من جميل غناء فيروز وجمالها أن تسمع لها بمنتهى العذوبة تختصر لك الحكاية:
يوْم جيتْ أنا لْعنْدكُم
قَبْل العشا بنتْفِه
ولقيْتكم نايمين
وسراجكم مَطفِي
مدَّيْتْ إيدي عَ الحَبَق
لأقْطُفْ أنا قَطْفِه
صاحيْتْ بنت لكُم
يُمَّه يُمَّه حرامية!.
وأشهر هؤلاء الحرامية الرئيس الأميركي جو بايدن. سرق بحثاً في القانون أيام كان طالباً في السنة الأولى من دراسته الجامعية. واعترف بالسرقة واضطر إلى الانسحاب أعوام الثمانينات من الترشح للانتخابات منعاً للفضيحة!.
ووزيرة التعليم والبحث العلمي الألمانية آنيته شافان لم تجد حرجاً في تقديم استقالتها بعد تجريدها من شهادة الدكتوراه. فقد حدث أن اكتشفت جامعة دوسلدورف أن معالي الوزيرة قامت بالسطو على الآخرين، والاقتباس من مؤلفاتهم، دون الإشارة إلى أصحابها.
وبالعودة إلى الدفاتر القديمة فإن الرئيس المجري بال شميت أعلن استقالته هو الآخر، وغادر قصره للأسباب ذاتها: سرقات فكرية في رسالته إلى الدكتوراه، وخيانة أمانة علمية.. ولا مصادر في الهامش، ولا حياء، ولا عزاء!.
ومخرجنا الكبير يوسف شاهين لم يستطع أن يجعل من هذه الدنيا جمهورية فاضلة في أفلامه ولا مدينة فاضلة، فغادرها كما عرفها أول مرة، وكان أحسن تعبير في عنوان فيلمه الأخير: هي فوضى!.
وابن شهيد الأندلسي يقسو على الشعراء في رسالته الشهيرة “التوابع والزوابع” ويطوف عليهم في مجلس من مجالس الجن، ورحلة من رحلاتهم.. فيعارضهم، ويساجلهم، ويفضح سرقاتهم.
وليست السرقات شعرية فقط. إنما كتَّابنا يسرقون أيضاً، ويكذبون كذلك. ومصطفى الرافعي اتهم زكي مبارك بسرقة كتاب “مدامع العشاق” من كتاب “الزهرة” لابن داود الظاهري.. وربما كان الاتهام صحيحاً إلى حدّ كبير. ولماذا لا يكون؟.
والغريب لم يسلم شاعر ولا كاتب من التهمة. حتى طه حسين اتهموه بانتحال كتابه “الشعر الجاهلي” من مستشرق إنكليزي. وتقرأ لمحمود محمد شاكر حكايات مشوقة عن خلافه مع طه حسين في كتابه “المتنبي”!.
ومرة كتب محمد التابعي “امسك حرامي” والحرامي يعني موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب. قال إنه يسرق من بيتهوفن ورفاقه. فيقتبس لحناً من تشايكوفسكي ويسطو على جملة موسيقية من كورساكوف.
وفي أعوام الخمسينات اتهم أدباء مصريون توفيق الحكيم بسرقة حمار الشاعر الإسباني خوان رامون بعد سنتين على وفاة صاحبه. وقال العقاد إن الحكيم سرق “البيريَّه” التي على رأسه. ثمَّ ظهر أدباء يتهمون الرئيس أنور السادات بسرقة عصاه من توفيق الحكيم!.
وعندما أراد نزار قباني أن يشتم شاعرنا عبد الوهاب البياتي قال: إنه يهاجم في الليل أعشاش الشعراء ويسرق بيضهم!.
ومرة قال لي الشاعر الرقيق صفاء الحيدري إن السياب سرق، عيني عينك، قصيدته “زقاق” وقلَّدها وكتب من بعدها “المومس العمياء”!.
وقديماً قال طرفة بن العبد:
ولا أُغيـرُ على الأَشـعـارِ أَسرقـهـــا
عنها غَنيتُ وشَرُّ الناسِ مَنْ سَرَقـا!.