشيقة،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬تمورالبصرة،‭ ‬والامثلة‭ ‬كثيرة،‭ ‬ولكن‭ ‬نيران‭ ‬الحروب‭ ‬الخارجية‭ ‬والداخلية‭ ‬كانت‭ ‬أكثر،‭ ‬فنالت‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬ومهدت‭ ‬للإهمال‭ ‬وتغيير‭ ‬أولويات‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬المتحطم‭ . ‬فأرض‭ ‬العراق‭ ‬زراعية‭ ‬بامتياز،‭ ‬ولكنها‭ ‬غير‭ ‬مستغلة‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬وعلمي‭ ‬صحيح،‭ ‬وبقيت‭ ‬زراعة‭ ‬محاصيل‭ ‬الفواكه‭ ‬والخضروات‭ ‬محل‭ ‬اجتهادات‭ ‬الأهالي،‭ ‬ولم‭ ‬تهتم‭ ‬الدولة‭ ‬إلا‭ ‬بالحنطة‭ ‬والشعير‭ ‬والقليل‭ ‬معهما،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انّ‭ ‬فرص‭ ‬زراعة‭ ‬الزيتون‭ ‬تتعدى‭ ‬كثيراً‭ ‬تلك‭ ‬المساحات‭ ‬المحدودة‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬بعشيقة،‭ ‬وانّ‭ ‬التين‭ ‬لم‭ ‬يجر‭ ‬توسيع‭ ‬زراعته‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬أراضي‭ ‬نينوى‭ ‬المحيطة‭ ‬وتركت‭ ‬اشجاره‭ ‬بين‭ ‬استباحة‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬وحزب‭ ‬العمال‭ ‬الدخيل‭ ‬على‭ ‬ارضنا‭.‬

عشرون‭ ‬سنة‭ ‬منذ‭ ‬ان‭ ‬جرى‭ ‬احتلال‭ ‬البلد‭ ‬في‭ ‬اكبر‭ ‬حرب‭ ‬قادتها‭ ‬أمريكا‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬كانت‭ ‬كفيلة‭ ‬بتغيير‭ ‬حتى‭ ‬نوع‭ ‬الهواء‭ ‬الذي‭ ‬يتنفسه‭ ‬العراقيون،‭ ‬إذ‭ ‬صار‭ ‬مخلوطاً‭ ‬باليورانيوم‭ ‬المنضب،‭ ‬ولم‭ ‬يتذكر‭ ‬أي‭ ‬طاقم‭ ‬سياسي‭ ‬أدعى‭ ‬انه‭ ‬نتاج‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المضحوك‭ ‬عليها‭ ‬وبها،‭ ‬مصير‭ ‬الشجرة‭ ‬العراقية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬المحاطة‭ ‬بالصحارى‭ ‬فارتفعت‭ ‬نسبة‭ ‬الجفاف‭ ‬والتصحر‭  ‬بفعل‭ ‬الإهمال‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬سمة‭ ‬الحكومات‭ ‬التي‭ ‬عرفناها‭ ‬في‭ ‬بداياتها‭ ‬تلبي‭ ‬رغبة‭ ‬صاحب‭ ‬النعمة‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬الامريكان‭ ‬ثم‭ ‬أصحاب‭ ‬النِعم‭ ‬الشخصية‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭.‬

بلاد‭ ‬الرافدين‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تصلح‭ ‬لكي‭ ‬تحمل‭ ‬هذا‭ ‬اللقب‭ ‬وقد‭ ‬حبست‭ ‬دول‭ ‬المنبع‭ ‬الماء‭ ‬عن‭ ‬ارضها،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التصدي‭ ‬بالدبلوماسية‭ ‬والعلاقات‭ ‬النفعية‭ ‬للمشاريع‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬العراق‭ ‬ضحية‭ ‬لها‭.‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬انطوت‭ ‬السنوات‭ ‬العشرون‭ ‬صرنا‭ ‬نسمع‭ ‬عن‭ ‬اتفاقات،‭ ‬هي‭ ‬قيد‭ ‬الورق‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة،‭ ‬لإصلاح‭ ‬الكهرباء‭ ‬وأخرى‭ ‬لاستثمار‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يحاسب‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬سياسي‭ ‬أو‭ ‬قضائي‭ ‬أو‭ ‬وطني،‭ ‬تلك‭ ‬الحكومات‭ ‬التي‭ ‬هدرت‭ ‬المليارات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تبني‭ ‬مدرسة‭ ‬أو‭ ‬مستشفى‭ ‬أو‭ ‬جسراً‭. ‬وكأنها‭ ‬كانت‭ ‬حكومات‭ ‬مطمئنة‭ ‬الى‭ ‬انها‭ ‬نفذت‭ ‬مهامها‭ ‬الموكلة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬تحطيم‭ ‬ركائز‭ ‬البلد‭ ‬المعنوية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مبدأ‭ ‬المواطنة،‭ ‬والمادية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الثروات،‭ ‬أحسن‭ ‬تنفيذ‭ ‬بالتمام‭ ‬والكمال‭. ‬مرت‭ ‬عشرون‭ ‬سنة‭ ‬ولا‭ ‬ضمانة‭ ‬للعراقيين‭ ‬في‭ ‬ألا‭ ‬تمر‭ ‬بعدها‭ ‬عشرون‭ ‬أخرى‭ ‬أتعس‭ ‬منها‭.‬

‭  ‬

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 467
أضيف 2023/04/10 - 3:02 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 4:50 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 402 الشهر 11526 الكلي 9362063
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير