الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
‏سرقاتهم‭ ‬الأدبية

بواسطة azzaman

‏سرقاتهم‭ ‬الأدبية

رباح آل جعفر

 

‏من‭ ‬جميل‭ ‬غناء‭ ‬فيروز‭ ‬وجمالها‭ ‬أن‭ ‬تسمع‭ ‬لها‭ ‬بمنتهى‭ ‬العذوبة‭ ‬تختصر‭ ‬لك‭ ‬الحكاية‭:‬

‏يوْم‭ ‬جيتْ‭ ‬أنا‭ ‬لْعنْدكُم

‏قَبْل‭ ‬العشا‭ ‬بنتْفِه‭ ‬

‏ولقيْتكم‭ ‬نايمين

‏وسراجكم‭ ‬مَطفِي

‏مدَّيْتْ‭ ‬إيدي‭ ‬عَ‭ ‬الحَبَق

‏لأقْطُفْ‭ ‬أنا‭ ‬قَطْفِه

‏صاحيْتْ‭ ‬بنت‭ ‬لكُم

‏يُمَّه‭ ‬يُمَّه‭ ‬حرامية‭!.‬

‏وأشهر‭ ‬هؤلاء‭ ‬الحرامية‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭. ‬سرق‭ ‬بحثاً‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬أيام‭ ‬كان‭ ‬طالباً‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬دراسته‭ ‬الجامعية‭. ‬واعترف‭ ‬بالسرقة‭ ‬واضطر‭ ‬إلى‭ ‬الانسحاب‭ ‬أعوام‭ ‬الثمانينات‭ ‬من‭ ‬الترشح‭ ‬للانتخابات‭ ‬منعاً‭ ‬للفضيحة‭!.‬

‏ووزيرة‭ ‬التعليم‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬الألمانية‭ ‬آنيته‭ ‬شافان‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬حرجاً‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬استقالتها‭ ‬بعد‭ ‬تجريدها‭ ‬من‭ ‬شهادة‭ ‬الدكتوراه‭. ‬فقد‭ ‬حدث‭ ‬أن‭ ‬اكتشفت‭ ‬جامعة‭ ‬دوسلدورف‭ ‬أن‭ ‬معالي‭ ‬الوزيرة‭ ‬قامت‭ ‬بالسطو‭ ‬على‭ ‬الآخرين،‭ ‬والاقتباس‭ ‬من‭ ‬مؤلفاتهم،‭ ‬دون‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أصحابها‭.‬

‏وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬الدفاتر‭ ‬القديمة‭ ‬فإن‭ ‬الرئيس‭ ‬المجري‭ ‬بال‭ ‬شميت‭ ‬أعلن‭ ‬استقالته‭ ‬هو‭ ‬الآخر،‭ ‬وغادر‭ ‬قصره‭ ‬للأسباب‭ ‬ذاتها‭: ‬سرقات‭ ‬فكرية‭ ‬في‭ ‬رسالته‭ ‬إلى‭ ‬الدكتوراه،‭ ‬وخيانة‭ ‬أمانة‭ ‬علمية‭.. ‬ولا‭ ‬مصادر‭ ‬في‭ ‬الهامش،‭ ‬ولا‭ ‬حياء،‭ ‬ولا‭ ‬عزاء‭!.‬

‏ومخرجنا‭ ‬الكبير‭ ‬يوسف‭ ‬شاهين‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدنيا‭ ‬جمهورية‭ ‬فاضلة‭ ‬في‭ ‬أفلامه‭ ‬ولا‭ ‬مدينة‭ ‬فاضلة،‭ ‬فغادرها‭ ‬كما‭ ‬عرفها‭ ‬أول‭ ‬مرة،‭ ‬وكان‭ ‬أحسن‭ ‬تعبير‭ ‬في‭ ‬عنوان‭ ‬فيلمه‭ ‬الأخير‭: ‬هي‭ ‬فوضى‭!.‬

‏وابن‭ ‬شهيد‭ ‬الأندلسي‭ ‬يقسو‭ ‬على‭ ‬الشعراء‭ ‬في‭ ‬رسالته‭ ‬الشهيرة‭ “‬التوابع‭ ‬والزوابع‭” ‬ويطوف‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬من‭ ‬مجالس‭ ‬الجن،‭ ‬ورحلة‭ ‬من‭ ‬رحلاتهم‭.. ‬فيعارضهم،‭ ‬ويساجلهم،‭ ‬ويفضح‭ ‬سرقاتهم‭.‬

‏وليست‭ ‬السرقات‭ ‬شعرية‭ ‬فقط‭. ‬إنما‭ ‬كتَّابنا‭ ‬يسرقون‭ ‬أيضاً،‭ ‬ويكذبون‭ ‬كذلك‭. ‬ومصطفى‭ ‬الرافعي‭ ‬اتهم‭ ‬زكي‭ ‬مبارك‭ ‬بسرقة‭ ‬كتاب‭ “‬مدامع‭ ‬العشاق‭” ‬من‭ ‬كتاب‭ “‬الزهرة‭” ‬لابن‭ ‬داود‭ ‬الظاهري‭.. ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬الاتهام‭ ‬صحيحاً‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬كبير‭. ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬يكون؟‭.‬

‏والغريب‭ ‬لم‭ ‬يسلم‭ ‬شاعر‭ ‬ولا‭ ‬كاتب‭ ‬من‭ ‬التهمة‭. ‬حتى‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬اتهموه‭ ‬بانتحال‭ ‬كتابه‭ “‬الشعر‭ ‬الجاهلي‭” ‬من‭ ‬مستشرق‭ ‬إنكليزي‭. ‬وتقرأ‭ ‬لمحمود‭ ‬محمد‭ ‬شاكر‭ ‬حكايات‭ ‬مشوقة‭ ‬عن‭ ‬خلافه‭ ‬مع‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ “‬المتنبي‭”!.‬

ومرة‭ ‬كتب‭ ‬محمد‭ ‬التابعي‭ “‬امسك‭ ‬حرامي‭” ‬والحرامي‭ ‬يعني‭ ‬موسيقار‭ ‬الأجيال‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭. ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬يسرق‭ ‬من‭ ‬بيتهوفن‭ ‬ورفاقه‭. ‬فيقتبس‭ ‬لحناً‭ ‬من‭ ‬تشايكوفسكي‭ ‬ويسطو‭ ‬على‭ ‬جملة‭ ‬موسيقية‭ ‬من‭ ‬كورساكوف‭. ‬

‏وفي‭ ‬أعوام‭ ‬الخمسينات‭ ‬اتهم‭ ‬أدباء‭ ‬مصريون‭ ‬توفيق‭ ‬الحكيم‭ ‬بسرقة‭ ‬حمار‭ ‬الشاعر‭ ‬الإسباني‭ ‬خوان‭ ‬رامون‭ ‬بعد‭ ‬سنتين‭ ‬على‭ ‬وفاة‭ ‬صاحبه‭. ‬وقال‭ ‬العقاد‭ ‬إن‭ ‬الحكيم‭ ‬سرق‭ “‬البيريَّه‭” ‬التي‭ ‬على‭ ‬رأسه‭. ‬ثمَّ‭ ‬ظهر‭ ‬أدباء‭ ‬يتهمون‭ ‬الرئيس‭ ‬أنور‭ ‬السادات‭ ‬بسرقة‭ ‬عصاه‭ ‬من‭ ‬توفيق‭ ‬الحكيم‭!.‬

‏وعندما‭ ‬أراد‭ ‬نزار‭ ‬قباني‭ ‬أن‭ ‬يشتم‭ ‬شاعرنا‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬البياتي‭ ‬قال‭: ‬إنه‭ ‬يهاجم‭ ‬في‭ ‬الليل‭ ‬أعشاش‭ ‬الشعراء‭ ‬ويسرق‭ ‬بيضهم‭!.‬

‏ومرة‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬الشاعر‭ ‬الرقيق‭ ‬صفاء‭ ‬الحيدري‭ ‬إن‭ ‬السياب‭ ‬سرق،‭ ‬عيني‭ ‬عينك،‭ ‬قصيدته‭ “‬زقاق‭” ‬وقلَّدها‭ ‬وكتب‭ ‬من‭ ‬بعدها‭ “‬المومس‭ ‬العمياء‭”!.‬

‏وقديماً‭ ‬قال‭ ‬طرفة‭ ‬بن‭ ‬العبد‭: ‬

‏ولا‭ ‬أُغيـرُ‭ ‬على‭ ‬الأَشـعـارِ‭ ‬أَسرقـهـــا‭ ‬

‏عنها‭ ‬غَنيتُ‭ ‬وشَرُّ‭ ‬الناسِ‭ ‬مَنْ‭ ‬سَرَقـا‭!.‬


مشاهدات 521
أضيف 2022/10/26 - 3:32 PM
آخر تحديث 2024/11/23 - 12:59 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 19 الشهر 9937 الكلي 10053081
الوقت الآن
الأحد 2024/11/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير