فاتح عبدالسلام
الذين حاولوا رمي شرارات الفتنة الطائفية التي ما عاد العراقيون ينخدعون بها، هم جزء من المشهد السياسي وخدّامه في الأوقات العصيبة على بعض القوى التي لا منقذ لها من ورطتها في الفشل السياسي والنكوص الوطني سوى اخافة الملايين بنيران الأحقاد.
وهذه ورقة متوقع ان يجري اللعب بها عند تعقد الأوضاع واقتراب عناوين من نهاياتها امام إرادة الملايين. لكن هناك سيناريوهات أكثر خطورة
لا يمكن استبعادها عن المشهد، لاسيما انّ الخلافات غادرت الغرف المغلقة منذ فترة وباتت في الشارع، وانّ خيار السلاح قد جرى استخدامه ولم يعد خطاً أحمر نهائياً، وهذا مؤشر للدلالة على انّ كل الذي حدث انّما كان جس نبض لما هو آت، لاسيما اذا لم تخرج العملية السياسية المنخورة بالفساد والآثام من خانة مصادرة الوطن بالشعارات الدينية الكاذبة وسواها، وفسح المجال للقوى التي يفرزها الشعب عبر مخاضه المستمر منذ سنوات بعيدة، وليس فقط منذ اندلاع انتفاضة تشرين المباركة في العام ٢٠١٩.
بعد انتهاء المناسبة الدينية في زيارة الأربعين، ستكون المواجهة حتمية، وإمّا ان تنجح القوى السياسية في تنقية ذاتها للشروع في مرحلة جديدة لها استحقاقات مختلفة عن مراحل التراضي وتكميم الافواه بالصفقات، وهذا احتمال بعيد حالياً، أو الذهاب الى احتمال الفوضى في شارع مسلح بأغلبية مذهلة، وانّ هذا السلاح لا أحد يمكن السيطرة على نيرانه حتى من الزعماء السياسيين لو حاولوا ذلك. فلا تضحكوا على أنفسكم
، انّ الوقت قصير جدا في الفرصة التي يمكن من خلالها وقف التداعي، ولا أقول الإصلاح لأن يحتاج الى سنوات عديدة.
كل ما قيل في أيام المواجهات في المنطقة الخضراء عن حقن الدم العراقي وسوى ذلك، انّما هي لغة صالونات بالمقارنة مع اللغة السائدة في المجتمع العراقي.
أخطر الفتائل التي قد تشعل الوضع من بغداد الى البصرة هي لغة الاستفزاز التي يتحدث بها السياسيون الذين لا يزالون يعيشون مرحلة الأوهام، والاحقاد وعُقد النقص المركبة، وما أكثرهم في المشهد السياسي اليوم. والشعب لم يعد يحتمل أي استفزاز.
الانفصام بين الطبقة السياسية الحاكمة او المستغلة للسلطة في السنوات الأخيرة وعموم العراقيين قد وقع وانتهى، والبلاد تعيش أحد فصول ذلك الانفصام.