الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
استقالة‭ ‬المسؤول‭ ‬و‭)‬المعلم‭(‬الكبير

بواسطة azzaman

استقالة‭ ‬المسؤول‭ ‬و‭)‬المعلم‭(‬الكبير

فاتح عبدالسلام

منذ‭ ‬أن‭ ‬قامت‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬قبل‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬جرى‭ ‬ابتداع‭ ‬سلوك‭ ‬ناشز‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬في‭ ‬فحواه‭ ‬ومعناه‭ ‬عن‭ ‬اية‭ ‬ممارسة‭ ‬ديكتاتورية‭ ‬مقيتة،‭ ‬وهو‭ ‬انّ‭ ‬نوّاباً‭ ‬أو‭ ‬وزراء‭ ‬يكتبون‭ ‬استقالاتهم،‭ ‬مُجبرين‭ ‬أو‭ ‬برضاهم،‭ ‬ويسلمونها‭ ‬الى‭ ‬يد‭ ‬“‭ ‬المعلم”‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬يسيّرهم‭ ‬كيف‭ ‬يشاء،‭ ‬وحين‭ ‬يخرجون‭ ‬عن‭ ‬طاعته،‭ ‬يقوم‭ ‬بإقالتهم،‭ ‬وطوال‭ ‬فترة‭ ‬بقائهم‭ ‬في‭ ‬المنصب‭ ‬يعملون‭ ‬كأجراء‭ ‬أذلاء‭ ‬مكسوري‭ ‬العين‭ ‬تحت‭ ‬يديه‭. ‬وهذه‭ ‬الممارسة‭ ‬تشبه‭ ‬عمليات‭ ‬التسقيط‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬اجهزة‭ ‬المخابرات‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ضد‭ ‬معارضين‭ ‬سياسيين،‭ ‬حين‭ ‬تقوم‭ ‬الأجهزة‭ ‬بتسجيل‭ ‬فيلم‭ ‬جنسي‭ ‬للمعارض‭ ‬مع‭ ‬امرأة‭ ‬يرتبون‭ ‬ارسالها‭ ‬اليه‭ ‬للأيفاع‭ ‬به‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬اسكاته‭ ‬أو‭ ‬جعله‭ ‬ناطقاً‭ ‬باسمهم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجلس‭ ‬ومحفل‭.‬

لكن‭ ‬هناك‭ ‬اختلافات‭ ‬بسيطة‭ ‬بين‭ ‬الحالتين،‭ ‬إذ‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬الأولى،‭ ‬تكون‭ ‬العملية‭ ‬بالتراضي‭ ‬بين‭ ‬النائب‭ ‬أو‭ ‬الوزير‭ ‬و‮»‬‭ ‬المعلم‭ ‬الكبير‮»‬‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تكون‭ ‬الحالة‭ ‬الثانية‭ ‬بالإكراه‭ ‬والتلصص‭ ‬السري‭.‬

لكن‭ ‬التصرفين‭ ‬هما‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬سافلة‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬السياسي،‭ ‬ويوحيان‭ ‬بأنّ‭ ‬عالم‭ ‬الغابة‭ ‬هو‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬كامل‭ ‬للقيم‭ ‬السامية،‭ ‬وانّ‭ ‬هناك‭ ‬بضعة‭ ‬أنفار‭ ‬تتحكم‭ ‬بمصير‭ ‬شعب‭ ‬كامل‭.‬

لو‭ ‬أتيح‭ ‬لي‭ ‬تقويم‭ ‬حالة‭ ‬توقيع‭ ‬النائب‭ ‬أو‭ ‬الوزير‭ ‬على‭ ‬استقالته‭ ‬قبل‭ ‬وصوله‭ ‬الى‭ ‬المنصب‭ ‬وايداعها‭ ‬في‭ ‬خزنة‭ ‬ذلك‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬به،‭ ‬لوجدت‭ ‬انّ‭ ‬جريمة‭ ‬النائب‭ ‬أو‭ ‬الوزير‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬جريمة‭ ‬رئيسه‭ ‬الذي‭ ‬أجبره‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فثمة‭ ‬فارق‭ ‬شاسع‭ ‬بين‭ ‬الشاري‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬يبيع‭ ‬نفسه،‭ ‬لأنّ‭ ‬مَن‭ ‬يريد‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬إرادة‭ ‬حرة‭ ‬ويمثل‭ ‬الشعب‭ ‬الحر‭ ‬لن‭ ‬يقبل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬انحطاطي‭ ‬مبتذل،‭ ‬ربّما‭ ‬ترفض‭ ‬الساقطات‭ ‬أحياناً‭ ‬أن‭ ‬يضعن‭ ‬أنفسهن‭ ‬فيه‭.‬

انّ‭ ‬العراقيين‭ ‬الصابرين‭ ‬ليسوا‭ ‬جميعاً‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بتفاصيل‭ ‬الصفقات‭ ‬التي‭ ‬يُباع‭ ‬فيها‭ ‬المنصب‭ ‬ويُشترى،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬يعاد‭ ‬بيعه‭ ‬ثانية‭ ‬والمزايدة‭ ‬عليه‭ ‬غالباً،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬تتداولها‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭.‬

‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬يريدون‭ ‬من‭ ‬العراقيين‭ ‬أن‭ ‬يصدّقوا‭ ‬أنَّ‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬وقعوا‭ ‬استقالاتهم‭ ‬قبل‭ ‬تسلم‭ ‬مناصبهم‭ ‬سيحفظون‭ ‬العهد‭ ‬الوطني‭ ‬والقسم‭ ‬الحكومي‭ ‬أو‭ ‬البرلماني‭ ‬وسيحاربون‭ ‬الفساد‭ ‬والجريمة‭ ‬ويدافعون‭ ‬عن‭ ‬استقلال‭ ‬البلاد‭ ‬وسيادتها‭ ‬وعزتها‭.‬

‭ ‬هذا‭ ‬التناقض‭ ‬هو‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬الانهيار‭ ‬الكبير‭ ‬المقبل،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يحن‭ ‬توقيته‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انه‭ ‬حتمي‭. ‬

 

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 537
أضيف 2023/01/18 - 6:57 PM
آخر تحديث 2024/07/15 - 5:45 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 303 الشهر 7871 الكلي 9369943
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير